في يوم أمس، 11 ديسمبر، قدم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إحاطة لمجلس الأمن الدولي تضمنت نقاطًا متعددة، قُسمت بين ما يدعم السلام وما يظهر نقاط القصور والضعف. جاءت الإحاطة في وقت حرج يواجه فيه اليمن أزمات متعددة، مما يجعل تقييمها ضروريًا لقياس مدى تأثيرها على واقع الأزمة.
نقاط القوة
- ربط اليمن بالأحداث الإقليمية: أشار المبعوث إلى أن اليمن لم يعد منعزلًا عن قضايا المنطقة، خصوصًا في ظل العنف الذي شهدته المنطقة في عام 2024، مؤكدًا أن "الشرق الأوسط بحاجة ملحة إلى الاستقرار، واليمن ليس استثناءً".
-دعوة الأطراف لاقتناص الفرصة: حث الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية على استغلال اللحظة الراهنة لتحقيق تقدم نحو السلام.
- التفاؤل بإمكانية تحقيق السلام: عبر عن ثقته بإمكانية تحقيق عملية سياسية شاملة، فقط تتطلب تقديم تنازلات وتركيزًا على مصلحة اليمن.
- إدانة انتهاكات حقوق الإنسان: سلط الضوء على الأعمال العدائية والاعتقالات التعسفية من قبل الحوثيين، معتبرًا إياها انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وأكد أنهم بذلك يقلصون الحيز المدني في البلاد. علمًا بأن قادة حوثيين نافذين صرحوا، في بث مباشر، بأنهم سيلاحقون كل من استجاب لحضور اجتماعات عقدت في جنيف بحجة أنها خطر أمني وتجسس.
- إدانة استغلال الاقتصاد: انتقد ضمنيًا تجزئة الاقتصاد واستخدامه كأداة حرب، محذرًا من العواقب الوخيمة لذلك.
- تحذير الأطراف اليمنية: أوضح أن الوضع عند "مفترق طرق حرج"، معتبرًا أن الفشل في التوافق سيؤدي إلى خسائر كبيرة للجميع.
- تحذير من أن تصعيد الحوثيين والهجمات المتبادلة مع الأمريكيين والبريطانيين يقلص مساحة الوساطة للمبعوث الأممي.
- تحذير من العودة إلى الحرب: أكد أن عدم توفير بيئة مناسبة للحل سيزيد من الدعوات لاستئناف الحرب.
- الالتزام بالقانون الإنساني الدولي: دعا إلى حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، مشددًا على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي.
- الإقرار بالتمييز ضد المرأة: أشار إلى وجود تمييز وعنف ممنهج ضد المرأة في اليمن.
نقاط الضعف
- ربط المشكلة اليمنية بملفات إقليمية معقدة: أظهر ضعفًا في ربط الأزمة بقضايا إقليمية طويلة الأمد كالصراع العربي الصهيوني، مما يزيد من تعقيد الموقف.
- التعميم وعدم تحديد المسؤوليات: تجنب تسمية الأطراف المعرقلة للسلام بوضوح، مما أضعف الإحاطة.
- عدم المطالبة بإجراءات ضد الحوثيين: لم تتضمن الإحاطة أي دعوة لاتخاذ إجراءات عقابية رغم الإدانة الضمنية لهم.
- ضعف الرؤية الاقتصادية: اقتصرت الإحاطة على الإشارة إلى الرواتب وصادرات النفط دون تقديم خطة اقتصادية شاملة.
- غياب خريطة طريق مفصلة: اكتفى المبعوث بالحديث عن وجود خريطة طريق دون تفاصيل حول آليات تنفيذها وضمان الالتزام بها.
- إهمال التدهور الاقتصادي: لم يتم تناول أسباب التدهور الاقتصادي بفعل الحوثيين بشكل دقيق، كما لم تُطرح حلول عملية لمعالجته.
- دعوة للالتزام بالالتزامات التي تعهد بها الطرفان في يوليو الماضي، دون الإشارة إلى التزام الشرعية وعدم الالتزام من قبل الحوثيين.
- الاعتماد على دعوات عامة: اكتفى بتوجيه دعوات دون اقتراح آليات ضغط فعالة لضمان الامتثال.
- التركيز على الأعراض بدل الجذور: ركزت الإحاطة على مظاهر الأزمة مثل الاعتقالات والانهيار الاقتصادي دون معالجة الأسباب الجذرية، مثل تنفيذ القرارات الدولية وإنهاء الانقلاب واستعادة المؤسسات.
- ضعف الاستفادة من الدروس السابقة: لم يتم الإشارة إلى تقدم ملموس من جهود المبعوث للسلام خلال السنوات الماضية، رغم مرور عشر سنوات على الأزمة، والاكتفاء بالإشارة إلى العام 2024 بالقصور، باعتباره عامًا مضطربًا.
- ازدواجية المواقف بشأن القانون الإنساني: بينما دعا الأطراف لاحترام القانون الدولي، تجاهل أن الحوثيين تحديدًا مسؤولون عن انتهاكات جسيمة مثل الأعمال العدائية في تعز وغيرها، باستهداف النساء والأطفال والأعيان المدنية.
- عجز الأمم المتحدة عن الإفراج عن موظفيها المعتقلين منذ ستة أشهر، علاوة على إلزام الحوثيين بإطلاق المخطوفين والمعتقلين اليمنيين وفقًا لاتفاق ستوكهولم بمبدأ "الكل مقابل الكل".
- رغم أن الحوثيين هم من ضيقوا على الفضاء المدني لا غيرهم، إلا أن المبعوث دعا الأحزاب التي لها مصلحة بالتضييق إلى التوقف فورًا، مما يعكس انحيازًا غير مبرر.
- عشر سنوات هي عمر الأزمة اليمنية ولا يزال المبعوث يورد في إحاطته أنه في لقاءاته مع الأطراف والأحزاب وأصحاب المصلحة في القطاع المصرفي والمسؤولين العسكريين، في مرحلة استكشاف للحلول وبناء الثقة.
الخاتمة
الإحاطة جاءت لتسلط الضوء على الوضع اليمني بارتباطه بالاستقرار الإقليمي، مع نقاط قوة لا يمكن إنكارها، أبرزها الدعوة إلى شمولية الحل والسلام. إلا أن غياب الوضوح في تسمية المعرقلين ومحدودية الرؤية الاقتصادية يضعف من تأثيرها الفعلي على الأزمة، ويؤكد الحاجة إلى جهود أكثر شمولًا وجرأة لمعالجة جذور الصراع اليمني.
وجمعة مباركة مقدما..
-->