يعيش النازحون في اليمن حالة معيشية متردية للغاية، وبؤسًا يحرمهم حقهم في حياة كريمة، ولو بأدنى مستوياتها وصورها، وبعد معاناة في فصل الصيف تسببها قلة وسائل التأقلم مع ما يفرضه من سخونة في الجو، وارتفاع في درجات الحرارة، يجد النازحون أنفسهم في مواجهة ظروف قاسية أخرى مع فصل الشتاء، بموجات صقيع البرد ولياليه القارسة.
في محافظة مأرب هناك أكثر من (290) ألف أسرة نازحة، تعيش (63,674) منها أسرة في مخيمات النازحين، موزعين على (204) مخيمات، يصل تعدادهم كأفراد إلى (445,724)، وفق إحصائية رسمية حصلت عليها "إرم نيوز"، صادرة عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب.
وقال مدير الوحدة سيف ناصر مثنى، إن: "المخيمات التي يسكنها النازحون، تفتقر لأبسط مقومات البنية التحتية الأساسية، وتتكون من خيام وعدد من أنواع المأوى المتهالك، وهي غير مجهزة لمقاومة الظروف الجوية والمناخية الصعبة، ولا تقي أو تحمي من البرد القارس والمميت".
ونوه مثنى، إلى أن: "تأخر وبطء الاستجابة الإنسانية، بتوفير احتياجات المأوى وإمدادات الغذاء والدواء ولوازم الشتاء في المخيمات قد يتسبب بكارثة لا تحمد عقباها"، مؤكدًا على أن: "جميع المؤشرات توحي وتنذر بخطر وشيك، لا سيما في ظل تضاؤل وتقلّص المساعدات الإنسانية".
وذكر مدير إدارة مخيمات النازحين في مأرب، أن "انخفاض درجات الحرارة وشدة برودة الطقس، خلال العامين الماضيين، أدّى إلى وفاة عدد من الأطفال وكبار السن والمرضى من النازحين القاطنين في مخيمات النزوح".
وأشار سيف مثنى، إلى "إمكانية استخدام وسائل تدفئة غير آمنة، وذلك من خلال إيقاد شعلة نار وسط وداخل الخيام، الأمر الذي يزيد من خطر احتمالية اندلاع الحرائق، والتسبب بحالات تسمم جراء استنشاق غاز ثاني أكسيد الكربون".
وطالب "الحكومة اليمنية والمنظمات الإنسانية ذات الاختصاص، إلى التدخل الفعّال، من خلال تقديم الدعم والموارد والأدوات اللازمة والاحتياجات الأساسية والضرورية، لتحسين أوضاع النازحين في المخيمات، وإعانتهم على مواجهة الشتاء".
أحد النازحين اليمنيين، ، عن أوضاعهم وظروفهم المعيشية في مخيمات النزوح، ووصفها بأنها "صعبة وقاسية للغاية".
وقال إبراهيم نجيب جعبل، الذي يسكن في مخيم السويداء بمحافظة مأرب، إن "الخدمات في المخيمات تكاد تكون معدومة، ولا تتوافر لنا أبسط أساسيات ومقومات الحياة".
وعن برودة الجو وتحمّلهم له، يشير جعبل، إلى أن "المعاناة تتضاعف أكثر مع شدة البرودة، وتكون أكثر صعوبة، ولقلة الفرش والبطانيات نشعر وكأننا ننام في العراء، لا فرق فيها بين نومنا داخل الخيمة، أو على قارعة الطريق".
ولا تقتصر معاناة النازحين في مخيمات النزوح، على الظروف المناخية المتقلبة، بل إنهم يعانون كذلك من تفاقم سوء التغذية وانعدام للخدمات الصحية وعدم توافر العلاجات الطبية والعقاقير الدوائية، فضلاً عن صعوبة تلقي أطفالهم للتعليم، بالإضافة إلى حالتهم الاقتصادية المتردية وفقرهم المُدقع، وغيرها الكثير من تكاليف الحياة ومقوماتها.
وكانت الأمم المتحدة حذرت في بيان صادر عن هيئة تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، نهاية الشهر الماضي، من عواقب فصل الشتاء هذا العام على اليمنيين، وقالت: "سيجلب الشتاء هذا العام بردًا قارسًا وظروفًا قاسية إلى معظم أنحاء اليمن، كونه يأتي في أعقاب الأمطار الغزيرة والفيضانات". وأشارت الهيئة إلى أن درجات الحرارة قد تنخفض إلى ما دون درجة التجمد، وتوقعت أن يؤثر ذلك "على حياة نحو مليون يمني، وذلك خلال الأربعة الأشهر المقبلة، وتحديدًا بين شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إلى شهر فبراير/ شباط من العام المقبل".
الظروف الجوية القاسية والبرودة القارسة، لن تقتصر فيها المعاناة على النازحين فقط، بل ستشمل اليمنيين الذين يعيشون في المناطق المرتفعة والجبلية، إلا أن وقعها على النازحين مضاعف، إذ "سيكونون معرضين لصدمات الشتاء بشكل خاص"، وفق البيان الأممي.
وعدّدت "أوتشا" في بيانها، المحافظات اليمنية المُعرّضة لأعلى مخاطر الطقس الشتوي القاسي، وذكرت من بينها محافظة مأرب شمال شرق البلاد، والتي تضم بين جنباتها أكبر عدد من الأسر والأشخاص النازحين ومخيمات النزوح.
المصدر/ إرم نيوز