بالأمس تناولت في مقالي مسألة الحوثيين بين المفاوضات وخطاب العداء، واستعرضت تغريدتين لحسين العزي. إحدى التغريدات أثارتني لكني تجاهلتها لتناقضها مع سياق المقال والفكرة. التغريدة جاءت كالتالي:
"تعمدت عدم الإعلان العام للتشييع محبة فيكم وتقديرًا لظروفكم، خاصة في ظل الحرب مع عدوكم الصهيوني (المفلس قيميًا). لذا، لا أحب إشغالكم بأي تجمع للعزاء، ولا يحسن ذلك حاليًا. أرجو فقط الفاتحة والدعاء بظهر الغيب لأخي وسائر إخوتي (شهداء اليمن العزيز). هذا أنفع وأشفع. شاكراً شهامتكم وإخاءكم الصادق."
اليوم، أعود إلى هذا الموضوع بعد أن فنّد المتحدث باسم التحالف، العميد الركن تركي المالكي، ادعاءات حسين العزي. فقد نفى المالكي بشكل قاطع تسليم جثة (فارس العزي) مؤخرًا، مؤكدًا أن تصريحات حسين العزي مضللة.
وأوضح المالكي أن عملية استعادة وتسليم الجثامين تمت في يونيو 2023، وشملت استعادة جثامين 9 من شهداء القوات السعودية و20 من شهداء الجيش اليمني، بالإضافة إلى تسليم جثامين 57 من المقاتلين الحوثيين الذين قُتلوا على الحدود.
وأشار المالكي إلى أن "الاسم الوارد في التصريح لم يكن ضمن الأسماء المقدمة خلال مفاوضات استعادة الجثامين، وقد يكون هذا الاسم ضمن قتلى الصراعات الإقليمية".
حسين العزي يغيب حقيقة مقتل أخيه ويدعي زورًا ان أخاه قتل بالحد الشمالي على ايادي سعودية.
ويُرجح أن فارس العزي قُتل في لبنان وليس في اليمن، خاصة أن الإعلان عن وصول الجثمان تزامن مع سريان وقف إطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني. وهذا يفسر عدم إعلان حسين العزي عنه كـ"شهيد على طريق القدس"، كما زفّ حزب الله أمينه العام (حسن نصر الله).
تغريدته تحمل إشارات إلى الخوف من استهداف الكيان الصهيوني لقادة الجماعة إذا أفصحوا عن موقع القتل، وهو ما يعزز احتمالية أن جثمان أخوه فارس قد قتل في صراع إقليمي، وليس على الحد الشمالي كما ادعى حسين العزي.
المثير في الأمر أن الحوثيين، الذين يصرون على تحدي الآخرين، يخفون حتى أماكن قتلاهم، ويمارسون سياسة تضليلية عبر ادعاء تسليم جثامين لم تتم، كما في حالة فارس العزي. إن خطابهم يتناقض مع واقعهم: وهم يطالبون بالتحدي والصمود ويتوعدون بالتصعيد والتنقل من مرحلة لأخرى، بينما يخشون حتى الإفصاح عن مواقع سقوط مقاتليهم، حتى لا ينقلب هذا لصالح من يتحدونهم.
وهكذا كلما أراد الحوثي إخفاء أمر ما، لا يجد سوى السعودية كشماعة دائمة. وهذه المرة أخرى، لجأت الجماعة إلى تعليق الاتهامات على شماعة السعودية لتأجيج العداء والكراهية والحقد على السعودية وتحفيز اليمنيين على الثأر.
لذا، أدعوكم إلى الحذر من تصريحات الحوثيين وعدم تصديقها، فهم ينتهجون مسيرة تضليلية وكاذبة، بعيدة كل البعد عن القيم القرآنية التي يدّعونها.
وهكذا .. الحوثي يتعامل مع خارطة الطريق السعودية للسلام ككذبة مكشوفة لاستغلال الوقت.
إن ادعاء الحوثيين بقطعهم شوطًا في السلام مع السعودية هو كذب صريح، فهم يضمرون لها الشر. السعودية بدورها، تدرك نواياهم وتتحسب لمكرهم رغم كل مظاهر التقيّة والخداع.
-->