بين القمتين: قراءة في خطاب الرئيس العليمي
في القمة العربية الثانية لعام 2024، قدم الرئيس رشاد محمد العليمي رؤية متزنة وعميقة حول أبرز قضايا المنطقة، متناولًا العدوان الإسرائيلي المتزايد وما يسببه من تهديدات لأمن المنطقة واستقرارها. وفي تحليله للأحداث بين القمة الأولى والقمة الحالية، أشار الرئيس العليمي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي زاد من وحشيته وجرائمه، متجاوزًا القتل والتشريد إلى التوسع العسكري، معتديًا على سيادة لبنان، مما يضع المنطقة على شفا تصعيد عسكري يهدد الأمن الوطني اليمني والأمن القومي العربي بشكل غير مسبوق.
أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي موقف الجمهورية اليمنية الثابت والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة حقه المشروع في مقاومة الاحتلال وإقامة دولته المستقلة. كما عبّر عن دعم الحكومة اللبنانية في جهودها لوقف إطلاق النار، وتمكين مؤسساتها الوطنية من فرض سيادتها الكاملة على أراضيها، تنفيذًا للقرارات الدولية.
لفت الرئيس العليمي إلى أن ممارسات مليشيات الحوثي الإرهابية تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، وأن عسكرتها للبحار الإقليمية اليمنية تخدم مصالح إيران وإسرائيل، وليس مصلحة الشعب اليمني.
وفي إطار الإنجازات التي حققتها القمة العربية الإسلامية، أشاد الرئيس بترسيخ العمل العربي الإسلامي المشترك ودعمه لمبدأ حل الدولتين، مشيرًا إلى نجاح اللجنة العربية الإسلامية المشتركة التي بذلت جهودًا في تعزيز الحضور الدولي للقضية الفلسطينية، وتمثلت ذروتها بانضمام فلسطين كدولة عضو في الأمم المتحدة، وإعلان المملكة العربية السعودية عن التحالف الدولي لدعم حل الدولتين بالتعاون مع الشركاء الدوليين. مُظهرًا أن القمة العربية الإسلامية قد أسست بالتراكم الاستراتيجي ترسيخ العمل العربي الإسلامي المشترك ودعم مبدأ حل الدولتين.
أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عن إعجابه بالنهج الدبلوماسي العربي الإسلامي الجديد في مواجهة العدوان الصهيوني وتوسعه، وهو نهج يرتكز على الواقعية والتكامل، ودعا إلى تفعيل مجلس السلم والأمن العربي وشبكة الأمان العربية، ودمجها مع جهود اللجنة الوزارية المشتركة لتشمل، إلى جانب القضية الفلسطينية، ملفات الحروب والنزاعات الإقليمية، ودعم مشاريع بناء السلام وإعادة الإعمار.
وأشار الرئيس العليمي إلى أن التجربة أثبتت أن قوة الموقف العربي وتماسكه الداخلي مفتاح رئيسي لتعزيز الموقف الفلسطيني، مؤكدًا أن التصدي للعدوان الإسرائيلي لا يتحقق عبر الحروب بالوكالة لمصالح أخرى، بل من خلال حلّ النزاعات والخلافات العربية البينية، ودعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وهويتها ومؤسساتها الشرعية، والالتزام بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
ردود الحوثيين وتناقضاتهم
تميز خطاب العليمي بعمق الرؤية وقوة الطرح، وهو ما تجلى من خلال ردود الفعل الحوثية السلبية، حيث أرسل (المشاط) رسالة إلى القمة هاجم فيها مواقفها، داعيًا لفرض حصار اقتصادي شامل على إسرائيل ومقاطعة بضائعها، رغم أن المنتجات الإسرائيلية متاحة في مناطق سيطرة الحوثيين، مثل فضيحة المبيدات الإسرائيلية التي تورط فيها (المشاط) شخصيًا.
يتبنى الحوثيون خطابًا مزدوجًا؛ فهم يتهمون الشرعية بالعمالة، بينما يستخدمون قضية فلسطين كغطاء لدعم مصالحهم الإقليمية، وينكرون موقف الشرعية الثابت تجاه فلسطين، ويطالبون الدول العربية بإعلان الحرب على إسرائيل، بينما يتوعدون اليمنيين وسلطتهم الشرعية بالجهاد ضدهم والتصفية باعتبارهم "أذنابًا للأمريكان والإسرائيليين". تكشف هذه التناقضات عن أهدافهم الحقيقية، فخطابهم المزدوج يستغل قضية غزة لتحقيق مكاسب استمرار التسلط في جزء من اليمن. وفي الحقيقة، هم من يخدمون إسرائيل وإيران التوسعيتين على حساب مصلحة الشعب اليمني وأرضه.
رؤية القيادة اليمنية الثابتة
إن خطاب الرئيس العليمي يعبر عن صوت اليمن الشرعي، المدافع عن حقوق الشعب اليمني كما حقوق الشعب الفلسطيني والدولة اللبنانية. يسعى الرئيس لتحقيق ما يحب لإخوته كما يناضل من أجله لوطنه وشعبه. يدعو إلى توسيع نطاق الدبلوماسية العربية، معتمدًا على تجربة تاريخية تثبت أن قوة الموقف العربي وتماسكه هما المدخل الحقيقي لتحقيق حل الدولتين. رؤية الرئيس متزنة، ترفض العنف وتدعو إلى الحلول الدبلوماسية، وتضع مصلحة اليمن وفلسطين ولبنان على رأس الأولويات، لا لتوظيفها في حروب بالوكالة.
أكد الرئيس العليمي في خطابه على أهمية الدبلوماسية العربية الإسلامية الجديدة القائمة على التراكم، التكامل، والواقعية، ودعا إلى تفعيل مجلس السلم والأمن العربي وشبكة الأمان العربية، ودمجها في جهود اللجنة الوزارية المشتركة لتشمل مع القضية الفلسطينية معالجة ملفات الحروب والنزاعات الإقليمية كاليمن. في المقابل، تكشف ردود الحوثيين عن المقامرة والمغامرة لتحقيق مصالح إقليمية "إيران وإسرائيل" على حساب اليمن وشعبه. يتاجرون بقضية غزة ليبقوا جاثمين على صدور اليمنيين.
فمن يا ترى في القمة ومن في القاع؟
ختامًا، يتضح أن رئيسنا العليمي يرتقي بمواقفه إلى القمة، بينما يقبع الحوثيون في القاع، حيث يخدمون أجندات إيران وإسرائيل بعيدًا عن مصالح الشعب اليمني.
وأنصح لجنة المتابعة للقمة العربية الإسلامية أن تبذل أقصى جهودها لوقف الحرب، وحتى لا تعطي للمتربصين مجالًا، فالكيان الصهيوني يتخادم مع المستشفيين. فما رأيناه هذا اليوم من عدوان مكثف على الضاحية الجنوبية وبقنابل مرعبة عقب اجتماعكم في الرياض؟ يضع كل ما تقومون به على المحك. أبلغوا المشغّل بوقف مجنونه بصفة مستعجلة، وإلا!
-->