“حين تصبح الغيرة من الأجنبي مشكلة وطنية!”

صفوان سلطان
الاثنين ، ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٣٤ صباحاً

يا للعجب! يا له من زمن عجيب! أصبح المعهد الوطني الديمقراطي الأمريكي هو الداعم “السيئ السمعة” الذي يجمع الأحزاب الوطنية اليمنية… وكأن هذه الأحزاب لا يمكنها أن تتنفس، أو تتحدث، أو حتى تتجمع، دون أن يكون ذلك مهزلة تثير السخرية!

 

أولًا، “الأحزاب بلا قاعدة وطنية!” يقول احد الكتاب، كأنما يصف فصائل فضائية هبطت للتو من المريخ. عن أي أحزاب يتحدث هذا الناقد العظيم؟ هذه الأحزاب هي نفسها التي تتشكل منها الحكومة المعترف بها دوليًا! هي نفسها التي يقود قادتها مجلس القيادة الرئاسي! أليست هذه الأحزاب هي من ملأت جلسات مجلس النواب الشرعي؟ ولعل الكاتب قد فاتته مشاورات الرياض عام 2022، أو ربما كان مشغولًا بشيء أهم حينها.

 

ثانيًا، “المعهد الوطني الديمقراطي؟!”، يا للهول! فزعنا! كيف لنا أن نتعاون مع منظمة غربية ممولة من الحكومة الأمريكية؟ نعم، ذلك المعهد الذي بدأ عمله في اليمن منذ الألفية الثانية والذي يهدف لتعزيز الديمقراطية ويدعم الحوار بين الأحزاب اليمنية، أصبح اليوم “مشكلة وطنية كبرى!” لكن، يا ترى، أين كانت هذه الغيرة الوطنية حين تعاونت نفس الأحزاب مع السعودية والإمارات ودول التحالف العربي؟ ألم تكن تلك شراكات “وطنية جدًا” وقتها؟

 

ثالثًا، لِمَ هذا الفزع من فكرة تجمع الأحزاب وتوحيدها تحت مظلة وطنية لمواجهة الحوثي؟ هل الخوف على “الحوثي” أم الخوف على المصالح الشخصية التي تلمع في الظل؟! من الغريب أن البعض صار يخشى على مستقبل اليمن إذا استعاد السياسيون أدوارهم! فهل من الممكن أن هذا الهجوم يعكس خوفًا على “مصالح خاصة”، أكثر من الخوف على “مصالح الوطن” الذي يغرق في الأزمات بينما يتفرغ البعض للانتقادات البعيدة كل البعد عن المنطق.

 

رابعًا، والأكثر طرافة، هذا الهجوم المبكر على تحالف لم تعلن أهدافه ولا خططه! نعم، على ما يبدو أن من يهاجمون اليوم تملأهم الرغبة في “الهجوم” لمجرد الهجوم، وكأنما لا يجدون غير التشويه سلاحًا للتصدي لأي بصيص أمل قد يعيد لليمنيين شيئًا من الأمل. فما العيب، إذن، إن حاولنا إحياء الشرعية وتقوية الموقف الدولي ضد الحوثي وميليشياته؟ هل هو خوف من نجاح هذا التكتل لأنه قد يكون طوق النجاة لليمن؟ أم أن البعض يرى في دعم الولايات المتحدة “خطرًا على سيادة الأحزاب”، رغم أن سيادتها ضائعة بفضل أمثال هؤلاء الناقدين؟

 

في الختام، يا ليتنا نجد نقدًا بناءً يشير إلى نقاط الاعتراض بوضوح ويمدنا برؤية ناضجة، بدلًا من تلك الصيحات الساخطة التي تسخر من أية محاولة للعمل الوطني، حتى وإن جاءت بنور في نهاية النفق المظلم الذي أوقعنا فيه الانقلاب الحوثي وجمود السياسة.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي