تحليل لبعض محاور برنامج بُعد الحدث! (2)

د. علي العسلي
الجمعة ، ٠٦ سبتمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٠ مساءً

 

وأستمر في تحليل بعض المحاور..

عملية السلام في اليمن بين التعنت الحوثي والأمم المتحدة

    في اعتقادي أن الحوثي ليس بمتعنت؛ بل مُمعن في التصعيد، ولا يرغب بالسلام ابداً، وكل الاستجابة التي يبديها للوسطاء، ما هي إلا مناورة لكسب الوقت، إذ في خططه أن الوقت لصالحه، معتقداً أنه كلما امتدت واستطالت سيطرته، ستأتي إليه دول العالم للاعتراف به، كأمر واقع.

 وأجزم أنه في ذلك على خطأ، إذ كلما مرّ الوقت، ظهرت حقيقته وبانت سوءاته، وأزداد إجرامه وتعدد وتنوع الإمعان في أذيته وامتهانه لكرامة وحربة الناس، فيرتد عليه حقداً ممن عانوا منه - وما أكثرهم!؛

 وبمرور الوقت سيبرز المتنفذين والمشرفين في جماعة الحوثي للاستئثار بالسلطة والإثراء غير المشروع، فتحدث المشاحنات والصراعات والتصفيات فيما بينهم، ويتعرون أمام الشعب باستمرار!؛

فعشر سنوات كانت كافية للحكم على الحوثي من قبل الشعب؛ إذ ظهر له أنه الأكثر إفساداً وفساداً، وأنه المتلذذ بمعاناة الناس واستعبادهم واهانتهم.

واتضح للشعب أيضاً، أن الجرعة التي أدّعو الخروج من أجلها تضاعفت ثلاثين مرّة بعشريتهم السوداء، والفساد الذي أدّعو انهم خرجوا للحد منه، هم عتاولته من رأس هرمهم لأسفلهم، ومخرجات الحوار الوطني الذي أدّعو انهم خرجوا لتنفيذها، هم من انقلبوا عليها ورموها وراء ظهورهم.

وظهر لهم كذلك، أن عقيدة الحوثي هي ولاية الفقيه ومرجعيتهم في (قُمّْ) لا في الدستور والبرلمان اليمني وصندوق الانتخابات ومخرجات الحوار الوطني!؛

ومن تصعيداته الحوثي .. تشكيل حكومة جديدة له انفصالية، وهم من يحاولون باستماته فصل النظام المصرفي إلى نظامين، وهم مستمرون بتجنيد وتلويث عقول الأطفال، لفرض عقيدتهم بالقوة، وهن من يغيرون المناهج ويعتقلون الأكاديميين، وهم من يطهرون مؤسسات الدولة من الكوادر ويستبدلونها بسلالاتهم أو بالموالين –المتحوثين- مؤقتاً؛

 وهم من يصادرون ويبيعون ويشترون بأموال الدولة وبما يصادرونه من عقارات ومنقولات المعارضين، يحدث هذا.. عبر فاسدهم وناهبهم الأول، ما يسمونه بالحارس القضائي؛

والحوثي لا يوجد معه من منفذ للتواصل مع العالم إلا عبر المبعوث الأممي وكالات الأمم المتحدثة ؛ وعبر من يسمون أنفسهم بالوسطاء كــ "عمان"، لذلك هو حريص في الإبقاء على شعرة الأمم المتحدة متصلة ليمرر ويأخذ من خلالها ما يمكن أخذه وتثبيته. وكل شغله على الوقت، لعلّ وعسى أن اليمنيين يملّون ويستسلمون له؛

 

وبالتالي من خلال ما يراه من مرونة معه من قبل الأمم المتحدة، يعتقد أن دول العالم ستغير موقفها تباعاً، وشعوب العالم الحر ستنسى تضحيات ومعاناة اليمنين والقبول بالحوثي كسلطة أمر واقع على الأرض..

نقول للحوثي.. عشم إبليس بالجنّة.. لن يحدث ذلك..

 

 ولن يسلم لك الشعب اليمني ولن يوقف مقاومته لك حتى انهاء انقلابك واستعادة المعسكرات والسلاح واسترداد العاصمة وجميع الوزارات والمؤسسات. على دول العالم وحكوماتها أن تعي وتدرك وتحترم إرادة الاغلبية اليمنية وتقدر تطلعاتهم لبناء دولتهم وتحسين مستقبلهم!؛

ليعلم الجميع أن إقامة سلام مع الحوثي، هو ضرب من الخيال، إذ لا يعنيه السلام؛ فمن كان أساسه مبني على العنف والسلاح، فلا يمكن ان يكون ساعياً للسلام أو حاملاً لراياته، إلا إذا كُسر وهُزم وسحب السلاح منه عُنّْوة!؛

الأمم المتحدة مع كل آسف في العشر السنوات الماضية بكل اذرعها، أثبتت انها متواطئة مع عصابة الحوثي الإرهابية.

ويسجل عليها مخالفات جسيمة من تهريب السلاح، إلى تهريب من يفترض انهم مُتَابَعِين كمجرمي حرب إلى غسيل أموال إلي ضخ المساعدات لمناطق سيطرة الحوثي بالمليارات، وهم يعلمون انها تباع بالسوق السوداء، إلى تزويدهم بجسور جوية انسانية وطبية، إلى تزويدهم بسيارات ومعدات كشف الألغام وهم يعلمون أن الحوثة هم من يزرعونها؛

 إلى الزام الشرعية باتفاق ستوكهولم الذي أبقى على الحوثي بالحديدة، وتركهم يخترقوه كيفما يشاؤون!، إلى... إلى .. إلى..

وعلى الرغم من كل ذلك، لا يزال الحوثي يبدي انزعاجاً منهم، وليس راضياً عنهم كل الرضا، فها هم موظفوا الأمم المتحدة في مغتصبات الحوثي ، حيث رفضت الأمم المتحدة ووكالاتها نقلهم للعاصمة عدن، ها هم يحتجزون من قبل الحوثي ويضعهم في أقفاص الإتهام، بتهم التخابر والتجسس.

إن المبعوث يحاول أن يُقارب وييسر، ويلبي، لا يقترح فترفض من قبل الحوثي، كما يتوهم البعض!؛ 

والسبب في فعله هذا، كونه مقيد باشتراطات الحوثي المستمرة التي لا تفضي إلى سلام؛ كذلك هو مقيد بالدول الكبرى ومصالحها المتعارضة، إذ للآسف فبعضها يتعامل مع قضية اليمن كقضية للبيع والشراء والمساومة لتحقيق مصالحها؛ دون الاكتراث بتطلعات وتضحيات الشعب اليمني وحجم الكارثة الإنسانية والمعاناة المستمرة التي يعيشها اليمنيون جراء تمرد الحوثي، وانقلابه على السلطة الشرعية في الجمهورية اليمنية.

تحليل أسباب تعنت الحوثيين ورفضهم المقترحات الأممية

وكما قلت فالحوثي لا يتعنت، بل يشترط ويفاوض بنفس طويل؛ بينما على الواقع يمضي بتنفيذ أهداف مشغله الايراني، بحسب المخطط المرسوم.

ومن الطبيعي والمنطقي جداً أن يستمر الحوثي بالتصعيد والرفض، وليس بالتعنت، طالما لا توجد قرارات دولية تُنفذ ضده، وطالما لا يزال هناك تواطؤا معه من قبل اذرع الأمم المتحدة، وطالما أن التحركات والضغوطات منصبّة فقط على السلطة الشرعية لخفض التصعيد والتبريد؛

 

وطالما كل التحركات الدبلوماسية تسعى لكسب ودّه مع كل آسف، حتى يستجيب فقط لما يخدمه، لا لما يخدم الشعب اليمني، وطالما لا توجد قوة تردعه وتوقفه عند حدّه، وطالما العالم ترك له الملعب كاملا ليتدرب به هو وإيران المتدخلة بشكل مباشر في شؤوننا الداخلية..

 طالما كل ذلك لصالحه، أيعقل أن الحوثي سيتخلى عن مكتسبات طواعبة ويجنح للسلام؟!!

 الحوثي خططه وخطط مشغله، تمضي بسلاسة، وهو مرتاح، يصله السلاح النوعي دون أن يحاسب، والقتلة الذين يتبعونه يروحون ويجيئون بطائرات الأمم المتحدة أو حتى في طائرات الخطوط الجوية اليمنية المختطفة لدي الحوثي في صنعاء، يُستقبلون ولا يُقبض عليهم لتقديمهم للعدالة؛

ليس هذا وحسب، بل حتى التكفل بإيصال الخبراء والمصنعين وضباط الحرس الثوري - منهم مَن قيل عنه أنه غيّن كــ(سفير) لدى الحوثيين في صنعاء، وجوده بصنعاء دليل على ما نقول.. فكيف وصل ومن الذي أوصله؟!

هذا المدعو سفيراً هو حاكم صنعاء حالياً، هو كما كان (بريمر) في العراق، يأمر وينهي ويعين الحكومة الحوثية ويشرف على أدائها، ويوجه قدرات الحوثي بالوضع الذي تريده طهران وللمصلحة العليا لإيران، وليس لليمن، ومن دون أي اعتبار لليمن الجريح المكلوم..

وكما اعتقد أن مقاربات ومقترحات المبعوث، ما هي إلا صدًى لمطالب الحوثي وتحقيق جزءً من رغباته، لا بل هي شروط الحوثي، وكلّما فاوض وحقق أمراً ما، طمع في تحقيق المزيد، فيشترط أكثر، ويستمر في ممارسة اساليبه وتكتيكاته بكل أريحية؛

ولربما الحوثة قد درسوا وتعلموا في مدرسة (النتن ياهو ) في المفاوضات وربما في كل شيء.. َمنه تعلم الحوثي.. يشترط ويصيغ تفاهمات وتتبناها الأمم المتحدة، ولما توافق السلطة الشرعية عليها، يعود ليتنصل، ويستمر بالاجتماعات والمفاوضات والتهدئة ...وهكذا.. بالضبط كما يعمل (النتن ياهو) مع حماس!

 فـــ "الحوثي" لا يريد انجاز السلام ويراهن على الزمن للاعتراف به وتسليمه اليمن لينفذ أجندة إيران في المنطقة، ويسلخ الجمهورية اليمنية عن محيطها العربي. يومكم وجمعتكم مباركة.. .يتبع-3-

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي