اليمن ودكاكين الحرب .. من وقود الصراع إلى صناعة الإطالة! 

محمد الظرافي
الجمعة ، ٢٣ مايو ٢٠٢٥ الساعة ٠٥:٤٤ مساءً

 

في الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون من الجوع ، التشريد ، والانهيار الكامل لمقومات الحياة ، برزت طبقة جديدة لا تعيش الحرب بل تعيش على الحرب ، تتغذى من إستمرارها ، وتزدهر بإطالتها.

إنها طبقة المرتزقة من السياسيين والاقتصاديين الذين حولوا الصراع اليمني إلى "سوق مفتوحة" للإسترزاق ، حيث لا مكان للسلام ، ما دامت الحرب تدر لهم الأرباح الطائلة. 

 

فمن النضال إلى الإستثمار لقد تحوّل بعض السياسيين وقادة الجماعات المسلحة إلى مستثمرين في الحرب ، لا في التنمية.

فبمرور الوقت ، أصبحت الحرب أصلًا مالياً ، يتم من خلاله التحكم بالمساعدات ، تقاسم العمولات ، السيطرة على الموانئ ، ونهب الموارد ، وفرض الجبايات على حساب المواطن المغلوب على أمره.

 

لقد انقلبت شعارات التحرير والسيادة إلى أدوات للنهب والثراء ، حيث يدير البعض الصراع كأنه شركة خاصة ورثها عن أبيه ، فكلما أقترب السلام اختلقوا أزمة تبعده ، وكلما بدأ الأمل فيه عادوا للتخويف من "العدوان" ، لأن نهاية الحرب تعني ببساطة نهاية أرباحهم وقطعا لأرزاقهم.

 

حتى المساعدات الإنسانية لم تسلم منهم ، والتي من المفترض أن تخفف آلآم اليمنيين ، أصبحت جزءاً من "إقتصاد الإرتزاق". 

تُحتجز ، تُباع ، أو تُستخدم كورقة ضغط سياسي.

تعمل شبكات محلية ودولية على تدوير هذه المساعدات دون الوصول الفعلي إلى مستحقيها وهكذا ، يُستخدم الفقر كسلعة ، وتُستثمر المعاناة لإطالة عمر الأزمة لزيادة دخلهم.

 

مع الأسف ففي النهاية الضحية هو الوطن والمواطن في ظل هذا الواقع الحزين ، يدفع اليمنيون الثمن مرتين: مرة بسبب الحرب ، ومرة أخرى بسبب من يستثمرون فيها.

يعيش الملايين تحت خط الفقر ، يفقد الأطفال تعليمهم ، وتنهار منظومة الصحة ، بينما تزداد أرصدة بعض القيادات السياسية والعسكرية في بنوك الخارج ، وتُبنى الإمبراطوريات الإقتصادية على أنقاض وطن يتآكل ومواطن يبات أغلب لياليه على معده فارغه.

 

- هل هناك أفق لإنهاء هذا النهب المقنن؟

حقيقة لا يمكن الحديث عن سلام حقيقي دون تفكيك منظومة الإسترزاق التي تمأسست خلال سنوات الحرب.

فالسلاح وحده لا يطيل الحروب ، بل يزيد أرصدة من يجدون فيها فرصاً للتربّح والنفوذ. الأمر يتطلب مواجهة شجاعة من الداخل ، وضغطاً حقيقياً من الخارج ، لإغلاق "دكاكين الحرب" تلك ، التي أصبحت أكثر نفوذاً من الدولة نفسها.

 

ختاماً المواطن اليمني يستحق أكثر من حياة تجعله يعيش جزء من الرفاهية ، فاليمن لا تنقصه الموارد ، ولا يفتقر إلى العقول.

ما ينقصه هو إنهاء حقبة المتاجرة بدماء الناس ، والتعامل مع الدولة كمؤسسة لا كفيد.ٍ وغنيمة.

السلام في اليمن لن يولد من مؤتمرات فنادق الخارج ، بل من إجتثاث جذور الإسترزاق، وإعادة القرار لليمنيين الحقيقيين الذين يريدون الحياة ، لا الامتيازات والمكوث في قباب الداخل و فنادق الخارج!

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي