طبعاً نحن شعب الصدمات والأحداث، نتفاعل معها في حينها ثم سرعان ما نقفز للحدث التالي مخلفين وراءنا الكثير من الأحداث التي يجب الاستفادة منها وإعطاءها حقها.
وسأبدأ بالقول بأني لست خبيراً في علم النفس، لكني سأتحدث بحكم خبرتي في مجال التعليم في نيويورك وبحكم التجارب الشخصية والمجتمعية من حولي محاولاً إثارة الموضوع هذا لما له من أهمية.
لا زال مجتمعنا اليمني سواء في اليمن أو في أمريكا لا يعطي الأمراض النفسية حقها من الاهتمام، وفي حين يهرع الإنسان إلى المستشفيات وطلب العلاج للزكام والسعال يبقى الإنسان الذي يعاني نفسياً أو حتى الإنسان الذي يمر تحت ضغوط نفسية وأسرية وحيداً وتبقى أفضل نصيحة يحصل عليها أن يصلي ويقرأ القرآن.
نحن لا نقول لمن لديه سعال أن يصلي ويقرأ القرآن، فلماذا نشعر بأن الصلاة وقرآة القرآن ستحل الألم والوجع النفسي لهذا الشخص، الأهم مالذي سنشعر به نحن إذا كان قريبين من هذا الشخص وتدهورت حالته واتخذ قراراً نندم عليه جميعنا.
استطيع القول أنه في المجتمع اليمني الأمريكي هنالك اليوم الكثير من الوجع النفسي والحاجة الشديدة للاهتمام النفسي والتخصصي، وإذا كان أهل السويد وسويسرا ومن لديهم كل شيء يشعرون بضغوط نفسية وحالات تستدعي العلاج والاهتمام فمابالنا باليمني الذي يتعامل مع قضايا الاغتراب والهوية والخلافات والضغوطات العائلية والتحديات المالية؟
هنالك عدد من الشرائح تستدعي أن نتلمس دائماً احتياجاتهم وأوضاعهم وأن لا نتردد في تقديم النصح لهم ودفعهم للحصول على الإرشاد والعلاج النفسي وهي كالتالي:
1. الشباب الذين لديهم مشكلات مالية: الشباب الذين يعانون من ضغوط نفسية نتيجة للديون الشخصية والأسرية أو لخسارة تجارية، معرضون للاكتئاب والمعاناة النفسية.
2. الشباب الذين لديهم مشكلات عائلية: الشباب الذين يجدون أنفسهم في خلافات عائلية وتحت ضغوط عائلية للتسليم لرغبة الأسرة، أو الانصياع لها، أو التعرض لتقييد حريته، أو غيرها من المشاكل، قد يجد نفسه أيضاً معرضاً للاكتئاب والمعاناة النفسية.
3. أبناءنا وبناتنا من طلاب المدارس الذين يكبرون ويعانون من سوء فهم عائلاتهم لاحتياجاتهم وبعد الأب والأم عنهم، وعدم تفهم أوضاعهم وطموحهم أو محاولة فر ض أوضاع معينة كالسفر والزواج أيضاً يضعون أبناءهم وبناتهم تحت ضغوط نفسية قد تكون لها ردود فعل سلبية جداً.
4. المتزوجين والمتزوجات تحت ضغوط العلاقات والحياة الزوجية ومتطلباتها وأحياناً تدخل الأهل واختلاف الأولويات بين الطرفين أيضاً قد يجدو أنفسهم في خلافات أسرية وضغوط نفسية وهم أيضاً بحاجة إلى إرشاد أسري ونفسي يعينهم على اجتياز تحديات علاقاتهم.
من تحديات مواجهة الحالات النفسية في الولايات المتحدة الأمريكية عدم توفر الأطباء والمعالجين أو المرشدين المتفهمين لأوضاع وخلفيات المجتمع اليمني الأمريكي وتحدياته الخاصة، وهذا التحدي يتضاءل مع توفر الخريجات اليمنيات والعاملات والعاملين في المجال من العرب الامريكيين على الأٌقل في ولاية نيويورك وميشجن.
يبقى التذكير مجدداً أن الحالات النفسية تستدعي الاهتمام والعلاج والإرشاد للتعامل معها مثلها مثل الزكام والأمراض العضوية التي تصيبنا، ويبقى التذكير أننا نتحمل مسؤولية من حولنا إذا نحن أهملنا أحوالهم وقللنا من شأن أوجاعهم وآلامهم ومعاناتهم، ونسأل الله العافية والعون للجميع.
الصورة رمزية
-->