تواصل الحرب في اليمن استنزاف الأرواح والطاقات المختلفة ، وتواصل حصد أرواح اليمنيين في كل مختلف المناطق بلا استثناء، وتستمر الجهود غير المخلصة في السعي نحو السلام الذي يحاول الحوثيون رسم خارطته بدعمٍ قوي جداً ومؤثر من إيران، ومازال الفشل أيضاً هو الوجه الأبرز لتحركات المبعوث الدولي الى اليمن مارتن جريفت ، ذلك الرجل الذي يبحث عن سلام يمكن أن يكون أداةً لاغتيال أحلام أبناء اليمن بوطن تسوده الحرية والمساواة. البعض من الأصدقاء يلومني لأني متشائم والحقيقة أني غير ذلك ، لكني أقرأ وهذه وجهة نظري الخاصة ان الوضع اليمني بقدر ما هو مزري فهو مؤلم أيضاً ، فالظالم المتعجرف العنصري أصبح يقود علمية المفاوضات بالطريقة التي تخدم مصالحه وتفتك بأبناء الشعب ويستخدم بذلك المعاني الإنسانية التي هو أصلا بعيد عنها. والكارثة اننا نجد أحزاب سياسية وسياسيين في شرعيتنا يبدعون كثيراً في حديثهم عندما يتحدثون عن تقاسم السلطة أو عن المحاصصة التي غالباً ما يتم حصدها لصالح أبناء كبرائهم او المقربين والأكثر إخلاصاً للحزب وليس للوطن والإنسان.
ومازالت تلك العملية المقززة والتي يسعى اليها المجتمع الدولي عن طريق المبعوثين الدوليين والتي تسمى تقاسم السلطة هي محور كل المفاوضات ، وكل حزب بما لديهم فرحون، وهذا الأمر للأسف يساهم بشكل واضح الى زيادة تكديس الأسلحة والتمترس خلفها لكل فئةٍ بغية أن يكون لها صوت أقوى وحضور مؤثر ، والكارثة أيضا أن الذي يساهم بهذا هو المجتمع الإقليمي والدولي الذي يغذي الأطراف بالأسلحة ثم بعد ذلك يصدر البيانات التي تندد بعمليات القتل التي تطال الأطفال والنساء والمدنيين على العموم. الأحزاب السياسية في اليمن والسياسيين اليوم هم أحد أهم أسباب تدهور الوضع في اليمن ، لانهم لم ولا يفكروا بطريقة إنسانية وطنية، ولا يحملون هم الوطن ولا هم الإنسان اليمني، لان أغلب او جل السياسيين وعائلاتهم يعيشون بعيداً عن خضم الألم والقهر والموت المتنوع والجوع والفاقة التي يعيشها المواطن ، وهم هم أولئك السياسيين المقربين من الرئيس هادي هم ذاتهم الذين يحصدون ما استطاعوا من ( أرباح) مقابل بقائهم في حضيرة الشرعية ، وهم أيضا الذين ساهموا ويساهمون في قصم ظهر الشرعية وقصم ظهر الشعب اليمني المغلوب على أمره، فتجد أصحاب الكروش السياسية في المغنم أصحاب حضور مؤثر وفي المغارم كأنهم لا يسمعون.
اليمن الذي اصبح مشظى بشكل مؤلم لم يكسره العدو الخارجي بقدر ما كسره ويكسره أبنائه الذين يشكلون الواجهة السياسية والحزبية ، فبضعفهم وتخاذلهم وتهاونهم أصبحت اليمن بلا هوية ولا حاضر وأصبحت مستباحة وشعبها يتسول العالم ليأكل. إذا استمرت الأحزاب السياسية بأدائها القائم حالياً فأعتقد اننا لن نصل الى نهاية مطمئنة، او الى حلول سياسية ستُخرج اليمن من المستنقع الذي تعيشه ، بل أن الأحزاب ذاتها ستذوق الويل ، لان الحكم اذا استقام في اليمن لطغاة ومستبدين كما يريد البعض فالكل سيكون خسران.
-->