أعداء في العلن.. وفي السر أصحاب

د. محمد شداد
الاثنين ، ١٢ أغسطس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٧ مساءً

 

في حين أن اليمن تموت دون مقابل وتذبح دونما أدنى مسؤوليةً أو صحوة من ضمير عربي ديني أو أخلاقي تفرج الولايات المتحدة عن ستة مليارات دولار من الأموال المحتجزة من أموال الشعب الإيراني مقابل مجموعة أشخاص أمريكيون اختطفهم النظام الإيراني الحقير. 

 

لم يقتصر العهر الأخلاقي على شخوص جنس فرد أو جماعات من أمريكا وإيران، بل تعدى كل المراحل ليمارس على مستوى الدول والنخب السياسية التي تقودها، نهب أمريكي واحتجازها أموال للضغط السياسي وتحقيق المصالح، يقابله اختطاف أشخاص أبرياء للضغط أيضاً للتسويات وتحقيق المكاسب، عملية تجاوزت خطوط الصعلكة السياسية..

 

 أتذكر العرض الأمريكي على ليبيا على إثر "قضية لوكربي" وهو أن تدفع عشرة مليارات دولار مقابل السكوت عن جريمة إسقاط الطائرة الأمريكية في أجواء لوكربي! عشرة مليارات دولا مقابل الإفراج عن المقرحي وزميلة اللذان قاما بتفجير الطائرة! عشرة مليار تدفع للعصابات السياسية الأمريكية وسيغضون الطرف عن نفوق مائتان وخمسين ضحية!..

 

دمرت أمريكا العراق دولة جيشاً تاريخاً وإنسان بمقابل أكذوبة امتلاكها للاسلحة النووية، وقادت وراءها دول وأنحنت أمامها أُخر، قذف الزايدي حذائه بوجه بوش عندما وقف مبتسماً يعتذر للشعب العراقي عن الدمار الذي أصابه جراء تلك الفرية العاهرة، فرية امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، أمريكا اليوم تقف غبية أو متغابية أمام المشرع النووي الإيراني الذي يحث خطاه سريعاً لامتلاك القدرة النووية التي تهدد العرب والمسلمين، وما دعاوى تهديدهم لإسرائيل التي كانت تدعم إيران بثلاثين في المائة من مجموعة السلاح المستورد إبان الحرب العراقية الإيرانية إلا شعوذات شيطانية أخرى..

 

والدعم الخليجي الذي بلغ "32" مليار التي قدمتها دول الخليج إبان تلك الحرب مساعدةً للعراق بعد انتهاء الحرب اعتبروها ديونًا عليه، فتحت أنابيب النفط تدهورت أسعار تدهور اقتصاد العراق رفضوا مساعدته ضيقوا على صدام حسين اقتصاديًا، حتى انفجر كالطوفان جراء ذلك الفعل، تآمرت عليه دول عربية أخرى كسوريا وليبيا اللذان دعما إيران بكل ما أوتوا.. 

 كان أول صاروخ سكود أُطلق باتجاه بغداد ليبياً، ومن أطلقة من الأراضي الإيرانية ضباط ليبيون حسب إفادة اللواء نزار الخزرجي رئيس أركان الجيش العراقي إبان الحرب، فقط نكايةً سياسية وسقوط قيمي قومي عربي وديني..

 

التآمر ذاته أوقع كارثةً باليمن، بعد أن قطَّعت العراق ووزعتها فيما بينها أشلاءً أعضاًء وأطراف، هي نفسها بالتعاون مع عملاءها مريضي الأنفس، سعت لتحقيق مآربها في أرض مهود الحضارة الإنسانية والإنساني العربي المسلم السهل الممتنع، هي ذاتها جيشت تآمرت اتجرت بكل شيء لتحقيق مآربها ووضع يدها على البلد الذي جَهِلَ قيمته أهله ومحيطه..

 

 اليمن الذي ينام على بحرٍ من الثروات، ويزدهر بالأجواء الفاتنة والسواحل والجزر التي تطل على بحر العرب، الذي كان يسمى ببحر اليمن كما ورد في تاريخ ياقوت الحموي وابن كثير البلد الذي كان في عهوده منارة الدنيا تجارة وعلوم، جيوشاً قوانيناً ممالكاً تيجاناً وقصور..

 في الوقت الذي كانت تعيش الجزيرة العربية رعيًا للإبل والشاه وتفترش الرملاء وتلتحف السماء كانت اليمن كما كانت ولازال العرق الحميري السبأي الحضاري المختبيء في عروق أبنائها يُفزع ويخيف. 

على إثر ذلك تكالبت عليه الدول يقودهم الفرس وأذنابهم وأذناب أذنابهم في اليمن مهَّدوا لهم منوهم فتحوا لهم الأبواب سهَّلوا لهم المهمة، أعطوهم مفاتيح عرش بلقيس ودلوهم على مدفعية علي عبدالمغني وعبدالرقيب عبدالوهاب والشراعي والسلال كي يقصفوها..

 دلوهم على مخازن الجمهورية كي يستفرغوا مخزونها، ويخنقوا الشعب الذي كاد أن يمارس حقه الإنساني في الحرية والحياة الكريمة ويمارس الديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة، ويستغل ثرواته وقدراته دون هيمنة من أحد أو وصاية داخلية كانت أم خارجية كاد بعد مؤتمر الحوار الوطني أن يتجاوز عنق الزجاجة ويطل عل التاريخ الحديث.

 

لكن أنى ذلك لليمن المثخن بجراحه المفتوحة، والخيانات تغرس أنيابها في كل مفصل من مفاصله؟ أنى له وأعداؤه من ابنائه أكثر ممن هم وراء الحدود؟ أنى له وحملة أسفار الجهالة يحملونها قوق ظهورهم يورثونها لأحفادهم إذا ما هلكوا؟ الأسفار التي ملأتها الخرافة والمعتقدات الدينية الجهوية العرقية البالية. 

لكنها رغم بخل الغيثِ ما برحت..حبلى وفي بطنها قحطان أو كربُ

وفي أسى مقلتيها يغتلي يمنٌ...ثانٍ كحلم الصبا ينأى ويقتربُ

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي