الحوثي.. لا يعرف إلا القصف أو التهديد به!

د. علي العسلي
الخميس ، ٠٥ يونيو ٢٠٢٥ الساعة ٠٣:٠٩ مساءً

 

في خضم التحركات السياسية، والمصفوفات التنفيذية، والاجتماعات المكثفة في العاصمة المؤقتة عدن، ورغم ما تحمله من بوادر أمل وإعادة ترتيب الأولويات، ينبغي ألّا تنسينا هذه الأجواء الواعدة -ولو للحظة- التذكير بمصدر الخطر الحقيقي الذي يعاني منه اليمنيون يوميًا.

إنها جماعة الحوثي الإرهابية، التي ما فتئت تُثبت مرة بعد أخرى أن سلوكها الدموي قائم على القصف والابتزاز والتجويع، لا على السياسة ولا الحوار.

وإذ نرصد سلوك هذه الجماعة، نُذَكّر شعبنا، وننبه صُنّاع القرار، أن السلام الحقيقي يبدأ من مواجهة جذور الحرب، لا التعايش مع من يشعلها.

منذ أول لحظة في انقلاب الجماعة الحوثية المشؤومة على الدولة اليمنية ومؤسساتها الشرعية، أثبتت جماعة الحوثي أنها لا تعرف إلا لغة واحدة: لغة فرض الرأي بالقوة، الانقلابات، القصف، التلغيم، التفجير، والدمار.

لا تعترف هذه الجماعة بمنطق السياسة، ولا تسلك طريق الحوار، بل جعلت من العنف وسيلة لفرض واقع دموي يخدم مشروعها السلالي والطائفي، ويقوّض الدولة اليمنية لصالح أجندات خارجية.

محاولة اغتيال الرئيس هادي.. البداية الدموية

في مشهد مبكر عقب انقلابهم، وبعد استباحتهم عمران وصنعاء وقتلهم مئات من الأرواح البريئة، حاصر الحوثيون الرئيس هادي في منزله بشارع الستين، قبل أن يتمكن من الفرار، وذلك بعد مقتل عدد من أقاربه وأفراد حراسته.

لاحقوه إلى عدن، وقصفوا قصر معاشيق في محاولة لاغتياله، ففي 19 مارس/آذار 2015، شنت طائرتان عسكريتان غارة على القصر الذي يقيم فيه "الرئيس" اليمني عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن.

وكانت تلك الضربة استهدافًا مباشرًا للشرعية ولمخرجات الحوار الوطني، وإعلانًا صريحًا برفض أي انتقال سلمي للسلطة. كما احتجزوا حكومة الكفاءات برئاسة الأستاذ خالد بحاح، سفير اليمن في مصر حاليًا.

قصف مطار عدن.. الحكومة هدف مباشر

في 2020، وعقب وصول الحكومة اليمنية الجديدة إلى مطار عدن، عاجلتهم الجماعة بوابلٍ من الصواريخ.

كانت الخسارة فادحة: 25 شهيدًا، وأكثر من 110 جريحًا.

لحظة صادمة للعالم، لكنها كشفت أن الحوثي يرى في كل ما يمتّ للدولة هدفًا مشروعًا للقصف.

موانئ النفط.. قصف اقتصادي لتجويع اليمنيين

في أكتوبر 2022، أطلق الحوثي أولى هجماته على ميناء الضبة بحضرموت، تلتها هجمات على ميناء النشيمة وقنا في شبوة.

النتائج الكارثية:

• وقف تصدير النفط

• انقطاع تدفقات الوقود

• حرمان الحكومة من 80% من مواردها

• فرض حصار اقتصادي لتجويع الداخل

وقبلها، لم تنفذ الجماعة اتفاق ستوكهولم، ولم تدفع بموجبه رواتب الموظفين من عائدات موانئ الحديدة.

الطائرات اليمنية.. التهديدات تتسابق مع الصواريخ

في حجّ العام الماضي، احتجزت الجماعة الحوثية أربع طائرات من الخطوط الجوية اليمنية واستعملتها لحسابها، وبعد تهديداتهم وإعلانهم حربًا على الموانئ والمطارات، تم تدميرها جميعًا من قبل الكيان الصهيوني، مع مطار صنعاء وموانئ الحديدة.

أدى هذا الاستدعاء الحوثي إلى قصف ثلاث موانئ ومطار صنعاء بالكامل، بينما توقفت حركة الطيران مؤقتًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأحدث أحد صواريخ الحوثي حفرة في محيط مطار اللد (بن غوريون).

رفض الحوثي إخراج الطائرات قبل الضربة، فكانت النتيجة كارثية على أسطول الخطوط الجوية اليمنية، والذي لم يعد أسطولًا بعد.

وفيما يتعلق بالطائرة الرابعة، وبحسب تصريح الرئيس العليمي، فإن الحوثي هدد صراحة بقصف مطارات عدن، المكلا، سيئون، والمخا إن لم تُعد الطائرة إلى صنعاء، مما اضطر الحكومة لإعادتها تفاديًا للدمار.

خلاصة القول: القصف هو العقيدة

الحوثي لا يمتلك مشروعًا سياسيًا، ولا رؤية وطنية.

مشروعه هو القصف، الحصار، التجويع، والقتل، وهي وسيلته الوحيدة للتفاوض والابتزاز.

إنه العقبة الكبرى أمام أي سلام، والسبب في استمرار معاناة اليمنيين.

فهل يجرؤ المجتمع الدولي على تسمية الأشياء بأسمائها؟

هل آن الأوان للتعامل مع الحوثي كجماعة إرهابية فعلًا، لا مجرد توصيفٍ سياسي هش؟

دعاء من وحي يوم عرفة المعاش

في هذا اليوم العظيم، الذي تُرفع فيه الأكفّ إلى السماء، نضرع إليك يا الله:

اللهم ارفع عن أهلنا في اليمن البلاء،

وفك عنهم الحصار،

وأطفئ نيران القصف،

واجبر كسر قلوبهم،

واسكن أرواحهم الطمأنينة.

اللهم إنك ترى ضعفهم،

وتعلم حالهم،

وتسمع أنين أمهاتهم،

ووجع أطفالهم،

وترى طغيان المعتدين الذين لا يعرفون إلا لغة الدم والنار، فأضحوا كما غزة،

فكن لغزة واليمنيين ناصرًا ومجيرًا،

وأنت خير الناصرين.

اللهم اجعل هذا اليوم بدايةً لفرجٍ قريب،

ونهايةً للقهر والظلم،

وأبدل خوف اليمنيين أمنًا،

وجوعهم شبعًا،

وذلهم كرامة.

اللهم كما وقفت جموع الحجيج بعرفاتك،

يناجيك اليمنيون من أرضٍ أنهكها الحصار والحرب،

فلا تردهم خائبين،

ولا تجعل للظالمين عليهم سبيلًا،

واكتب لليمن السلام العادل، والمخرج الكريم.

آمين يا رب العالمين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي