لا يمكن أن يجتمع الوعي مع الشر والغباء مع العلم والحمق مع الحكمة قيم تقابلها عاهات سلوكية غذتها العادات السيئة والثقافات الملعونة، يقول سارتر " الإنسان الأكثر وعيًا وإدراكًا لا يمكن أن يكون شريرًا لأن الشر يتطلب غباءً ومحدودية في التفكير يدعمه دستويفسكي بقوله " ينشأ الشر من غياب الفهم من الجهل ومحدودية التفكير"..
وعليه لن ترى اليمن النور والاستقرار ما بقيت الميلشيات الدينية العنصرية المتطرفة وبقي مجاهرتهم بالجهل علنًا وعلى شاشات التلفزة، تاريخيًا ليس للعصابات الدينية السلالية نصيب في بناء المؤسسات الخدمية ونشر الحريات وتطبيق العدل والمساواة دون فرز طائفي مذهبي ومناطقي..
ليس لها في بناء الجامعة والمدرسة ومركز الأبحاث العلمي إلا بلونهم القميء، لأن الطارئين على المشهد اليوم لم يدخلوا مدرسة ولم يقرأوا كتابًا في أي مجال من مجالات بناء الدولة.. في الإدارة الاقتصاد والسياسة في قوانين والعلاقات الدولية، ولم تهذب أرواحهم عبق المكتبات والقاعات الدراسية، مراكز الأبحاث..
عديمي التناص المعرفي التثاقف مع الآخر مشاهدة ما جرى ويجري من تفاعل علمي بين طلاب الجامعات، الابتعاث في نظرهم عمالة والدراسة في الخارج تهديد للقيم الدينية..
كان المبتعثون للدراسة في الخارج يخبرون الهالك أحمد حميد الدين عن التطور في مصر عند عودتهم وارتياد الأجانب لها وتقاطر طلاب العلم من كل قطر لينهلوا من معارفها، فيبكي حتى تخضل لحيته، خوفًا حد زعمه على بيضة الدين كان مسرحيًا وممثلاً بارعًا في طهي عقول العامة، لم يفُقهُ إلا حفيده عبد إيران وسوقته في التضليل ومحاربة العلم وتبني أدوات الجهل والفناء كلها دون استثناء..
أتذكر كنت أقفز أتسور جامعة صنعاء القديمة وأنا في مرحلة الثانوية لأنه كان يمنع دخول غير طلابها! كي أدخل مكتبتها العامرة بطلابها، والكتب في كل فن من فنون العلم، كنت أتسلل إليها بشغفٍ جارف أذاكر وأقرأ وتستحم روحي بمسابح الفضاء الطلابي الباذخ بالحياة العلمية واستشرف المستقبل بكل تقاصيله..
ذلك الفضاء الذي لم يرتوي به حكام الحقب السابقة، وميلشيا اليوم التي أهانت العلماء الأكاديميين، سخرت من مؤهلاتهم من مهاراتهم لأنها لا تملكها وقللت من أمر كل شيء له صلة بالعلم وصناعة الحياة المعرفية!..
انقلب مفهوم السلطة لديهم إلى تسلط شخصي والدولة بمفهومها الكلي الجامع إلى ديوله وانتهاب الأموال، تصعير خدود وانتفاخ بطون واتساع جيوب، غطرسة انتفاخ أوداج وتجبر..
مقاربات إرهابية عنيفة ملأت اليمن سلاح قتل دماء مقابرًا ودموع، بالفقراء بالمعاقين بالأمراض التي كانت قد تجاوزتها اليمن أتت بحماقاتها على ما بنته الجمهورية من موانئ ومصانع طائرات ومطارات وجسور وكليات عسكرية ومدنية، لأنها مع الخراب وضد العمران..
سينتصر اليمن عليهم بالعلم، بالصبر، بالأذكياء، بالمخلصين، بصناع المعرفة، يعمل اليمنيون في أصقاع الأرض، في أرقى الجامعات، مبدعين في كل مجال، سيغيرون وجه الحياة ولون الحقيقة ومفاهيم الدنيا عن خرافة الولاية القاتلة..
سيخدشون وجهها ويفقأوا عينيها.. وسينتصر اليمن بالرجال الصامدين في الداخل المرابطين على قمم الجبال والسهول والسواحل والأودية القابضين على جمر الثورة والجمهورية بأيديهم، وستنتصر حربنا بعد توفر شروطها، ونضوج فكرتها..واكتساب الخبرات وتخلَّق الوعي لدى شبابنا الذي بلغ أعاليه بالإخلاص والإيمان بعدالة قضيتهم سننتصر..
-->