لقد عشنا الحزن الثقيل كله عند شربهم للنَخَبْ كليهما إيران وإسرائيل مستمتعين بسقوط بغداد في العام 2003م وسحق جيشها العربي الذي وقف ضد المد الصفوي الفارسي لثمان سنوت سكب عندها دماءه على كل الجبهات المشتعلة على أسوار الحدود بين البلدين..
شعرنا بهزيمة فاجعة وحزن ليس له طرف، عندما رأينا العراق الذي فتح أول ثغرةً للنور في جبين الحضارة الإنسانية بعد اليمن يُسحق، عندما رأينا الحصون العلمية والبنيوية الصدامية تتهاوى وجيشها يترك سلاحه وينسحب، بعد أن بذل كل ما في وسعه أمام آلة الحرب الغربية الهائلة..
كان تشفي الأعداء واضحًا ألم تكن العراق دولةً عربية مسلمة؟، ألم ينطق صدام حسين عند إعدامه صبيحة يوم عيد الأضحى بالشهادتين ألم يهزم بإسلامه وشجاعته بشاعة وجُبن كل شيعة الخرافة والضلال؟
شعرنا بالانكسار الموجع، عندما رأينا الموساد الإسرائيلي والسافاك الإيراني يلاحقان علماء العراق في مجالات الذرة والفيزياء النووية، والصناعات العسكرية والطيارين وكبار الضباط قتلاً تعذيبًا وتنكيل، عندما أزالوا معالم الدولة العراقية الحديثة وأحلوا محلها أسافل الأقوام أراذلهم والحاقدين من كل اتجاه..
شعرنا بالأسى النازف عندما كانوا يفرحون أمام شاشات التلفزة ويهتفون الله أكبر "أو ماي جووود" و إتز أمــــــــاااااازنج" كنا ننام على فرش الأرق والصحو تغتاله الكآبة الحالَة بيومنا التالي حتى المنام، لم تحص الهزيمة العراق وحده..
بل هزيمةً لكل قيم الدفاع عن الشرف العربي وآخر لحن مجيد من ألحان زهو العروبة، فرح نتنياهو وعَبَّر بقوله "ذهب الصداع النصفي الذي كنت أعانيه"، وأضاف الرئيس الإيراني حينها بقوله لولا مساعدتنا للأمريكان لما انتصروا في إسقاط نظام صدام..
وها نحن اليوم نفرح تباعًا، فرحنا عشرون يومًا عندما سقط وكر الضباع في لبنان جبهة الفرس خارج أراضيهم، خزَّنت فيها قرابة مائة ألف صاروخ ما يعادل قنبلة ننووية لتنفجر في أراضي لبنان نجمة الشرق الفنية والمدنية..
وصدَّروا مئات الخبراء لقتلنا في اليمن وهددوا كل المحيطين بنا.. فعلت إيران كل ذلك لتنفيذ برامجها التسليحية والتوسعية في المنطقة وليس لمحاربة إسرائيل التي كانت تعلم بذلك المخزون بل دخل بنظرها وهي على علمٍ به دون أي ردة فعل أو وقلق..
فرحنا عشرين يومًا قلَّبًا عندما رأينا نظام الأسد العلوي يتهاوى والميلشيات الشيعية يفرون كالجرذان وخبراء وقادة إيران يُقَتَّلون والشعب السوري يصدح بالفرح، والعالم منبهرًا بالسقوط المدوي للمشروع الفارسي في سوريا الذي تعمَّد إخراجها ن محيطها العربي، وسوقها إلى غياهب ظلمات المتعة "الدعارة" واللطم والنحيب وتقبيل أقدام الزائرين للمراقد المركبة، كما يحدث في عراق العروبة والإباء..
سنفرح اليوم ونغني ونعزف ونأكل ونشرب ما لذ وطاب ونعاشر النساء ونخصب ستون شهرًا، سنفرح لما جَرَتْ به المقادير ضد نظام الملالي إنها إرادة الله، وفتح السماء غوث الرحمن للشعوب العربية من جور نظام عمائم الجهل السوداء وبشاعة فعلها وهزلية الخرافات التي يشيعونها بين العرب الأقحاح، في اليمن والعراق وسوريا المحررة واليمن الذي ينتظره التحرر والعراق الغارق في وحلهم ولبنان الذي بعد تطهيره نسبيًا قد تعافى وبين الكثير من خلاياهم النائمة في دول المحيط..
النشوةُ الكبرى السكرة التي لا حدود لها ستكون عند سقوط نظام الملالي الكهنوتي، تطهير بغداد وصنعاء من بقايا الدنس الفارسي الصفوي اللعين، تسعة أعشار الشعوب مستمتعة بما يجري وتنتظر آخر تكبيرة وآخر طلقة تخترق رؤوس تلك البقايا تلك النفايات الغريبة على اليمن والعراق وعلى الحضارة الإنسانية العلمية والصناعية والعالم برمته..
-->