الرئيسية > تقارير وحوارات > عاقلة حارة.. تجربة ملهمة خاضتها إشراق في ضواحي تعز وواجهت التحديات بإصرار!

عاقلة حارة.. تجربة ملهمة خاضتها إشراق في ضواحي تعز وواجهت التحديات بإصرار!

" class="main-news-image img

 

تقف في منتصف الحي وبيدها كشف أسماء، تنادي عليهم فرداً فرداً ليستلم كل منهم أسطوانة الغاز المنزلي الخاصة به، والتي عملت هي بصفتها "عاقل حارة" جاهدة من أجل توفيرها إضافة الى ما استطاعت توفيره من الإغاثة وماء السبيل من المنظمات الإنسانية.

إشراق علي نعمان الجعشني 39 عاماً، "عاقل الحارة" والوسيطة المجتمعية في حي الجمهوري وسط مدينة تعز الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة الشرعية جنوب غربي اليمن.

منذ سنوات تعمل هذه المرأة وسط مجتمع ذكوري لا يروق له ممارسة المرأة عملاً كهذا، يعده من الأعمال القيادية التي تخص لرجل. التقيناها لننقل صورة المرأة اليمنية وما الذي يمكنها أن تقدمه للمجتمع في ظل هذه الظروف.

تحدّ وإصرار

تقول الجعشني لموقع "المصدر أونلاين": "لقد عانيتُ حقًا في بداية مشواري عام 2015، وهو عام حرب، عندما بدأت ممارسة عملي كعاقل لهذا الحي، حيثُ تعرضتُ للقذف والشتم والاعتداء الجسدي كالضرب والسحب من قبل أشخاص ليسوا من أبناء الحي، يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن "تمرد أي امرأة" ويعتبرون عمل المرأة أيا كانت إهانة لهم".

وتضيف الجعشني أن عملها السابق في تقديم الخدمات للحي إبان عملها كناشطة اجتماعية، أكسبها خبرة في التعامل مع المنظمات الإغاثية والإنسانية إضافة إلى مساعدتها في حل المشكلات الاجتماعية في الحي ومبادرتها في جلب فاعلي الخير لمساعدة المحتاجين، منحها قُبولاً عند أبناء الحي وجعلهم يتشبثون بها كعاقل لإدارة شؤون الحي.

وعن الدافع وراء قيامها بهذه المهمة، تقول الجعشني: "تنبُع عزيمتي كامرأة مهمش دورها في المجتمع من المعاناة التي يعيشها مجتمعي، فأنا ابنة حي منسي تمامًا من أي مساعدات أو إمدادات إغاثية كانت تحظَى بها بقية الأحياء".

تولي الجعشني جل اهتمامها لمساعدة هذا الحي والذي له النصيب الأكبر من أعمالها الخيرية، خصوصًا أنها تريد أن تثبت دورها المهم في هذا المجتمع، كردة فعل تثبت لكل من اعترض طريقها وحاول إيقافها أنها جديرة بهذا العمل ولا تقل قدرة عن شقيقها الرجل, كما تقول.

وتشير الجعشني أن لزوجها الداعم لمكانة المرأة والمدرك قيمتها في المجتمع دور كبير في تشجيعها ودعمها لخوض هذه المعركة والفوز بها.

رحلة عبور

بشهادة أبناء الحي فقد تحسن حال حي الجهوري كثيراً منذ صارت الجعشني هي العاقل، فقد أدخلت إليه مياه السبيل، وسجلت أبناء الحي ضمن كشوفات المنظمات الإغاثية وتشرف هي على توزيع المساعدات، وتوفر اسطوانات الغاز، بالإضافة إلى أنها تساعد أبناء المجتمع عند الملمات، كما في حالات إجراء العمليات أو تكاليف علاج المحتاجيين بدعم من فاعلي الخير.

وذلك كله فضلًا عن عملها كوسيطة مجتمعية تحل المشاكل والقضايا التي يسلمها لها أصحابها بثقة، وهذا ما جعل من إشراق قصة ملمهة يتداولها الناس، حسب إشادة أبناء الحي.

وبحسب من تحدث إليهم مرر المادة من أبناء الحي فـ"إن ما يجعل إشراق بهذه الحيوية والاهتمام بتطوير الحي وتقديم كل ما يمكن من الخدمات لأبنائه هو شعورها بالمسؤولية وتقدسيها لها، فالمرأة التي تستطيع أن تدير أسرة قادرة أيضًا تريد العالم, هذا ما أثبتته الجعشني"، كما يقول نائف حسن، وهو أحد أبناء الحي.

ويضيف نائف وهو عضو في اللجنة المجتمعية لـ"المصدر أونلاين" أن "كل ما يحتاجه أبناء الحي هو الحصول على المقومات التي تمكنهم من العيش في ظل هذه الحرب التي تعصف بالبلاد، وإشراق وفرت لهم كل ما يحتاجوه ومالم يوفره العُقال الآخرين، فضلًا عن تعاملها الجيد وشعورها بالناس، لذا هم متقبلين لها بل متفاخرين بها ويؤكدون دائمًا رضاهم ودعمهم لها".

المرأة انسان

" يجب أن تدرك المرأة نفسها قبل الآخرين لقيمة المرأة وأن تؤمن بقدرتها وكماليتها إيماناً مطلقاً حتى تستطيع أن تقنع الآخرين وتبدا السير في رحلتها" هكذا قالت إشراق في رسالتها الأخيرة والتي وجهتها إلى بنات جنسها.

أما رسالتها للمجتمع فتقول: "على المجتمع أن يدرك بأن المرأة نصف المجتمع ولا يمكن إقامة حياة كاملة بدون النصف، والمرأة لديها قدرات عالية ولا ينقصها شيء عن شقيقها، لن تعرف ذلك إلا حينما تترك لها المجال وستنبهر من قدراتها العجيبة التي دفنتها تقاليد المجتمع".


الحجر الصحفي في زمن الحوثي