الرئيسية > تقارير وحوارات > سبل العيش في اليمن .. كوارث متتالية تعصف بأحلام الشباب الجامعي

سبل العيش في اليمن .. كوارث متتالية تعصف بأحلام الشباب الجامعي

" class="main-news-image img

 

يأتي عام بعد أخر ولم يخرج اليمن من كابوس الحرب، توقفت الغارات الجوية إلا أن حصار عدد من مدنه لازال قائما، لم تبقى الحرب على الدولة سوى الاسم فالشلل الذي لحق بمؤسساتها يكاد يفتك بما تبقى منها، البلد الذي يمتلك حكومتين يزداد قصور أداءهما يوما بعد أخر، فبعد أن كانت مجانية التعليم الأساسي والزاميته على الأطفال والشباب أصبح اليوم من الأمور الصعبة لدى شريحة واسعة منهم، أما التعليم الجامعي بات تحديا بين رغبات الحياة ومتطلباتها.

 

عدم الرغبة

 

لم يكن الشاب اليافع محمد نبيل على علم بأن رغبته للتعليم ستختفي عاما بعد أخر فبعد أن درس عام دراسي تخصص محاسبة، أوقف القيد عازفا عن الدراسة مكتفيا بالعمل الذي يساعده على العيش دون الحاجة لأي أحد.

 

تترتب على عاتق محمد مسؤولياته الشخصية والمساهمة في إعالة أسرته التي تسكن الريف، يرفض الحديث عن أسباب تركه للتعليم ويكتفي بالقول: " لم أعد أرغب بشيء اسمه دراسة"!

 

 بدى الإحباط واضحا في حديث محمد معنا فالشاب الذي يدخل العقد الثاني من عمره، لا يجد مستقبلا جيدا في انهاء التعليم فلا يرغب حتى بتغيير تخصصه قائلا: "خلاص لا أريد أن أدرس".

 

وكغيره من الشباب اتجه جهده نحو التفكير بمشروع وقبله الاستقرار والزواج.

 

على عكسه يجد حارث عبد اللطيف -20 عاما- التعليم هو طوق النجاة له، ما يجعله يبذل قصار جده في سبيل إتمام تعليمه.

 

يدرس حارث تخصص علوم الحاسوب IT في إحدى الجامعات الخاصة ويعمل بدوام كامل ما يتسبب بفقدانه عدد من المحاضرات الدراسية ومحدودية وقت المذاكرة كما يقول في حديثه لـ " يمن فريدم": " كل وقتي في العمل أو الجامعة وإذا وجدت وقت للمذاكرة، اذاكر وأنا مجهد من العمل، لا أجد وقت للراحة أو البقاء مع الأصدقاء في مجلس القات كما كنت في السابق".

 

يحرص حارث على إنهاء دراسته الجامعية بالفترة المحددة حتى لا تتراكم عليه الديون من جهة ويرتاح من الضغط الذي يعانيه من جهة أخرى يقول: " اشتي اخلّص الدراسة وارتاح، الآن لازم أوّفر مصاريف للدراسة، لازم أسدد أقساط الجامعة، كمان لازم أشارك في مصروف البيت".

 

كما هو الحال مع عزيز توفيق الطالب في المستوى الثالث بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء قسم المحاسبة والمراجعة والذي يشكل له العمل عبء على الدراسة إلا أنه اعتاد عليه ويشكو من ضيق وقت المذاكرة وعدم حضوره عدد من المحاضرات بسبب التزامه بالدوام ما يؤثر على مذاكرة دروسه بالشكل الذي يرضيه.

 

يستغل عزيز أوقات فراغه كاملة حتى يتغلب على الصعوبات التي تواجهه خلال فترة دراسته يقول لـ "يمن فريدم": تمر أيام انام فيها فقط 4 ساعات وهذا ينعكس سلبا على صحتي فدائما ما يبدو عليا الاجهاد والتعب سوى في الجامعة أو اثناء العمل، ولا أستطيع أخذ إجازة للراحة حتى أتمكن من توفير مصاريف الدراسة، خاصة أنه يتوجب عليّ مساعدة أسرتي أيضا.

 

دور المجتمع

 

في ظل وضع اقتصادي سيء تعيشه البلاد يصعب على كثيرين مواصلة تعليمهم الجامعي، يشير أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمود البكاري إلى ضرورة حضور دور المجتمع في تبني مؤسسات المجتمع المدني تغطية نفقات تعليم الطلاب الميسورين وذلك من خلال تنفيذ مشاريع تعليميه والعمل على تسويق هذه المشاريع لدى المنظمات المانحة ورجال الأعمال، ما سيكون لهذا دور كبير في مساعدة الطلاب لمواصلة تعليمهم الجامعي.

 

دور الدولة

 

ويرى البكاري أن على الدولة منع تحول مؤسسات التعليم إلى مؤسسات خاصة هدفها الربح المادي وبموجب القانون والدستور فإنها ملزمة بضمان حق التعليم للجميع وذلك بتوفير البنى التحتية والكوادر المؤهلة من أجل جودة التعليم وتشجيع الطلاب والطالبات على الالتحاق ومواصلة التعليم.

 

الحرب

 

ساهمت ظروف الحرب التي تمر بها البلاد منذ ما يزيد عن 8 سنوات في توقف عدد من الشباب لتعليمهم الجامعي، ففي السابق لم يكن العمل عائقا لمواصلة التعليم بل كان العامل المساعد في انهاء الطلاب تعليمهم كما يحدثنا بذلك زهير منصور -45عاما- وهو خريج كلية العلوم جامعة صنعاء، يقول: انهيتُ دراستي الجامعية بفضل العمل إذ توفرت لي مصاريف الدراسة، كنت أجد أكثر من عمل، عملت في التدريس وفي البيع داخل المحلات وفي حراسة الأسواق الشعبية " سوق القات"، هذه الأعمال البسيطة كانت توفر لي مدخول أعيش وادرس من خلاله لكن هذه الأيام إذا وجدت فرصة يجب أن تحافظ عليها".

 

وتُشكل المساعدة المجتمعة غطاء صلبا للطلاب خاصة القادمين من الأرياف وبحسب منصور فإن هناك عدد من الأسر تفتح ملحقات منازلها لهؤلاء الطلاب حتى يتمكنوا من مواصلة تعليمهم الجامعي، كما يشكل الاستقرار الوضع عاملا مهما في خلق فرص عمل مختلفة تتناسب مع أوقات الطلاب فلا يضطروا لترك دروسهم من أجل العمل.

 

اليوم تُعد غياب فرص العمل أبرز معوقات استمرار التعليم الجامعي لدى الشباب، فمن ظفر بعمل ما يخشى فقدانه أكثر من خشيته على فقدان حلمه المتمثل بالحصول على شهادة جامعية في تخصص يرغب به.


الحجر الصحفي في زمن الحوثي