آثارنا ضحية التدمير والنهب الحوثي

موسى المقطري
الأحد ، ١٥ يناير ٢٠٢٣ الساعة ٠٢:٣٥ مساءً

 

في كل دول العالم تعتبر الدول اثارها ثروة قومية انسانية ، وتعمل كل ما بوسعها للحفاظ عليها في ابهى صورة ، وهذا السلوك هو الوضع الطبيعي لكل الحكومات في العالم ، اما حين تسيطر المليشيات وتتحكم فإن ذلك يمثل نكبة لكل المكتسبات التي تحققت قبلها ، وهذا ما حصل ويحصل في اليمن منذ تمكن الحوثي من السيطرة على جزء من البلد فحول أثاره التي صمدت لعشرات القرون الى ساحة مفتوحة للنهب والسلب والتدمير ، وكانت النتيجة ان الاثار التي سلمت من التدمير اصبحت في حوزة مافيا تجارة الاثار العالمية وتتحول من معناها الرمزي التاريخي الى سلع تجارية تقام لاجلها المزادات ويمتلكها من يدفع أكثر .

منذ الانقلاب الاسود في العام 2014 ركز الحوثي على محاولة فصل اليمنيين عن تاريخهم الذي لايعد الحوثي بفكره المستورد جزء منه ، ولذا استهدف الاثار بالتدمير فاغلق ونهب المتاحف وحول العديد من المواقع الاثرية إلى ملكية خاصة أو مواقع عسكرية لمليشياته كما فعل في زبيد مثلا التي نهب مكتبتها الأثرية ونفائس مخطوطاتها التي تزيد اعمار بعضها عن ألف سنة ، وحوّل قلعتها الاثرية الى موقع عسكري ومركزاً لنشر التشيّع وأفرد جزء كبير منها  لاقامة محطة توليد كهرباء كمشروع استثماري يتبع أحد القيادات الحوثية .

الأثار السلبية للحوثي وحربه على البلد ارضاً وإنساناً امتدت لتشمل كل جوانب الحياة لليمنيين حاضرهم وماضيهم ، وعلى راس ذلك الأثار التي حافظت عليها الأجيال السابقة واعتبرتها جزء من الهوية اليمنية لكن الحوثي لايجد ذاته مرتبطاً بهذه الهوية ويعتبر أن ارتباطه  فقط بمشروعه وفكره الطارئ على اليمن واليمنيين ، وتحولت الاثار في نظره من معانيها التاريخية والمعنوية الى سلعة مادية تدر عليه وعلى قياداته المال .

مارس الحوثيون نهب الاثار لغرض بيعها والتربح منها ، واصبح من المعتاد أن تقوم القيادات الحوثية بالسطو على المواقع الاثرية والمتاحف والمكتبات التاريخية في اكثر من محافظة ، ثم لاحقاً ظهرت هذه القطع الأثرية المنهوبة في مزادات عالمية ، وهذا السلوك مرتبط بابجديات الفكر الحوثي الذي لايؤمن بأي من القيم ولا القوانين ولا الأخلاق ، ويعتبر البلاد وماتحوي ملكاً لسلالته فقط ، ولذا لايتورع عن بيع كل ما تصل اليه ايديه العابثة من أثار او مخطوطات مادامت تحقق لقيادته الإثراء المالي على حساب البلد وتاريخه ، مع أن الاثار تعد ثروة قومية ولايحق لجماعة او سلالة بعينها أو أي جهة مهما كانت سلطتها التصرف فيها بموجب القوانين المحلية والدولية.

إن ما يمارسه الحوثيون بحق أثارنا جريمة مكتملة الاركان يجب ان يتحرك لاجل وقفها الداخل والخارج ، وان تتوقف عمليات المتاجرة بالقطع الاثرية التاريخية وبيعها في المزادات العالمية ، كون هذه الاثار لا تخص بلد بعينه فقط لكن تخص الحضارة الانسانية بشكل عام ، ولابد من وقفة جادة من قبل المجتمع الدولي لتجريم كل من ينهب او يدمر الأثار أو يتاجر بها سواءً على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي  .

دمتم سالمين ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي