في تطور لافت، أطلّ علينا محمد علي الحسيني، المنشق البارز عن حزب الله والذي يحظى حاليًا بحماية المملكة العربية السعودية، بسلسلة تغريدات نارية عبر منصة "إكس" حملت في طياتها اتهامات خطيرة وتنبؤات مثيرة للقلق بشأن مستقبل الحزب واليمن.
رسالة الحسيني الموجهة إلى قيادة "المجلس الجهادي" في حزب الله، وعلى رأسها خليل حرب، لم تكن مجرد عتاب أو انتقاد عابر. بل كانت بمثابة إعلان ولاء صريح للقادة الجهاديين في مواجهة ما وصفه بـ "خيانة القيادة السياسية". الاتهامات التي ساقها الحسيني بتزويد أطراف خارجية بمعلومات سرية والسعي لتشكيل لوبي داخل التنظيم، إن صحت، تشير إلى شرخ عميق يهدد وحدة الحزب وتماسكه الداخلي.
الأكثر إثارة للقلق هو تذكير الحسيني بحادثة اغتيال رئيس أركان الحزب الراحل، أبو علاء كوراني، وتحميله المسؤولية المباشرة للقيادة الحالية، محذراً من تكرار السيناريو. هذا التلميح الخطير يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول طبيعة الصراعات الخفية داخل الحزب وإمكانية تصفية الحسابات. دعوة الحسيني لحرب لكسر "احتكار القرار" وإفشال مخططات القيادة السياسية قبل فوات الأوان، تعكس شعورًا بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ لبنان من "التدمير والخراب" الذي يلوح في الأفق نتيجة "لعبة البيع والشراء" المزعومة.
على صعيد آخر، حملت تغريدات الحسيني رسالة مفاجئة إلى عبد الملك الحوثي، زعيم أنصار الله في اليمن. مطالبته بإعلان "عهد جديد" للمصالحة وكتابة وصيته قبل "اللقاء المحتوم بالموت" تحمل في طياتها تحولًا ملحوظًا في الخطاب تجاه الحوثيين. إبداء التفاؤل بعودة اليمن "سعيدًا" إلى السلام، بالتزامن مع الإشارة إلى انتهاء "مهلة الحوثيين" واقتراب إغلاق "ملفهم"، يثير تساؤلات حول طبيعة هذه "النهاية الوشيكة" وما إذا كانت تحمل في طياتها فرصًا للسلام أم تهديدات بتصعيد جديد.
ختامًا، تأكيد الحسيني على إبرام "صفقة" بثمن "زهيد" بالنسبة لقيادة حزب الله، وتهديده باتخاذ "الإجراء والتنفيذ" قريبًا، مع التأكيد على أن "صنعاء ستلتحق بدمشق مهما كانت التضحيات"، يضعنا أمام سيناريوهات مفتوحة على مصراعيها.
شخصيًا، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الحسيني ليس مجرد محلل سياسي عابر. فهو شخصية كانت جزءًا من الدائرة الداخلية لحزب الله، وبالتالي فإن تغريداته لا يمكن اعتبارها مجرد كلام مرسل. طبيعة المعلومات التي يمتلكها، بالإضافة إلى حقيقة وجوده تحت حماية دولة إقليمية ذات نفوذ، تضفي على كلماته وزنًا إضافيًا. يبقى الاحتمال واردًا بأن تكون هذه التغريدات جزءًا من حرب نفسية مُدارة، ولكن المعطيات التي يشير إليها قد تستند إلى وقائع ملموسة على الأرض.
الأيام القادمة، بلا شك، ستحمل في طياتها إجابات لكثير من هذه التساؤلات. فتصريحات شخصية بهذا الثقل، قادمة من قلب التنظيم السابق، لا يمكن أن تمر مرور الكرام. وبين احتمالات الانقسام الداخلي في حزب الله والتطورات المتسارعة في الملف اليمني، يبدو أن المنطقة على موعد مع مفاجآت قد تغير الكثير من المعادلات القائمة. يبقى الترقب سيد الموقف، مع الأخذ في الاعتبار أن مصدر هذه التصريحات لاجئ سياسي في دولة لا تُعرف بتشجيع حرية التعبير السياسي، وهو ما يطرح علامات استفهام إضافية حول دوافعه وتوقيت هذه التصريحات.