ليس في العنوان نكته او إسقاط فكاهي من أي نوع، كما أن المقال ليس أدبيا كما قد يفهم منه، بقدر ما يشير إلى جانب من الحضور المتفرد للصناعة اليمنية قديما، والقيم العالية لعلامات تجارية ذات قيمة سوقية عالية وعابرة للقارات ك " الإزار الشرعبى الذي كان بطل المواجهة الحاسمة ضمن صفقة تجارية في مقابل قوس نادرة كثيرا ما عرضها صاحبها للبيع ثم تراجع تحت وطأة عشقه لها.
وثق هذه المواجهة الشماخ الذبياني، احد الشعراء المخضرمين في سياق قصيدة شديدة التعقيد تضمنت ما يشبه الرواية العاطفية، أو القصة الأقرب للمسرحية الشعرية، وشكلت فيها المواجهة بين القوس العذراء والازار الشرعبي النهاية التراجيدية المؤسفة لعلاقة دراماتيكية حميمية باذخة الجمال و الشعور بين القوس وصاحبها، تجاوزت العلاقة المجردة والشعور الحميمي إلى علاقة روحية وشعور انساني راقي.
وبعيدا عن تفاصيل العلاقة المثيرة بين القوس العذراء وصاحبها، والتي امتدت لسنوات منذ أن لمحها كعود ينمو خفية بين الأشجار حتى صارت قوسا، فإن المثير في القصة هو تفرد القوس وجاذبيتها التي لفتت أنظار العابرين في الطرقات، فضلا عن خبراء القسي وعشاقها في مواسم الحج والاسواق التي كان يرتادها، ليجد نفسه بشكل دائم ومتكرر أمام المزيد من المساومات والعروض المغرية لشراء القوس، والتي كانت تولد لديه حيرة وتردد بين بيعها من عدمه، لكنه سرعان ما يتجاوز تلك المساومات متمسكا بقوسه.
وفي اليوم الحاسم وجدت القوس العذراء نفسها في مواجهة غير متكافئة و مثيرة أمام الإزار الشرعبي، في عرض شديد الإغراء قدمه أحدهم يتضمن إلى جانب ذلك العديد من الأشياء الاخرى منها أربعة اثواب حريرية وقطع فضية وذهبية في مقابل القوس، لتحسم الصفقة أخيرا لصالح العرض شديد الإغراء الذي تصدره الازار الشرعبي بخطوطه المسنوجة من حرير القز الخالص:
فَقالَ إِزارٌ شَرعَبِيٌّ وَأَربَعٌ
مِنَ السِيَراءِ أَو أَواقٍ نواجِزُ
فَلَما شراها فاضت العَينُ عَبرَةً
وفي الصَدرِ حُزّازٌ مِنَ الوَجدِ حامِزُ
ولعل الشاهد الاهم في هذه القصة الغريبة هو بروز القيمة المادية والمعنوية لواحدة من أهم العلامات التجارية اليمنية قديما " الإزار الشرعبي"، المنسوبة لمخلاف شرعب في محافظة تعز، و التي لم تكن بالطبع العلامة التجارية الوحيدة لليمن في صناعة الملابس والأنسجة اليمنية، فقد نافستها بقوة وربما تفوقت عليها العلامة التجارية التي تحمل اسم " #الثياب_المعافرية " نسبة لمخلاف المعافر او الحجرية حاليا" والتي كانت من أشهر العلامات التجارية ومن اعلاها قيمة سوقية، فقد كانت منها تكسى الكعبة المشرفة، وربما استخدمت كعملة لتقييم السلع والقيم النجارية، مثلها مثل الذهب والفضة، ومن شواهد ذلك ماروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين أرسل معاذ بن جبل إلى اليمن أمره أن يأخذ دينارا ذهبيا على كل محتلم، أو مثله من المعافري " نوع من البرد او الثياب المعافرية".
كما اشتهرت في ذلك العصر الزاهر " #الثياب_السحولية" المنسوبة لمخلاف السحول بمحافظة إب، كأحد العلامات التجارية اليمنية الرائدة في صناعة الملابس، فضلا عن ذيوع صيت واشتهار علامات تجارية أخرى في صناعة النسيج، ومنتجات صناعية مختلفة، كالدروع والسيوف وادوات الحرب، وحتى معادن واحجار كريمة كالعقيق، و منتجات زراعية عديدة أهمها البن اليمني الذي حمل إلى العالم قديما العلامة التجارية #موكا #Moca ، واحتفظ باسمه كهوية وهوية تجارية حول العالم حتى اليوم.
-->