بدون شك بأن حياة الأفراد والجماعات والمجتمعات البشرية في كل زمان ومكان مليئة بالحسابات الخاطئة ، في شتى مجالات الحياة ، لكن هناك حسابات خاطئة تفرق عن حسابات خاطئة أخرى ، فالحسابات الخاطئة على المستوى الشخصي تختلف عن الحسابات الخاطئة على المستوى المجتمعي ، والحسابات الخاطئة على المستوى الخاص تختلف عن الحسابات الخاطئة على المستوى العام ، وهكذا ، وتفرق عن بعضها من حيث حجم الآثار والنتائج المترتبة عليها ، وتظل الحسابات الخاطئة في العمل السياسي ، هي أسوأ الحسابات الخاطئة على الإطلاق ، لأن نتائجها كارثية ومأساوية ، وذلك لأن أضرارها تطال شعوباً بأكملها ، وفي كل الأحوال تظل الحسابات الخاطئة ، من الأمور غير المرغوب فيها ، على كل المستويات وفي كل المجالات ..!!
ويمكن تدارك الحسابات الخاطئة ، إذا ما تم إكتشافها مبكراً ، وتم وضع المعالجات المناسبة لها ، في الوقت المناسب قبل استفحالها واستعصاء حلها ، والأفضل هو تداركها قبل حدوثها ، ومن الحكمة والعقل عدم الإقدام على فعلها من حيث المبدأ ، وهنا يتجلى بوضوح حضور الضمير الإنساني والشعور بالمسئولية الشرعية والاخلاقية والانسانية ، فليس من الشرع والأخلاق والانسانية الذهاب بمجتمعات وشعوب إلى التهلكة نتيجة حسابات سياسية وسلطوية خاطئة ومتهورة وغير مسئولة ، والأسوأ من كل ذلك هو الإصرار على استمرار العمل بالحسابات الخاطئة ، رغم الآثار الكارثية المترتبة عليها ، وهذا يجعل القائمين عليها يدخلون في دائرة الإتهام والمحاكمة والإدانة ، وكم تجرعت البشرية من الكوارث والمآسي ، نتيجة الحسابات السياسية الخاطئة ، وغير المدروسة بعناية ودقة ، كإعلان الحروب والصراعات ، والمشكلة في خطورة الحسابات السياسية الخاطئة ، تكمن في أن شعوباً بأكملها تتعرض للكوارث والمآسي نتيجةً لها ، بل إن بعضها تؤثر على البشرية برمتها ( الحرب العالمية الأولى والثانية إنموذجاً ) ، والتي سقط ضحيتها ملايين البشر ، وتسببت في كوارث ومآسي كبيرة جداً ..!!
وكم هي الحسابات السياسية الخاطئة التي تعصف اليوم بعالمنا العربي ، نحو السلبية والفشل والتراجع الحضاري ، نتيجةً للتعصبات الدينية والمذهبية والحزبية والمناطقية والقبلية والطائفية ، ليغرق في مستنقع الخلافات والصراعات والحروب ، ولتتزايد الحسابات الخاطئة للسياسيين العرب ، لتدفع الشعوب العربية الفاتورة الباهضة ثمن تلك الحسابات السياسية المتهورة والإنفعالية والطائشة ، وكم وكم قاد السياسيون العرب شعوبهم نحو المهالك والصراعات والحروب ، نتيجة حساباتهم السياسية الخاطئة وغير المدروسة ، والتي عادةً ما تكون غير متضمنة للآثار السلبية والكارثية التي سوف تتجرعها شعوبهم نتيجة تصرفاتهم وأفعالهم ومغامراتهم الغير محسوبة العواقب ، ومن أفدح وأسوأ الحسابات السياسية الخاطئة على الإطلاق ، إعلان الحروب وخوض غمارها مهما كانت أسبابها ودوافعها بدون إجراء الاحتياطات اللازمة والكفيلة بحماية الشعوب وتوفير الغذاء والدواء والملاجئ لهم ( ما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة من قتل وخراب ودمار ونزوح ومآسي ومجاعة إنموذجاً ) ..!!
-->