الأهل في القرآن على خمسة أنواع:
- الأهل: زوجات الرجل خاصة ونساؤه كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}الأحزاب33، وقوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}آل عمران121، وقوله: {فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً}طه10
- الأهل: الأسرة الداخلية من زوجات وبنين وبنات وإخوة وأخوات، قال تعالى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي} طه 29، 30
- الأهل: أصحاب الاختصاص كأهل العلم، وأهل الكتاب، قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}النحل43، وقال: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}آل عمران64
- الأهل: السكان، وينطبق عليهم أصحاب الشيء، كأهل القرى، وأهل المدينة، وأهل البيت، قال تعالى: {وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ}الحجر67، وقوله: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ}الأعراف97
- الأهل: الأهلية والاتباع والمقارنة، وهو الأقل والنادر، كما قال عن ابن نوح، على الرغم من أنه من أبناء نوح: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}هود46
لكن معظم استعمال الأهل في القرآن هو على الزوجة والنساء، ثم يأتي بالترتيب بعد ذلك أصحاب الاختصاص والسكان.
معنى الآل في القرآن الكريم:
بتتبع لفظ الآل، في كل مواضع القرآن الكريم، فإن اللفظ لا يضاف إلى غير العاقل أبداً، ولكنه يضاف للعاقل، وخاصة الرجل. وقد ورد في القرآن الكريم على ثلاثة معانٍ، وهو أشمل من الأهل:
1- أقارب الرجل من الدرجة الأولى كأهل بيته، وكذلك أقارب الرسول زوجاته وبناته، وهذا قد فسرته عائشة -رضي الله عنها-، كما في الحديث، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا سفيان، عن عبدالرحمن بن عابس، عن أبيه، قال: قلت لعائشة: أنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث؟ قالت: ما فعله إلا في عام جاع الناس فيه، فأراد أن يطعم الغني الفقير، وإن كنا لنرفع الكراع فنأكله بعد خمس عشرة. قيل: ما اضطركم إليه؟ فضحكت، قالت: ما شبع آل محمد –صلى الله عليه وسلم- من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله" ، وهي تقصد نساءه. وفي حديث آخر: عن عائشة، قالت: "ما أكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - أكلتين في يوم، إلا إحداهما تمرٌ". وهذان الحديثان يوضحان من هم الآل.
2- عموم الأقارب والذرية ومن مَتّ إليه بصلة؛ من الذرية المولودة كالأبناء والأحفاد الذين ينسبون إلى الرجل وتتصل به سلسلتهم في جيل واحد معاش، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}آل عمران33، وقوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}البقرة248
لماذا فصل في الأمرين مع أنه أمر واحد في آل موسى، مع أن هارون من آل موسى؛ فهو أخوه ووزيره؛ إلا أنه ذكر آل هارون بإفراد؟!
ولم يخص الله –سبحانه وتعالى- آل محمد بآية قرآنية كما خص آل عمران وآل إبراهيم وآل موسى وغيرهم؛ لأن معظم أقرباء النبي لم يكونوا قد اتبعوه، ولذلك كان بقية المسلمين يجدون في أنفسهم على بني هاشم عدم اتباعهم النبي –صلى الله عليه وسلم- وهم الأولى باتباعه لأنه منهم،، وهذا نجد تفسيره عند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما قال للعباس بن عبدالمطلب حين أسلم: "والله لإسلامك يوم أسلمت، كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب". ولكن سماهم العشيرة، حينما أمره ربه بالبلاغ، قال تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}الشعراء214
3- يعتبر عصر الصحابة هو عصر الاستشهاد في القرآن الكريم والحديث والأحكام الدينية معرفةً وتطبيقاً وسلوكاً، ونحن نتحرى هذه المسألة في جيل الصحابة وكيف طبقوها بينهم. وقد وجدنا أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قد فرَّق بين آل/أهل محمد وقرابته، فاعتبر زوجات النبي –صلى الله عليه وسلم- وفاطمة أهلَ وآل النبي، واعتبر علياً والعباس أقاربه، فقال أبو بكر، كما في البخاري: "أرقبوا محمداً -صلى الله عليه وسلم- في أهل بيته" (أي زوجاته)، وقوله لعلي وفاطمة: "لقرابة النبي أحب إلي من أن أصل قرابتي" .
4- الأتباع {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}غافر46
إذاً، فغالبية معنى الآل تنطبق على أهل الرجل وذريته، والقليل منها تعني الأتباع، وأهل الإسلام كلهم من هذا النوع الأتباع؛ أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا تطلق على أقارب الرجل من الدرجات الأخرى، كما في التفريق بين آل موسى وآل هارون مع أنهما إخوة أشقاء.
ويأتي مصطلح (القوم) عام شامل للأهل والأقارب والأتباع والعشيرة؛ فقد ذكر أنبياء بأهلهم وآلهم تارة، وأقوامهم تارة أخرى.
قال النووي: "اختلف العلماء في آل النبي –صلى الله عليه وسلم- على أقوال: أظهرها –وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين- أنهم جميع الأمة.
والثاني: أنهم بنو هاشم وبنو عبدالمطلب. والثالث: أهل بيته وذريته، والله أعلم".
وقال الشوكاني: "قد ذهب نشوان الحميري –إمام اللغة- إلى أنهم جميع الأمة، ومن شعره في ذلك:
آل النبي هم أتباع ملته من الأعاجم والسودان والعرب
لو لم يكن آله إلا قرابته صلى المصلي على الطاغي أبي لهب
ويدل على ذلك قول أبي طالب في أبيات:
وانصر على آل الصليـــــ ب وعابديه اليومَ آلَكْ
والمراد بآل الصليب: أتباعه. قال: ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}غافر(46)
قال الشيخ ابن باز: "المراد بالآل: أهل بيته، والصحابة كلهم آله، داخلون في الآل، أزواج النبي ﷺ وذريته وأصحابه كلهم داخلون في الآل، كما قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} غافر:46؛ يعني: أتباع فرعون".
من خلال تتبع لفظ (الآل) في القرآن الكريم نجد أنه ذكر سياق قريش وقرابة النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرهم بلفظ (قومك).
قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}الزخرف44
وقال: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ}الأنعام66
وقال: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}الزخرف57
وقال: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}هود49
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}الفرقان30
.... يتبع
-->