كل خسائرنا ستعوض ماعدا هذه الخسارة الكبرى ان خسرناها لن تعوض

محمد مقبل الحميري
الاربعاء ، ١١ يونيو ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٤٦ مساءً

هناك خسارة كبرى يجب ان نتجنب الوقوع فيها ، فالخسارة العسكرية تعوض والحرب كر وفر ، والخسارة المادية تعوض ايضا ، وتقديم الشهداء ضريبة يدفعها الاحرار من اجل اوطانهم وهي مصدر فخر لاهلهم ورجاء مثوبة عند ربهم طالما انهم يدافعون عن القيم والأعراض.

 

لكن الخسارة التي لا تعوض هي خسارة القيم وتفكيك النسيج الاجتماعي الذي عمل هذا الكيان الشاذ المثمثل بالحركة الحوثية السلالية العنصرية منذ وقت مبكر للنيل منها وكرسها بقوة بعد اسقاط عاصمة اليمن صنعاء التاريخ وبعض المحافظات وعمل على تغيير المناهج الدراسية وإحلال ائمة وخطباء في المساجد ممن يحملون فكره العنصري وفي الجامعات وفي كل منبر ، وكمم الأفواه وملاء السجون بمن يشك بعدم ولائهم غير الذين قتلهم والذين شردهم ، وسلك نهج أعلام استعلائي على ابناء اليمن مع تجويع ممنهج لكل اليمنيين ، وقريب من هذا المنهج الى حد ما اولئك الذين يمارسون السلوك المناطقي واولئك الذين يلمزون محافظات ويسيئون لابنائها وكل من يقع في هذا النهج يقع بالمحذور المضر بالوطن الذي يخدم السرطان السلالي عدو الجميع وهو يعتقد انه يخدم منطقته الصغرى التي ينحدر منها.

ايها اليمانيون الأباة / كل الخسارات سنستعيدها إلا خسارة القيم والنسيج الاجتماعي إذا خسرناهما فإن استعادتهما سيكون صعبا جدا ان لم يكن مستحيلا على المدى المنظور ، وهذا يحتم على كل احرار اليمن ان ينظروا لكل ابناء الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه بعين الاخوة ونظرة الألفة وروح المحبة ، ما هذا اصحاب هذا الفكر العنصري الدخيل فهم اعداء الوطن الحقيقيون ، فلا مهادنة معهم ولا ألفة ولا محبة لهم ، لا لأنهم من سلالة معينة ولكن لانهم ينتقصون آدميتنا ومواطنتنا ويستعلون على ابناء اليمن الأصليين ولو كانوا ارتضوا ان نكون نحن واياهم اخوة متساوون بالحقوق والواجبات لما وصلنا نحن وبلادنا إلى ما وصلنا اليه.

بعض السياسيين يمارسون نوعاً من هذه السلوكيات المناطقية لا حبا في مناطقهم ولكن ليستجيشوا عواطف ابناء تلك المناطق ليبقوا في دائرة الضوء محافظين على مكاسبهم السياسية ومواقعهم القيادية التي ان خضعت للكفاءة ربما يخسروها فيحافظون عليها بهذا السلوك المعوج والاسلوب الرخيص.

وبعض الاحزاب ان لم يكن جميعها تمارس التمييز بحسب الانتماء الحزبي اعتقادا منها انها بذلك تحافظ على تماسك عناصرها وهي في الحقيقة تخسر كثيرا وتعمق الفرقة وتمزق النسيج الاجتماعي بطريقة اخرى ، والإعلاميون بعضهم يغلب الولاء لانتمائه الضيق او لمصلحته الشخصية على المصلحة الوطنية العليا ،  وارباب الكلمة البعض قد يقع ضحية تأثير هذا او ذاك ويدور في فلكه فتنحرف كلمته وهو يعتقد انه يحسن صنعاء .

ايها الكرام/ نحن جميعا بحاجة لاستشعار اهمية تعزيز النسيج الاجتماعي ونبذ الفرقة والمناطقية وكل ما يسبب البغضاء بين ابناء الوطن الواحد.

الشعب اليمني كله معروف بطيبته وكرمه وحسن معشره ، وكل ما طرأ على البعض ما هو إلا عارض لهذه المتغيرات ولسبب الفقر الممنهج والتضليل والقادة المنحرفون أصحاب المصالح الشخصية ، فلنعمل على تعزيز اللحمة بسلوكنا بكلماتنا بخطابنا مع بعضنا حتى وان أسيء الينا من شخص أوجهك فلا يكون ردنا مناطقيا يستهدف منطقة المسيء او قبيلته او محافظته.

نحن بحاجة لنخبة من العلماء بالدرجة الاولى ينذرون انفسهم للدعوة ولتعزيز هذه القيم في المجتمع ، علماء لا ينتمون لحزب ولا لجماعة مع احترامنا لكل العلماء بمختلف انتماءاتهم ، ولكن نريد مجموعة منهم تتجرد للدعوة والدعوة فقط حتى يكون كلامهم مسموع لدى الجميع ولا يفسر خارج إطاره عندما يكونوا مستقلين عن كل الانتماءات ماعدا انتماء الدعوة إلى الله ، ونحتاج ايضا إلى صحوة ضمير منا جميعا ، ونجعل من منابرنا منابر محبة واخاء تجمع ولا تفرق ، وتسدد وتقارب ، وثقوا ان هذا المشروع السرطاني السلالي العنصري إلى افول قريبا جداً بإذن الله ، فهو يحمل فناءه في فكره المسموم  ، فما علينا إلا ان نعمل على ان يكون البديل جسم سليم وفكر قويم وشعب حكيم وقيم نبيلة وأخوة مستديمة . ايها الكرام اليمن يمرض ولكنه لا يموت فلنكن بمستوى هذا الوطن العظيم.

اللهم الهمنا رشدنا.

محمد الحميري  

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي