طبول الحرب تُقرع

صفوان سلطان
الجمعة ، ٠١ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٣ مساءً

 

في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ اليمن، نسمع بوضوح طبول معركة جديدة تُقرع لتحرير الحديدة والساحل الغربي، بل ربما مناطق أوسع. هذا التصعيد هو نتيجة مباشرة لغرور الحوثيين، الذين دفعوا اليمن إلى صراع دولي تحت ذريعة “الدفاع عن فلسطين.” ولكن الحقيقة الواضحة أن هذه الميليشيا لم تحمِ اليمن ولم تقف فعلياً مع فلسطين. هي تتلاعب بقضية نبيلة لتسويق نفسها أمام الإقليم كقوة سياسية و”مدافعة” تسعى للفت الأنظار دون تقديم شيء حقيقي للقضية الفلسطينية، تماماً كطالب مشاغب يجلس في آخر الصف، لا يريد التعلم، بل يسعى لافتعال الضوضاء وإثارة الانتباه.

 

اليوم، تبدو الأمور مختلفة، حيث نرى الاجتماعات تتوالى على المستوى العسكري والسياسي. قيادات الشرعية تعمل يداً بيد مع التحالف، وفي الوقت نفسه تتحرك الدبلوماسية الأمريكية بتنسيق كثيف مع القيادة اليمنية والأحزاب المختلفة، محاولين توحيد الصفوف وتهيئة اليمنيين لمواجهة مصيرية. ولكن هنا يبرز السؤال: لماذا هذا الاهتمام الأمريكي الآن، قبل ساعات فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟

 

من المهم أن ندرك أن الدعم الأمريكي لليمن لم يكن فجائياً. الولايات المتحدة، بحكم تأثيرها في المنطقة، تعلم أن الحوثيين لم يشكلوا خطراً على اليمنيين فقط، بل أصبحوا يهددون الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ويستخدمون ذريعة إسرائيل كواجهة لكسب الشعبية والتأييد. ولو كان لديهم حليف صادق في هذه المواجهة، لكانت المقاومة تأتي من حزب الله في لبنان، الأقرب جغرافياً والأقدر عسكرياً على تهديد إسرائيل بشكل مباشر.

 

ولكن واشنطن لا تنوي إنهاء الحوثيين، بل تريد تقليص نفوذهم وإضعافهم. التحرك نحو تحرير الساحل الغربي هو خطوة لكسر شوكة الحوثيين وإجبارهم على الدخول في عملية سلام بشروط جديدة. أمريكا لا تهدف إلى انتصار كامل لليمنيين بقدر ما تسعى إلى فرض توازن جديد، يضمن أمن الملاحة الدولية ويحد من تهديدات الحوثيين.

 

في الأيام الأخيرة، أرسلت عُمان وسطاء إلى صنعاء يطلبون من الحوثيين وقف هجماتهم وقبول السلام. إلا أن عناد الحوثيين – تلك النقطة التي طالما كانت أضعف جوانبهم – جعلهم يرفضون المبادرة، مهددين بضرب المنشآت النفطية في السعودية والإمارات. وفي رد مباشر، صرّح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بأن الولايات المتحدة ملتزمة بحماية حلفائها ضد أي تهديد، خاصة التهديدات المدعومة من إيران.

 

دور القيادة اليمنية والأحزاب السياسية الآن؟

 

على قيادات الدولة، والأحزاب، والمكونات السياسية أن يلتقطوا هذه اللحظة بذكاء، ليس فقط عبر توحيد الصفوف ونبذ الخلافات الداخلية، بل أيضاً من خلال الضغط بقوة على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كي لا يكتفوا بتحرير الساحل الغربي فحسب. بل يجب أن تكون هذه العمليات العسكرية، إن بدأت، خطوة أولى نحو استعادة كامل الأراضي اليمنية وإنهاء سيطرة الميليشيات الحوثية بشكل كامل. فهذه اللحظة التاريخية تتيح لليمنيين فرصة ثمينة، وعليهم أن يطالبوا المجتمع الدولي بدعم حقهم الكامل في استعادة دولتهم، وليس الاكتفاء بحلول مؤقتة قد تؤدي إلى استمرار النزاع.

 

الشعب اليمني الذي تحمل ويلات الانقلاب والظلم والحرمان له حقوق ومتطلبات يجب أن تتحقق، وعلى قيادته استثمار هذه الفرصة السانحة بإحكام ودون تردد.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي