تخيّلوا لو أن الرّسول -صلى الله عليه وسلم- عندما جاء إليه خالد بن الوليد، ليعلن إسلامه، قال له "أنت السبب في ما حدث في أُحد. أنت السبب في استشهاد سبعين من أصحابي. وأنت. وأنت". ماذا كان سيحدث؟ أكيد أن خالدا كان سيعُود إلى مكّة، ويعلن عداوته الدائمة للإسلام، وسيحرم المسلمين من قائد فذ وجندي محنّك.. لكن نبيّ الرحمة لم يفعل ذلك، بل رحّب واستقبل خالد، وأطلق عليه لقب [سيف الله المسلول]، فكل ما فعله خالد قبل إسلامه أصبح من الماضي، والإسلام [يجُبّ ما قبْلَه].. اليوم، وللأسف الشديد، الكثير منّا يحاسبون الناس على مواقفهم السابقة، رغم تغيُّرهم، ووقُوفهم في صفِّ الحق، كأنَّ بابَ التوبة قد أُغلق، ولم يعد لها مجال.. يا جماعة الخير: الثورة والمقاومة ليست انتقاما، ولا تصفية حسابات، إنَّما قيم ومبادئ.. هناك هدف خرجنا وضحَّينا من أجله، هو "بناء دولة مدنية".. أركانها: "الحُرية، والعدل، والمساواة، والتعايش".. هذه الدولة لا يمكن أن تقوم إلا إذا تحلَّينا بصفات: التسامح، والعفو، والصدق.. وابتعدنا عن سياسة الانتقام، والتشفِّي، وتصفية الحسابات، كمان كان -صلّى الله عليه وسلم- في مواقفه وتعاملاته وقيادته.
-->