استغلال اللحظة الراهنة: نداء للحكمة

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ١٠ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٨ مساءً

 

تعيش اليمن مرحلة دقيقة تتطلب من الجميع التحلي بالحكمة واستغلال اللحظة الراهنة التي قد تكون مفتاحًا للسلام الدائم. هذه اللحظة التاريخية ليست فقط فرصة للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، بل هي أيضًا محطة لإعادة التفكير في المسارات السياسية والاقتصادية التي أدت إلى هذا الوضع. هناك شعور عام بالحاجة إلى تجاوز الانقسامات العميقة التي أرهقت البلاد، والعمل على بناء مستقبل مشترك يتجاوز الخلافات الحالية.

إن التحديات التي تواجه اليمن ليست خافية على أحد؛ من الانهيار الاقتصادي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، ومن استمرار النزاع المسلح إلى الضغوط الإقليمية والدولية. ومع ذلك، فإن التحديات الكبرى تصاحبها فرص عظيمة. اللحظة الحالية توفر فرصة استثنائية للابتعاد عن لغة الحرب والتصعيد، وتوجيه الجهود نحو حل سياسي شامل يعيد لليمن مكانته واستقراره.

من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل الدور السلبي الذي قد تلعبه الجماعة الحوثية في عرقلة أي مبادرة للسلام. التصعيد الأخير، سواء من خلال الهجمات البحرية أو الضغوط العسكرية، يعكس حالة من التردد والارتباك لدى جماعة الحوثي التي ترى في استمرار الصراع مصلحتها الخاصة. ومع ذلك، فإن التغلب على تلك المواقف يتطلب عملًا مشتركًا ورص الصفوف للأحزاب والمكونات المجتمعية والتشكيلات العسكرية المناهضة للحوثي، ومن دول الإقليم أيضًا والدول الفاعلة في الشأن اليمني.

اليمن بحاجة إلى خارطة طريق واضحة تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار. خارطة الطريق هذه يجب أن تركز على الجوانب الإنسانية والاقتصادية كأولوية قصوى، إلى جانب ضمان الترتيبات السياسية التي تحقق التوزيع العادل للثروة والسلطة. السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل هو عملية بناء شاملة تتطلب توافقًا وطنيًا، وإيمانًا عميقًا بأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل.

الحكمة اليمنية، التي لطالما ألهمت العالم بتجاوز اليمنيين كل التحديات والصعوبات عبر التاريخ، يمكن أن تكون الأساس لاستعادة الوحدة وإعادة بناء الثقة بين جميع الأطراف. هذا نداء للحكمة والعقلانية، ودعوة لاستغلال هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها المنطقة لتحقيق ما يصبو إليه الشعب اليمني من استقرار وتنمية وكرامة. إن الفرص لا تأتي دائمًا، وإن أُهدرت هذه الفرصة، فقد يكون الثمن باهظًا، ليس فقط على اليمنيين، بل على المنطقة بأسرها.

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي