الرئيسية > الصحة والمجتمع > لفهم وحدات بناء الخلية البشرية .. محاولة للتصميم الداخلي للخلايا

لفهم وحدات بناء الخلية البشرية .. محاولة للتصميم الداخلي للخلايا

" class="main-news-image img

 

الخلية هي أصغر وحدة بنيوية في جسم الإنسان الذي يتكون من مئات الملايين من الخلايا التي تتشارك في بنيتها ومكوناتها، وتختلف في شكلها ووظائفها وأيضا في تنظيمها الداخلي. وانشغل العلماء لزمن طويل بدراسة الخلية البشرية وأشكالها واختلافاتها؛ في محاولة لفهم أسباب الاختلاف وطرقه ونتائجه .

وفي إطار هذه المساعي، استطاعت مجموعة من الباحثين في "معهد آلِن لعلوم الخلية " ، وضع أرقام على التنظيم الداخلي للخلايا البشرية، وهو مفهوم بيولوجي كان من الصعب للغاية حتى يومنا هذا إنجازه، كما استطاعوا أيضا التقاط تفاصيل حول التباين الغني في شكل الخلية حتى بين الخلايا المتطابقة وراثيا التي تنمو في ظل ظروف متطابقة، ونشر الباحثون نتائج دراستهم في دورية "نيتشر " في 4 يناير/كانون الثاني الجاري .

وقالت الدكتورة سوزان رافلسكي نائبة مدير معهد آلِن لعلوم الخلية، التي قادت الدراسة مع كبير العلماء الدكتور ماثيوس فيانا، في البيان الصحفي الذي نشره موقع "يورك ألرت " والمنشور على موقع المعهد، إن "الطريقة التي يتم بها تنظيم الخلايا تخبرنا شيئا عن سلوكها وهويتها. ما كان ينقصنا في هذا المجال، حيث نحاول جميعا فهم كيفية تغير الخلايا في الصحة والمرض، هو طريقة دقيقة للتعامل مع هذا النوع من التنظيم ".

خارطة طريق

وتكمل أن "هذه الدراسة توفر خارطة طريق لعلماء الأحياء لفهم تنظيم أنواع مختلفة من الخلايا بطريقة كمية قابلة للقياس. كما يكشف أيضا عن بعض المبادئ التنظيمية الرئيسية للخلايا التي يدرسها فريق معهد آلِن، والتي تُعرف بالخلايا الجذعية المستحثة المتعددة القدرات". إن فهم كيفية تنظيم الخلايا لأنفسها في ظل ظروف صحية -والمجموعة الكاملة من التنوعات الموجودة في الإطار "الطبيعي"- يمكن أن يساعد العلماء على فهم الخطأ الذي يحدث في المرض بشكل أفضل .

ويشرح الدكتور والاس مارشال أستاذ الكيمياء الحيوية والفيزياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو، عضو المجلس الاستشاري العلمي لمعهد آلِن لعلوم الخلية، في البيان الصحفي، أن "جزءا مما يجعل بيولوجيا الخلية تبدو عصية هو حقيقة أن كل خلية تبدو مختلفة، حتى عندما تكون من نفس النوع من الخلايا. وتوضح هذه الدراسة التي أجراها معهد آلِن أن هذا التباين نفسه الذي ابتلي به المجال منذ فترة طويلة، هو -في الواقع- فرصة لدراسة القواعد التي يتم من خلالها وضع الخلايا مع بعضها. هذا النهج قابل للتعميم على أي خلية تقريبا، وأتوقع أن يتبنى العديد من الآخرين نفس المنهجية ".

صور عالية الدقة

العمل الذي بدأ قبل 7 سنوات شمل بناء مجموعة من الخلايا الجذعية المهندسة وراثيا، ثم إضاءة الهياكل الداخلية المختلفة للخلايا تحت المجهر الفلوري . وبفحص الخطوط الخلوية المتاحة تم تحديد 25 بنية فردية للخلايا، وقام العلماء بالتقاط صور ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لأكثر من 200 ألف خلية مختلفة .

وقد واجه الفريق تحديا في مقارنة نفس البنية بين خليتين مختلفتين، على الرغم من أن الخلايا المدروسة كانت متطابقة وراثيا وتمت تربيتها في نفس البيئة المختبرية، إلا أن أشكالها تختلف اختلافا كبيرا . وأدرك العلماء أنه سيكون من المستحيل مقارنة موضع البنية (أ) في خليتين مختلفتين إذا كانت إحدى الخلايا قصيرة ومضغوطة والأخرى طويلة ولها شكل الكمثرى، لذلك وضعوا أرقاما على تلك النقاط القصيرة والكمثرية الطويلة .

وباستخدام التحليلات الحسابية، طور الفريق ما يسمونه "مساحة الشكل" التي تصف بشكل موضوعي الشكل الخارجي لكل خلية جذعية. وتتضمن مساحة الشكل هذه 8 أبعاد مختلفة لتنوع الشكل، مثل الطول والحجم والاستطالة والوصف المناسب "الكمثرى " و"الحبة"، وهو ما مكن العلماء بعد ذلك من مقارنة التفاح بالتفاح (أو الفاصوليا بالفاصوليا)، بالنظر إلى تنظيم الهياكل الخلوية داخل جميع الخلايا المتشابهة الشكل .

يقول الدكتور فيانا "نحن نعلم أنه في علم الأحياء، يترابط الشكل والوظيفة، وفهم شكل الخلية مهم لفهم كيفية عمل الخلايا. لقد توصلنا إلى إطار يسمح لنا بقياس شكل الخلية، وفي اللحظة التي سنقوم فيه بذلك، يمكنك العثور على خلايا ذات أشكال متشابهة، وبالنسبة لتلك الخلايا يمكنك بعد ذلك النظر في الداخل ورؤية كيف يتم ترتيب كل شيء ".

تنظيم صارم

عندما فحص العلماء 25 بنية مميزة، وقارنوا تلك البنى بمجموعات من الخلايا ذات الأشكال المتشابهة، وجدوا أن جميع الخلايا قد قامت بتنظيم محتوياتها بطرق متشابهة بشكل ملحوظ، على الرغم من الاختلافات الهائلة في شكل الخلية، وكان تنظيمها الداخلي متسقا بشكل لافت للنظر .

ويمكن أن يمنح اكتشاف الاختلافات عن الحالة الطبيعية للعلماء معلومات مهمة حول كيفية تغير الخلايا عندما تنتقل من ثابتة إلى متحركة، أو عندما تستعد للانقسام، أو حول الخطأ الذي يحدث على المستوى المجهري أثناء المرض. وقد فحص الباحثون نوعين مختلفين في مجموعة البيانات الخاصة بهم: الخلايا الموجودة على حواف مستعمرات الخلايا، والخلايا التي تخضع للانقسام، وهي عملية تُعرف باسم الانقسام الفتيلي، وفي هاتين الحالتين تمكن العلماء من العثور على تغييرات في التنظيم الداخلي مرتبطة بالبيئات أو الأنشطة المختلفة للخلايا .

قال الدكتور رو جوناوردان، المدير التنفيذي لمعهد آلِن لعلوم الخلية "تجمع هذه الدراسة كل ما كنا نقوم به في معهد آلِن لعلوم الخلايا منذ إطلاق المعهد . لقد بنينا كل هذا من البداية، بما في ذلك المقاييس لقياس ومقارنة الجوانب المختلفة لكيفية تنظيم الخلايا. ما أنا متحمس بشأنه حقا هو كيف يمكننا والآخرين في المجتمع الآن البناء على هذا وطرح أسئلة حول بيولوجيا الخلية لم يكن بإمكاننا طرحها من قبل ".

يذكر أن مجموعة بيانات الصور والخلايا الجذعية المعدلة وراثيا والرموز التي تم إدخالها في هذه الدراسة، كلها متاحة للجمهور لاستخدامها من قبل علماء آخرين .


الحجر الصحفي في زمن الحوثي