نحن على أعتاب شرق أوسط جديد. فعلا إنه مستقبل يطمح إليه الجميع، ولكنه لا ينبغي أن يكون بالشكل الذي يتخيله اويفرضه علينا البعض، مثل نتنياهو وأمثاله ممن يرغبون في صياغته بما يخدم مصالحهم. يجب أن نتبنى هذا الشرق الجديد برؤية مستقلة نابعة من إيماننا كدول و شعوب حية بالتطور والشراكة، خاصة في عصر الذكاء الاصطناعي الذي يفتح أبواباً واسعة للابتكار والنمو المتسارع وهو حالة ثورة علمية خامسة تفرض حضورها بقوة على واقعنا المعاصر .ولا يمكن لأي دولة أو مجتمع أن يتخلف عنه؛ إنه عصر يستوجب منا الانخراط الكامل في جميع جوانبه. فمن يمتلك زمام هذا العصر يمتلك القوة الأحدث والتى قضت تماما على كل عناصر القوة التقليديةبمفختلف تفاصيلها و التى ظلت سائدة طيلة عقود مضت. وإذا لم نبادر ونتفاعل، سيفوتنا القطار، وسنبقى عالقين في تصورات العالم القديم، ليُنظر إلينا كدول لم تتجاوز عتبات الماضي.
يجب تجاوز تجاوز معوقاتنا . وان نعترف ان التعلق المستمر بذكريات وصراعات الماضي والانشداد ا له يحول بيننا وبين التحول إلى هذا المستقبل. علينا تجاوز هذا الانشغال والصراع بسبب مرويات تاريخية قديمة والتى للأسف جعلناها محور خلافاتنا وبؤرة ارهاق دولنا وشعوبنا ، يجب أن نتوقف عن ذلك حيث أننا لا نعيش في تلك القرون، ولا يمثل الماضي عائقاً إلا لمن اختار أن يظل أسيرًا له. يجب أن نتحرر من "الزوابع" التي لا تخدم سوى تأخيرنا، وأن نُقر بالواقع كما هو، حتى نتمكن من التفكير في الحلول التي تستجيب لمتطلبات الحاضر.
ليس لدينا أعداء حقيقيون سوى أنفسنا، وليس لدينا عوائق إلا العقول التي تتشبث بالماضي. التغيير يبدأ من داخلنا ومن إدراكنا لأهمية اللحاق بالعالم من حولنا، والاستفادة من إرثنا بما يعزز مكانتنا في المستقبل، دون أن نكون أسرى هذا الإرث أو ضحايا لصرعاته التى لم تنتهى إلى اليوم . نقول كفى !! يجب أن تغلق هذه الملفات وان يتم اخراص كل دعاتها وزعاماتها المأفونة باحقاد السطور والكتب العابرة للزمن .
قد يتبادر إلى الأذهان أننا ندعو إلى نسيان الماضي بالمطلق ، لكن الأمر ليس كذلك . الماضي يمكن أن يكون مصدر إلهام وتراكم للمعرفة والخبرات وليس عربة احقاد عابرة للتأريخ تطحن الاجيال جيلا بعد اخر . كل ما نحتاج إليه هو أن نأخذ من ماضينا ما يساعدنا على التألق في المستقبل، بما ينسجم مع نهضة العالم. فالماضي لا يفرض علينا قيوده، إنما يضع بين أيدينا حكمة مستمدة من تجارب الأجيال السابقة، نستخدمها بوعي بما يلائم عصرنا.
الشرق الأوسط الجديد نريده جميعنا وندعو إليه هو ليس مجرد فكرة أو خيال؛ بل نرجو أن يكون واقعا حقيقيا ً نصوغه كما نريد وبما يتناغم مع واقعنا وفكرنا وحاضرنا ومستقبلنا بشراكات حقيقية وندية ، بعيدة ِعن إملاءات الآخرين، لنصبح جزءاً من هذا العالم المتقدم، بعقول نيرة لا ترتهن إلى الوراء. ومجتمعات سليمة منتجة ومبدعه ودول تتسابق إلى التنافس الخلاق للنهظة والتطور وانتشال هذه الجغرافيا من ازمنة الصراعات إلى عهد الاستقرار الدائم
-->