عودة ترامب إلى البيت الأبيض: السيناريوهات المحتملة وتأثيراتها على الشرق الأوسط

د. علي العسلي
الخميس ، ٠٧ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤١ مساءً

تترقب العديد من الدول، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، متوقعين تغييرات جذرية قد تطرأ على السياسة الخارجية الأمريكية. ويتساءل المراقبون كيف ستؤثر ولاية جديدة لترامب على قضايا إقليمية ملتهبة مثل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، الصراع مع إيران، والحرب المستمرة في اليمن.

السياسة الأمريكية تجاه إيران

في فترة رئاسته الأولى بين 2017 و2021، انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو 2018، وأطلق حملة "الضغط الأقصى"، معيدًا فرض العقوبات الاقتصادية التي أضرت بالاقتصاد الإيراني وأثرت على العملة المحلية ومستويات المعيشة. من المتوقع أن تعود إدارة ترامب إلى تلك السياسة عند عودته للبيت الأبيض، مما قد يؤدي إلى مواجهة مفتوحة قد تشمل إغلاق مضيق هرمز وباب المندب من قِبل إيران وحلفائها.

تلك السياسات قد تدفع المنطقة نحو أزمة طاقة عالمية، مما يستدعي من الأطراف الدولية تعزيز تحالفاتها الاقتصادية والعسكرية لضمان استقرار الإمدادات. كما قد تدفع إيران إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها وعقيدتها النووية، خاصة إذا ما تعرضت مواقع نووية لهجوم. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا وإحداث تأثيرات واسعة على التجارة والاقتصاد الدولي.

القضية الفلسطينية وترامب

اتخذت إدارة ترامب خطوات مؤيدة لإسرائيل، كان أبرزها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس عام 2018، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكذلك الاعتراف بسيادتها على مرتفعات الجولان في عام 2019، مما أثار موجة من التوترات الإقليمية. بعودته الآن، ستكون مواقفه تجاه قضايا الاستيطان وحلّ الدولتين تحت المجهر، وسط دعوات متزايدة من المجتمع الدولي لمراجعة تلك الخطوات.

من المتوقع أن تُطالب الجهات الدولية ترامب بمراجعة سياساته تجاه فلسطين والفلسطينيين، والابتعاد عن دعم حكومة نتنياهو من دون شروط، لأن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة ولبنان وتصاعد التوتر في الضفة الغربية.

إذا استمر ترامب في دعم سياسة "صفقة القرن" واتفاقيات التطبيع، فقد يؤدي ذلك إلى فوضى واضطرابات، وربما إلى سقوط بعض الأنظمة الحليفة في المنطقة.

تأثير فوز ترامب على المنطقة: التحالفات الجديدة والتوازنات الإقليمية

إذا استمر ترامب في سياساته السابقة، فقد يدفع ذلك عدة دول عربية إلى توطيد العلاقات مع قوى عالمية أخرى، مثل روسيا والصين، خاصة في مجالات الاقتصاد والطاقة والتكنولوجيا. وبعد السابع من أكتوبر والتضحيات التي قدّمها الشعب الفلسطيني، قد يكون الحل الأفضل هو دعوة ترامب لمؤتمر دولي يعترف بدولة فلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة، وفقًا للمبادرة العربية وتوجهات القمة العربية الإسلامية بقيادة السعودية.

إن استمرار الضغط للانضمام لسياسات "اتفاقات أبراهام" من شأنه أن يدفع بعض الدول إلى تحالفات جديدة للحد من النفوذ الأمريكي، وقد يؤدي أيضًا إلى خسائر اقتصادية للولايات المتحدة، خاصة في مجالات الاستثمار وبيع الأسلحة، كمثال فقط بيع سلاح للسعودية بــ (110) مليار دولار. فمصالح امريكا مع العرب أكثر، (أخذ) امريكي، بينما مع اسرائيل، (عطاء) أمريكي بلا سقوف ومرهق لا ينتهي، مرهق لدافع الضرائب الامريكي.

إدارة الأزمة اليمنية

أعاد ترامب إدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب في أواخر ولايته الأولى، كما دعم محاولات تحرير مدينة الحديدة. بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، قد نشهد زيادة في الدعم الأمريكي للسلطة الشرعية اليمنية، مما قد يؤدي إلى تصعيد النزاع، وربما إلى تقليص سيطرة الحوثيين على بعض المناطق الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن هذا الدعم قد يزيد من حدة الصراع بين إيران وأمريكا، مما يؤثر على استقرار المنطقة.

خاتمة ونصيحة

إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تضع واشنطن أمام تحديات تتطلب إعادة تقييم جادة لسياساتها في منطقة الشرق الأوسط. مع ما تشهده المنطقة من حروب وتوترات متصاعدة وأزمات إنسانية، ستكون المرحلة المقبلة اختبارًا لقدرة الإدارة الأمريكية على اتباع نهج متوازن يُلبي مصالحها ويعزز استقرار المنطقة على المدى الطويل.

منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى الاستقرار، وليس إلى توترات جديدة. وقد جاء دور ترامب، ليعمل على إطفاء نيران الصراعات القائمة، لا لإشعالها من جديد، كما قال بخطاب الفوز.

وجمعتكم جميعًا مباركة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي