الحوثيون بين المفاوضات السرية وخطاب العداء: طريق البقاء أم نهايته؟

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٣ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٢ مساءً

 

في 24 من الشهر الماضي، غرّد حسين العزي بأن الحوثيين قطعوا شوطًا مهمًا نحو السلام مع السعودية، وهي إشارة تم تناولها سابقًا. إلا أن المستجد اليوم هو الكشف عن أن تلك المفاوضات لم تكن حول السلام السياسي، بل استعادة جثامين الحوثيين القتلى وربما مرتبات موظفيهم ومقاتليهم.

 

التغريدات وتناقضاتها

 

في تغريدة للعزي، أشار إلى استعادة جثمان شقيقه فارس بعد احتجازه منذ مطلع 2018، وذكر "العمليات النوعية" التي نفذها ضد الشعب اليمني منذ الحرب الثالثة من تمرد الحوثي على السلطة واختتمها بالعدوان على الشقيقة في الحد الشمالي، وهناك قتل. ثم أعقبها بتغريدة أخرى ليؤكد أنه لا تجمعات للعزاء تُعقد علنًا، ما يعكس تناقضًا صارخًا بين التفاوض في الخفاء والخطاب العدائي في العلن.

 

ازدواجية الخطاب السياسي

 

التزامن بين هذه التغريدات وتقارير عن زيارة سرية للقيادي محمد عبد السلام واللواء جلال الرويشان إلى الرياض يعزز فرضية التفاوض خلف الأبواب المغلقة، في حين تستمر الجماعة بتسويق خطاب التحدي لإبقاء قاعدتها الشعبية متماسكة. هذا التناقض يثير تساؤلات حول مدى استمرارية هذا النهج وتأثيره على مصداقيتهم بين أنصارهم.

 

الارتزاق والعمالة: اتهامات مزدوجة

 

الحوثيون لا يكفون عن اتهام خصومهم بالعمالة، بينما يمارسون أدوارًا مشابهة مع إيران والسعودية. هذا السلوك يعكس نهجًا مزدوجًا قائمًا على التبعية من جهة، والتهجم من جهة أخرى، في محاولة لتبرير مواقفهم المتناقضة أمام الداخل والخارج.

 

دعوة للتأمل في مستقبل الحوثيين

 

يا حسين العزي، حديثكم عن القيم أثناء مفاوضات تخص أقاربكم يُبرز انفصالًا بين الشعارات والتطبيق. فتح القنوات مع السعودية قد يكون خطوة لحفظ ماء الوجه وسط خيانة وخذلان محور المقاومة لحزب الله، الحقوا أنفسكم بفتح قناة مع السعودية، فذلك هو الأفضل، لأن تكرار سيناريو حزب الله اللبناني وخذلان إيران قد يكون حاضرًا بقوة، ما لم يتم ضبط البوصلة السياسية بواقعية.

 

الخاتمة: المفاوضات كطريق للبقاء أم بداية النهاية؟

 

ما يجري اليوم ليس مجرد تفاوض حول جثامين، بل هو إعادة تموضع سياسي يحدد بقاء الحوثيين في المشهد السياسي. وطالما الحوثي مستمر في الاعتداء على الشعب اليمني فلا ينفعه التفاوض بل أن بداية النهاية له كلما قتل الأبرياء المدنيين.

 

 آخر مجزرة الحوثي البشعة التي ارتكبت باستهداف سوق مكتظ في مديرية مقبنة بمحافظة تعز يوم أمس، مما أسفر عن سقوط ستة شهداء مدنيين وإصابة ثمانية آخرين بجروح متفاوتة. إن هذا العمل الإجرامي الوحشي يضاف إلى سجل حافل للحوثي بالجرائم المتكررة التي تكشف عن قبح وبشاعة هذه الميليشيا الإرهابية.

 

هنا، نثني على كندا بقرارها في تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية ونهيب بباقي الدول التي لم تصنف هذه الجماعة بفعل الأمر ذاته.

 

استمرار خطاب التحدي قد يكون وهمًا قصير الأمد، بينما الحقيقة هي أن البقاء يتطلب تنازلات جوهرية والتوقف نهائيًا عن قتل اليمنيين، ولا أظن أن السعودية ستقبل بقاءكم ما لم تغيروا من سلوككم وإرهابكم.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي