صراع البقاء في وطنٍ منهك

صفوان سلطان
الاثنين ، ٢١ اكتوبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٨ مساءً

في كل صباح، حينما يتوجه المواطن اليمني البسيط إلى عمله، أو بالأحرى، حينما يسعى للبحث عن فرصة عمل، لا يكون في ذهنه سوى مطلب واحد: كيف أستطيع أن أضمن قوت يومي؟ الكهرباء تنقطع لساعات، الماء قد لا يصل لأسابيع، والراتب الشهري إن وُجد، لا يتجاوز خمسين دولاراً بالكاد تسدّ احتياجات أسرته. هذه ليست رفاهية، بل متطلبات حياة بسيطة. لكن في الوقت الذي يعاني فيه المواطن، تبدو الحكومة وكأنها تعيش في عالم آخر، عالم من الاجتماعات والتصريحات المكررة التي لا تحل شيئاً.

 

وأنا، مواطن عادي، لست خبيراً اقتصادياً، ولا أملك شهادات من كبرى الجامعات الاقتصادية في العالم، لكن حتى أنا، ببساطتي، أرى ما يحدث وأشعر أنني أستطيع أن أفهم بعضاً من مشاكل الاقتصاد اليمني. فماذا لو كنت اقتصادياً محنكاً؟ أليس من المفترض أن تكون الحكومة، بطاقمها الذي يضم خبراء ومختصين، قادرة على رؤية ما أراه؟ أو ربما هم يرون، لكن لا يجرؤون على فعل شيء.

 

نحن اليوم ممنوعون من تصدير النفط والغاز، وليس بيدنا حيلة. الحوثيون يقصفون المنشآت النفطية، والحكومة تقف مكتوفة الأيدي. كيف يمكن حل هذه المعضلة؟ هل الحل أن ننتظر المساعدات الخارجية ونكتفي بذلك؟ ماذا لو قمنا بتوفير دفاع جوي لحماية منشآتنا الاقتصادية، مثلما يتم حماية معاشيق؟ هل أرواح القيادات أغلى من لقمة عيش الشعب؟!

 

ثم هناك رؤوس الأموال التي تهرب من البلاد بمليارات الدولارات إلى مصر وإثيوبيا، لأن المستثمرين فقدوا الأمل في وجود بيئة آمنة في اليمن. هذه الأموال، لو استثمرت في عدن أو حضرموت أو المهرة، كان بإمكانها بناء مصانع وخلق آلاف الوظائف. هذه الوظائف كانت ستساهم في استقرار العملة، وتحقيق دورة نقدية تعيد الحياة للسوق اليمني. هل هذه مجرد أحلام؟ لا أعتقد، بل هي حلول واقعية لا تحتاج إلى عبقرية.

 

لكن الأمر لا يتوقف هنا، ما الذي يمنع الحكومة من إصلاح مصافي عدن وتشغيلها مجدداً لتكرير النفط الموجود في خزانات ميناء الضبة؟ لماذا نستمر في استيراد مشتقات نفطية بمئات الملايين من الدولارات بينما بإمكاننا توفير العملة الصعبة وتكرير نفطنا محلياً؟ لماذا تقف الحكومة عاجزة أمام هذه الأسئلة البسيطة؟

 

ألف سؤال يتبادر إلى ذهني كل يوم. لماذا تظل الحكومة غارقة في صراعات داخلية ومناطقية؟ لماذا لا توجد إرادة حقيقية للتغيير؟ إذا كنت، المواطن البسيط، أستطيع أن أرى هذه الحلول، فماذا عن الاقتصاديين في الحكومة؟ كيف لهم ألا يروا؟ أم أنهم يرون ولا يفعلون؟

 

الحكومة تتغنى بمصفوفات وخطط لا نرى لها أثراً. في النهاية، كلما صفرت خزائن البنك المركزي، تسارع الحكومة لطلب قروض وودائع من التحالف، لتُباع بالدولار بمجرد وصولها. ما نحتاجه ليس مجرد قروض وودائع، بل نحتاج قيادة حقيقية تتعامل مع جوهر المشكلة، لا أن تظل في حالة انتظار دائم لمساعدات خارجية.

 

الصراعات المناطقية والفكرية بين قيادات الشرعية هي ما يعيق أي نهضة اقتصادية، وليست قلة الفرص. الشعب اليمني لا يطالب بالمستحيل، فقط حياة كريمة، وأمل في غدٍ أفضل. لكن إلى متى؟

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي