كانت الأطراف اليمنية، قاب قوسين أو أدنى من توقيع خارطة الطريق التي أنجزت بجهود سعودية-عُمانية، من أجل الخروج من الأزمة الحادة التي تعصف باليمن!؛ والتي راح ضحيتها فوق ما يزيد عن نصف مليون إنسان يمني، بحسب خطاب الرئيس العليمي في القمة العربية بالعاصمة البحرينية - المنامة!؛
وجاء طوفان الأقصى، وما تبعه من عدوان صهيو- أمريكي على غزّة العزّ والفخار!؛
ليمتطي الحوثي بعد مدّة جواد الطوفان ، ويتهرّب من التزاماته المحلية المُلّحة. فقرر إعلان الحرب والدخول في اسناد ودعم غزّة!، وتوقّفَ التوقيع على خارطة الطريق، للسلام في اليمن؛
وطالما اختلطت الأوراق وتداخلت.. أيمكن لأبناء اليمن الظفر بــ (مِنْحَة) الصلح التسوية من قبل حماس؛ كثمرة لــ (مِحْنَّة) غزّة الباسلة، من ذلكم العدوان الوحشي الظالم من قبل الكيان الصهيوني؟!؛
أورد هذا الكلام، وأنا أرى التقارب بين الحوثي وحماس. الحوثي يدّعي الوقوف مع حماس، وحماس راضية عنه؛ بالموقف المعلن. وبالرضا يمكن يتم تجاوز الصعاب بين الأطراف اليمنية، وحل قضية اليمن المستعصية؛ وتفويت الفرصة على تجار الحروب، وبعض الدول وبعض المنظمات الدولية التي تريد بقاء الأزمة مشتعلة، لتمرير وتحقيق مصالحهم!؛
إذاً.. هذا الاستعصاء، مقدور فكّه، فيما إذا تدخلت حماس لحلحلته .. فقيامها بإفناع الحوثي وإيران، بأن التسوية في اليمن تخدم طوفان الأقصى .. إذ بتوفير الدم المسكوب على أرض اليمن، هو لصالح فلسطين وغزة والقضية برمتها.
بإمكان حماس، وهذا هو المطلوب منها لو قبلت مقترحي بالتوسط ؛ أن تكسر هذا الجليد بين اليمنيين؛ أن تكسر (القِمْر) والتعالي الموجود.
إن حماس بعد طوفان الأقصى، غير ما قبله، وأنا شخصيا أطمع في الاستفاده منها، في حل القضية اليمنية!؛
إذ أن القضية اليمنية صارت منسية من قبل العالم، والشعب اليمني قد عانى بما لا يُحتمل.. والشعب اليمني، من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، يحب غزة وفلسطين ويقدمهما على نفسه، ويستحق اتصال وتواصل من حماس !؛
إن الأطراف اليمنية بحاجة إلى جهة موثوقة، يثقون بها، لمساعدتهم لإنقاذ اليمن مما يُراد له أن يسير إليه، يحتاج لتقريب الأطراف ، والتوجّه نحو السلام المستدام؟!؛
وأظن أن حماس مؤهلة للقيام بهذا الدور، فهي الوحيدة القادرة في هذه المرحلة على المساهمة في إخراج اليمن من دائرة العنف والتوهان وفقدان البوصلة اليمنية!؛
وحماس تستطيع لماذا؟؛ لأن الحوثي يدّعي انه منخرط معها في كل التفاصيل، وما يُطلب منه من قبل حماس سيُنفذه!؛
وحماس تستطيع إقناع الحوثي بتنفيذ ما تعهد به والتزم به سابقاً.. إذ مطلوب منه أن يوقف - من أجل فلسطين- التصعيد نحو الداخل اليمني، وأن يوقف تحريك مقاتليه الذي جنّدهم وجمعهم باسم فلسطين الي الجبهات الداخلية، وأن يوقف أعتدائه بأي وسيلة على اليمنيين واليمنيات ومصالحهم كــ "موانئ تصدير النفط وتركه يُصدّر لصالح كل اليمنيين" ، وأن يوافق على فتح الطرق وإطلاق الأسرى والمعتقلين والمختطفين، وعلى رأسهم المناضل السياسي المحنك( محمد قحطان) المغيب في سجونهم ظلماً وعدوناً.
تلك لو تحققت.. لصنعت جسور بناء الثقة.. ويقيني أن حماس لو تحركت وحاولت جمع اليمنيين، لأصلحت فيما بينهم، فالصلح خير، لعلّ وعسى ان يأتي خير، لليمن واليمنيين على يديها.
فالانتصار لفلسطين وغزة يبدأ من هنا من توفير الدم اليمني؛
إذ لا أتوقع من حماس إلا الخير، ومتأكد من أنها لا تقبل أن تكون شمّاعة وسبباً لتجدد الحرب والصراع من جديد، فيما بين الحوثيين والحكومة الشرعية!؛
أو إن يساق بعض أبناء تهامة المواطنين العاديين إلى المشانق بحجة التخابر مع الامريكان والصهاينة، أملي من حماس أيضاً أن تتدخل لإطلاقهم!!؛
وقد يقال قائل إن حماس مشغولة في همّ أكبر، فلا تحرجونها في هذا الظرف!؛
أقول أن الظرف موات جداً، وقيادة حماس بإمكانها أن تزيل التصلّب والقمر، وإذا التقى اليمنيون فهم اقدر على حل مشكلاتهم بأنفسهم، والاتفاق، وقد عملوها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، حيث أوجدوا رؤية بناء الدولة اليمنية المستقبلية.
مطلوب من حماس أن تقوم بتقريب الأطراف، وتعيدهَم إلى جادة الصواب وحقن الدماء!؛
والثقة فيها مردّها إلى تصريحات ومحاضرات وخطب وتغريدات قادة الحوثة.. من انهم منخرطين بكل ما يملكون مع غزة ونصرة قضيتها، وما تريده حماس والمقاومة، سينفذونه.. فإن كان هذا هو خطابهم الظاهري والباطني كما يدّعون، فهل سيرفضون، تدخل حماس، وتدخلها هو لصالحهم وليس فيه تنازل منهم، وهو لصالح كل اليمنيين.. ستكون حماقة منهم إن رفضوا ذلك!؛
ألا يقولون أن مسألة إطلاق المحتجزين لديهم في سفينة (جلاكسي ليدر)، بيد حماس؟!؛
ألا يربطون إنهاء استهدافهم للسفن، بوقف العدوان على غزة ورفح وفك الحصار ودخول المساعدات؟!
أفلا يقول الغرب أن هناك صعوبة في توقيع خارطة الطريق الأممية في اليمن، بسبب استهداف الحوثي للسفن في البحر الأحمر..؟!؛
الأسئلة السابقة هي سر إنجاح حماس إن تدخلت وقبلت التوسط بملف اليمن، وأرادت ان تنجح بالسياسة، كما نجحت في إدارة الصراع والعمليات والإعلام مع الكيان الصهيوني والغرب!
فإن نفذوا ما تعهدوا به سابقا إكراماً الحماس كان بها.. وإن رفضوا، فكل خطاباتهم وتحشيداتهم ومواقفهم ستتبخر في السماء، وسيتبخر معها ما أكتسبه الحوثي من تأييد، نتيجة لإعلان الموقف من غزة وفلسطين وحماس، وسينتهي تواجدهم عمليا من على الأرض اليمنية !
بجاه الله يا حماس إتوسطي .. بجاه الله إقنعي الحوثي يتواضع ويجلس مع باقي الأطراف في حوار جاد بين اليمنيين، قرّبيهم بدل هذا البغي والظلم والقتل والتفرعن على أبناء بلدهم.
كل اليمنيين متعظشين للسلام.. السلام المبنى على التنازل، لا الإملاء والاستعلاء، مبنى على النزول من فوق الشجر إلى الأرض، سلام الشركاء المؤمنين بتقديم مصلحة اليمن والأمة على ماعداهما.. سلام المؤمنين بالشراكة السياسية وعدم الاقصاء والتهميش وتمرير الأراء بالقوة.. سلام المؤمنين بالحقوق المتساوية للجميع.
علي يديك يا حماس.. يمكن إنهاء الأزمة المستعصية باليمن.. ومن يدري قد تستطيعين إقناع الحوثي؟!؛
بالتخلّي عن حق الاصطفاء، وخيارات الحرب الداخلي، واستمرار العنف والتدمير والخراب، حاوريهم واقنعيهم بتنفيذ ما التزموا به سابقاً.
فتلكم هي الأسس العادلة للسلام، فكونوا عوناً لليمنيين في معركتكم المقدسة على طريق القدس.
نحن نقدر مشاغلكم.. فأنفقوا جزءاً ضئيلاً من وقتكم الثمين جداً.. وضعوا الأطراف اليمنية على المحك، وأخرجوا أنفسكم من تحمل الدماء الجديدة التي قد تزهق لا سمح الله.
تقدموا نحو يَمَنِكم، يمن المدد، بالحلول.. فأجركم عند الله عظيم، إن وفرتم إزهاق أرواح اليمنيين في حروبهم العبثية.. وأسهمتم في تقريب الحوثي لطاولة المفاوضات، فذلكم هو المغنم، والمغنم لا يتم، إلا بالمدد، فإن فعلتموها يا حماس سيحسب لكم.. وسيضاف رصيداً لكم إلى انتصاراتكم المحققة على أرض غزّة وكل فلسطين الحبيبة.
قال تعالي:
{ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} } [ الحجرات 9-10]
..صدق الله العظيم.. وجمعة مباركة..
-->