حرب الأشرار

د. محمد شداد
الاثنين ، ١٦ يونيو ٢٠٢٥ الساعة ١١:١٩ صباحاً

كان الطرفان بنعت الآخر بأنه الشيطان الذي يجب محاربته، وصفت إيران عقب ثورة الخميني أمريكا بالشيطان الأكبر وإسرائيل بالعدو الذي يجب استئصاله، واحتجزت كل أعضاء السفارة الأمريكية للمساومة غير أنها لم تتعرض لإسرائيل بل اعتبرتها حليفًا عقب حرب قادسية صدام حسين، كان ثلث تسليح الجيش الإيراني يأتي من إسرائيل صناعة إسرائيلية أو شركات وسيطة..

كما تعاون الطرفان على ضرب المفاعل النووي العراقي في العام 1981م إبان رفع راية القومية العربية التي نادت باستقلال العرب وتحرير فلسطين والوقوف أمام المد الفارسي تحت مبدأ تصدير الثورة الإيرانية لمحاربة العرب الكفار حد تعبير الخميني حينها.. 

تحالفا عندما كان للعرب مشروع وطني عربي قوي مثلته العراق بدعم من دول الخليج العرب كلهم، تشكلت جبهات عربية داعمة  لطهران ضد بغداد وجبهات على النقيض، وقفت سوريا وليبيا مع طهران نكايةً بصدام حسين ووقف معظم العرب مع بغداد صدام حسين وقوفهم مع المشروع العربي ضد الغزو الفارسي المباشر وغير المباشر للبلدان العربية..

غضت إسرائيل الطرف على التدخل الإيراني في لبنان وسوريا، لم تشعر إسرائيل بالقلق عندما كان نظام الأسد يذبح ويهدم ويحرق في سوريا ارتكب من الجرائم ما فاق خيال الشر الإسرائيلي بل كان حامي وحارس لحدودها وبغطاء من الشعارات العروبية التي كانت تُرفع وتسمع وتلمَع كذبًا وخداع، في لبنان عطل حزب الشيطان قيام أي مشروع وطني داخل لبنان خدمةً لإيران وكان حسن نصر الشيطان يعلنها صراحة " ياخيي نحن نقولها صراحة كل دعمنا وسلاحنا من إيران ولاءنا لها وللمرشد ولا نخجل من ذلك"..  كانت أذرع إيران تشتغل العرب في العراق سوريا لبنان اليمن وحولتها إلى ساحات لتصفية حساباتها مع خصوم العرب والمنطقة..  كانت إسرائيل بمتعةٍ فائقة تتابع الخسف الحاصل من إيران لأنها فعلت ما لم تتخيله إسرائيل بل فاقت في جرائمها ما غطى على جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني من سبعين سنة..

كان المشروعان الصفوي الفارسي والصهيوني في سباقٍ محموم مع وجود مشاريع عربية متحرره ورافضة لكلا المشروعين، أما وقد خلت الساحة لهم بان  الصراع بهما على النفوذ في المنطقة جليًا أكثر واستعار، أسقطت أحداث 7 أكتوبر كل الأقنعة ووضعت  كل المشاريع على الطاولة تجاوز حزب الشيطان الذي بنيت قوته بنظر الاستخبارات الإسرائيلة الخطوط المرسومة له تحت ضغط شعبي واسع قصف بعض المنشآت الاسرائيلية، هنا قررت إسرائيل التخلص من صديق الحدود والخطيب الراعد..

سقط النظام السوري شكل فاجعة لكليهما إسرائيل وإيران فقدت إيران أبرز الساحات العربية والأكثر أهمية موقعًا وعراقة لتنفيذ مشرعها التوسعي، وفقدت إسرائيل نظامًا عمًق خصومته مع شعبه حد أنه أحرق كل الريات العربية والإسلامية وهدم كل شعار يهدد أمن إسرائيل، بل بات الحارس الأمين لحدودها بدليل توغل إسرائيل داخل الأراضي السورية وتدخلها في شأنه مباشرةً خوفًا وقلق من المشروع العروبي الشرعي الجديد.. 

حارب الطرفان بعضهما بعيدًا عن أراضيهم وهدما البنى التحتية كلية في العراق واليمن وسوريا ولبنان وأشاعا الخوف والفقر والتخلف والهدم اللامحدود في صراعهم العابر للحدود، أما وقد سكنت الأنظمة العربية وخُنقت  أصواتها شعوبها وبات البعض يهرب باتجاه التطبيع مع إسرائيل، خوفًا لا قناعة من تصاعد حدة المشروع الإيراني التوسعي والقوة الإيرانية التي ضخمتها الدعاية والتصريحات الهزازة واستعراض القوة في الساحات البديلة للصراع.. 

باتت المواجهة مباشرة وتصاعدت المواجهات بين الأشرار مع تهديد إيران عبر نفوذها وتصاعد قوتها تحديدًا النووية وبات القلق الإسرائيلي أكثر إرهاقًا، بعد إرهاقها جراء معركة غزة الصمود، قررت حينها الحرب المباشرة مع إيران لتدمير مشروعها النووي والتوسعي وإسقاط نظام الشر الإيراني كما ردد نتنياهو غير مرة..

 فباتت حروب الأشرار التي لا ينبغي أن نؤيد أحدهما مباشره وفي أراضيهم تهدم مبانيهم ومشاريعهم، تُرعب وتقتل في شعوبهم عوضًا عن الساحات العربية البديلة للصراع..وما تخفي الأيام من حروب الأشرار سيكون أكثر إثارة وذهول، للدول ولأذيال التي تماهت مع المشرع الفارسي رهبةً أو رغبةً وصدق الشاعر حيث يقول الليالي من الزمان حبالى ...مثقلاتٍ يلدن كل عجيبِ

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي