تعيد الحرب تشكيل كل شيء في حياة الناس، تخلق عالمها الخاص، وحين تستمر لفترات طويلة. تطور الشعوب آليات العيش وسط الخراب، تتغير طريقتهم في الأكل والشرب والسكن والزواج، تتغير تعريفاتهم لأنفسهم ولمعاني حياتهم، تتغير خططهم الطويلة والقصيرة وإعادة ترتيب اولوياتهم واحتياجاتهم.
لم تنته الحرب بعد في اليمن، ولا أفق لنهايتها قريباً، فهل ننتظر توقفها لنعيش تحت رحمة المساعدات الإنسانية من الخارج، أم نقتات الأمل الكاذب في صحوة الضمير العالمي، وتشبع قادة الصراع من مشاهد الدماء والجثث، أم يتعين على كافة الجهات المحلية الفاعلة من منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية، والسلطات المحلية، والقطاع الخاص التفكير في التعافي الاقتصادي واستعادة دور مؤسسات الدولة، وتحديد احتياجات البلد وتنمية وإدارة موارده.
إن دروس التاريخ تؤكد بأن عشرات البلدان نهضت من بين رماد الحرب، وكان نهوضها بحجم أسباب الحرب وموعظة الدَّم الذي دفعته، وقدرتها على الإبداع وابتكار الحلول.
وحتى يختصر اليمنيون الوقت والكلفة عليهم تبني عملية شاملة ومتكاملة لتعافي اليمن، تضم جميع القطاعات، والجهات الفاعلة، والقوى الخيرة، وتشمل المجتمع اليمني بأسره. كما يجب ألا يقتصر الاعداد لعملية للتعافي على الاستثمار في إعادة إعمار البنى التحتية بل يجب أن يتعداها إلى ما هو أبعد من بحيث يوضع الاستثمار في رأس المال البشري في قلب كافة عمليات التعافي.
إن إمكانية التعافي في اليمن ليست خيالاً بعيد المنال. إنها فرصة في الواقع، في بلد موارده الطبيعية مهدرة، وثرواته المتنوعة غير مستغلة، فالمشاريع الكبيرة تولد من رحم الأزمات، ولكي تصبح طبيباً جيداً كن طبيباً أثناء الحرب، وإذا لديك القدرة على زراعة الأمل والتغيير في بلدك ومدينتك وقريتك فافعل، كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في اليمن.
-->