مع كل حل لمشكلة نخلق أربع مشاكل وهات يا هدرة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الثلاثاء ، ٢١ مارس ٢٠٢٣ الساعة ١١:٣٢ صباحاً

توفرت كل المقومات والشروط لعدن لتكن قاطرة اليمن تنمويا، واقتصاديا، وسياسيا، وكانت الحرب ايضا فرصة لتحولها الى وعاء للمال اليمني، والدعم الخارجي، وايضا للعقل اليمني، وايضا الطاقات. وعني على ثقة ان عدن كان يمكنها تتحول الى مدينة ليست اقل من الجور كوعاء لليمن الكبير تبرمج المجتمع بشكل اخر، وكل هذا لم يحصل وهي الان، وبقية المدن اليمنية قرى لا اكثر. ورجعت هنا الى تجارب الاخرين، كيف يفهمون المتغيرات ويخرجون بافضل النتائج حتى تحت وجود ازمات، ونحن نعيش في حقول اوهام ونعممها ونفكر ان تلك بوابة المستقبل.  ففي منتصف القرن السابق انهارت مدن في بريطانيا، والاسباب عديدة يمكن تلخيص اهمها في ازمة الفحم، استقلال المستعمرات، انتهاء مرحلة الاعمار بعد الحرب العالمية، انتهاء متطلبات الحرب، وعدم الاحتياج لصناعة معدات الحرب. ذلك أدّى بالطبع الى إغلاق مصانع الحديد، واغلقت مصانع النسيج بسبب عدم التوريد لمواد الخام لها من المستعمرات. والنتيجة الطبيعية هو انهيار مدن في بريطانيا. انهيار مدن يعني ارتفاع البطالة، والهجرة، وقلة الحركة التجارية وانهيار الخدمات، والبنية التحتية او اقلها تهالكها. هنا ظهرت مشكلة معقدة كبيرة لبريطانيا وجب الان تفكيكها وايجاد حلول  حتى يمنع الانهيار اكثر. وكان لابد ان تتخذ  الحكومة خطوات مهمة منها التوجه العام الى مرحلة بناء جديدة تلائم العصر وتجفف اسس المشاكل. هنا تم اعتماد ثلاثة محاور متواجدة وهم القوة العاملة المؤهلة، التي اصبحت عاطلة وشبكات المواصلات، التي تربط المدن ببعضها و وجود دعم حكومي للمشاريع يقليل من الاخطار امام التنافس الخارجي. وفعلا بدأت بريطانيا محاور انتاجية مهمة في حقبة الستينات من القرن السابق مثل الصناعات الحديثة من بيو تكنولوجي والإلكترونيات والسيارات وغيرها، ولكن ذلك لم يكفي للقضاء على البطالة، التى ظهرت كنتيجة طبيعية وقتها.  لذا كان الانفتاح مع الخارج وفتح صفحة جديدة وبالذات مع المستعمرات القديمة جعل بريطانيا تشكل قطاع اقتصادي عالمي جديد لم يكون هناك من يمكن ان ينافسها. هذا القطاع الجديد هو  قطاع الخدمات الداخلية و الخارجية. ذلك حول لندن الى مركز العالم في كل شيء اي البنوك وشركات التأمين والطيران والعقارات والاستثمار والسياسة والاعلام وغير ذلك. اليوم صار في لندن اكثر من ٧ مليون شخص وصارت مركز سياحي ينفق فيها السياح اكثر من ١٤ مليار يورو على الفنادق والمحلات والمطاعم والمعالم السياحية كما ورد في دراسة شركة ماستر كرد البنكية، وكل سنة يرتفع هذا المبلغ اكثر من مليار و نصف، بقية الارقام من السياحة يطول شرحها لاسيما ولندن يزورها مئات الالاف فقط في نهاية الاسبوع. اليوم كل مدن العالم تنفتح مثل لندن، وكل منها تقدم افضل ماعندها من باريس الى روما الى برلين وغيرهن، والتنافس يزداد في كل مدينة اي اختفت العنصرية والتقزم والمشاريع الصغيرة المغلقة. اليوم العالم ينفتح ويتوسع ويتطلع لاستقطاب المال والعقل والثقافة من اي بلد.  يتجسد ذلك في توسع قطاع الخدمات ليس فقط لمجتمعتهم وانما خارج الحدود للجنس البشري.  هكذا يخطط ويعمل غيرنا، ونحن في اليمن لم نقدر نرتب مدينة او قطاع خدمات واحد صح او نتصالح مع بعضنا بعض.  قطاع الخدمات لاكثر من ٣٠  مليون في اليمن كان يمكن يكن في زمن الحرب في مدينة مثل عدن كبوبة بين الماضي والمستقبل، تستقطب الجميع، الخليج بمساهمتهم، والخارج بدعمهم, ورجال المال بمالهم، وعقول اليمن المهاجرة، والمغتربين وثروتهم لتكون منارة للمدنية والتعايش بين ابناء اليمن تسحب اليمن الجديد بعد الحرب بشكل مختلف، تشكل الدولة بفكر منفتح  اخر.  نحن لا نقول نريد عدن او صنعاء او تعز مثل لندن لاسيما ومجتمعنا فيه من العمالة والارتهان والمناطقية والتسلط والجهل مايكفي لنكون اكثر وقعية، وانما نقول نريد نتطلع الى نفس الاتجاه الطبيعي -مثل سنغافورة الشرق-، التي جمعت الهنود والصنيين والماليزين والاوروبيين وغيرهم في كيان وهدف واحد.  وهذا المثال الاول على فشلنا ونجاح غيرنا واما المثال الثاني، لماذا ينجح عقول غيرنا وتفشل "عجولنا". فقبل ٢٠ سنة كان الحديث هنا في المانيا عن تغيرات ديمغرافية قادمة، مما يعني انكماش عدد السكان، والانتاج، وانهيار الضمان الاجتماعي، والخدمات والمنافسة وان الموضوع حسم كون المجتمع الالماني مجتمع عجوز، حيث بدأ انكماش السكان من ٨٢ الى ٨٠ مليون وكان التناقص مستمر، وهذا بدوره يفرز مشاكل في اي مجتمع صناعي مثلما حصل في بريطانيا بسياق اخر، مما سوف يجعل الضرائب والمعاشات والتأمينات تتقلص، وبذلك ترتفع نفقات الرعاية الاجتماعية ، والمدن الصغيرة تتفكك بسبب الهجرة منها مما يجعل الاسواق العقارية تنهار ايضا، وايضا قدرة الدولة على المنافسة وغيره. ونظرت الدولة  لايجاد حلول من المتغيرات السريعة والمشاكل القادمة وان هناك حدود ٥٢ مليون شخص في سن العمل في ألمانيا، تتراوح أعمارهم بين ٢٠ و ٦٦ عام، واقول في سن العمل، اي عمال، وعاطلين، واشخاص على مشارف التقاعد. وانه بحلول عام ٢٠٣٥، سينكمش عدد السكان في سن العمل الى حدود ٤٥ مليون شخص، وبعدها بعشر سنوات سوف يصل الى تحت ٤٠ مليون شخص فاعل ومنتج. والحل تشجيع الاسرة على الانجاب، والاهتمام بالاطفال، ودعم الاسر، وفتح المانيا. وبدون الهجرة سينخفض ​​عدد السكان في سن العمل بنحو ١٠ ملايين شخص بحلول عام ٢٠٣٥. ولذا لابد من سياسة انفتاح واستقطاب سريعة. واليوم نجد نجاح الخطط امامنا، فقد تجاوز عدد السكان ٨٣ مليون نسمة، وارتفع عدد القوة العاملة، التي تدفع ضرائب الى حدود ٤٦ مليون شخص، وهذا اكبر عدد وصلت له المانيا في تاريخها، مما انعكس بشكل ايجابي على حجم التحصيل الضرائبي، والذي وصل الى ٨٣٣ مليار يورو سنويا في هذا البند، اي يوازي حجم الدخل القومي لليمن ل ٣٥ سنة.  وخلاصة الامر اختلاف الاهداف لا تعرقل ايجاد حلول حقيقية لمشاكلنا والاستقرار والتقدم وانما تدمر المجتمع  بتحويله الى مستنقع لمشاريع صغيرة مضحكة، لا تصلح لهذه الالفية، ولا تصنع الا مدن منهارة ومجتمعات عالة. ولذا هناك مشاريع كبيرة تجمع، ومشاريع صغيرة تقزم، مما سوف تجعلنا نطوبر كشعب يمني دون استثناء امام سلات الغذاء والمساعدات الى ان نصل الى حوض المصطفى، الا اذا حدثت معجزة بمفهوم السلطة والدولة والتي استبعدها. ومع مرور اكثر من ٣٣ سنة لي في الغرب اشعر انا باتقان غيرنا لايجاد حلول لمشاكلهم مهما كبرت، ونحن في اليمن مع كل حل لمشكلة نخلق اربع مشاكل اكبر، ونذهب الى مشاريعنا الفاشلة في الماضي نبحث عن حل كون لانعرف غيرها، وهات ياهدرة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي