خبر وتعليق

د. علي العسلي
الخميس ، ٠٨ أغسطس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣١ مساءً

((لتراجع.. والحفرة العميقة))

.. الخبر..

في حضرموت مؤخراً.. قال الرئيس الدكتور رشاد العليمي.. ما معناه - أن قرار مجلس القيادة الرئاسي بشأن قرارات البنك المركزي اليمني؛ هو قرار تاريخي مسؤول.. عقلاني لا شعبوي.. قرار لمصلحة الناس، وبيّن كذلك بمقابلة تلفزيونية خصّ بها قناة حضرموت، بأن التراجع إعلاء للمصلحة العليا للوطن..

 

 وعن التراجع قال: الحرب هي "كرّ وفرّ".. والقرار اتخذ لإنقاذ الناس من الوقوع في الحفرة العميقة.. وستتضح الصورة للناس تباعاً.. من أن مجلس القيادة كان على حق في قراره؛ وبلهجة لا تخلو من التوتر؛ قال: "أما الغافل فمن الممكن أن تظهر له الصورة بعد عشر سنين أو خمس سنوات"..

.. التعليق..

غريب أمركم حقاً.. يا مجلس القيادة الرئاسي.. تُجمعون على القرارات الخاطئة! وتتباينون في القرارات الصائبة، والتي أصلاً نادرة، ولا تحظى بالإجماع! 

وأذكر هنا.. قراران خاطئان فقط.. أحدهما " قرار فضولي"، طلب شطب أسماء من لجنة العقوبات في مجلس الأمن، والأخر ""قرار تراجعي"، عن قرارات صحيحة اتخذها البنك المركزي.

ولأغرب أن المجلس يدّعي أن قراراته الخاطئة، هي صحيحة وضرورية لإعلاء المصلحة العليا لليمن.. وبرروه بأنه برد تصعيد الصراع ونزع فتيل الأزمة؛

وكأن الأزمة هي فقط من حين اتخذ البنك تلكم القرارات القانونية والسيادية!؛

وشخصياً.. أجزم أن مجلس القيادة اتخذ قراره التراجعي كهدية للأشقاء؛ ظانين أنهم باتخاذهم هذا القرار سيشبعون غريزة الحوثي؛ وسيجعلونه يتراجع عن ابتزازه وتهديده!؛

 

أذكرهم.. أن الانتصار للتنمية والتطوير والمناخ الاستثماري الملائم، واستقرار المنطقة وإقامة السلام فيها.. لا يأتي أبداً بمراضاة الميليشيات الإرهابية المسلحة، بل بكسرها وإرغامها على الذهاب للسلام كراهية!؛

 

وأنتم قررتم،.. وفي قراراكم هذا، فتحتم شهية الحوثي أكثر لمزيد من الابتزاز وإحداث الأذى؟!!

ولا نشك للحظة أن مجلس القيادة الرئاسي راغب ويتأمل أن ينجز كل ما يحقق مصالح الناس؛ وبسبب إيران والحوثي فشل في تحقيق ذلك..

 

.. إذاً.. يا مجلس القيادة الرئاسي، لا نريد أن يتحول المجلس قَفط، لبكائيات وحسينيات وشكاوى من ايران ووكلائها؛

بل إن ما تتحدثون به في وسائل الاعلام من أحاديث؛ فالمفروض تطرحونه للتحالف في اجتماعاتكم الرسمية معه؛ وتقنعونهم بمساعدتكم في كل ما من شأنه قاطع دابر ايران في يمننا، وفي ملفاته النقدية والبنكية والاقتصادية وغير ذلك!؛

لا نريد لمجلس القيادة الرئاسي أن يتحول إلى جمعيات خيرية، أو الاكتفاء بتشجيعها ودعمها لمضاعفة مستهدفاتها، فهذا شأنها، ولها طرقها ومموليها..

مطلوب منكم ان تمارسوا وظيفة الدولة.. تتخذون القرارات القوية كقرارات البنك المركزي التي تعيد للاقتصاد دورة وللسياسة النقدية تأثيرها وأن تمارسون سيادتكم ولو بالقوة في تصدير الموارد، ومطلوب دفع الرواتب لا دعم وجبات غذائية، وفي تقديم الخدمات..

 

 هذه هي مصالح الناس.. وهذا هو المطلوب يا مجلس القيادة الرئاسي منكم في الحد الأدنى؛ علاوة على السعي لإنهاء الانقلاب وتحرير المناطق المغتصبة!

عموما.. نحن مدركون حجم الصعوبات والتحديات وحجم الضغوط الممارسة عليكم.. فصارحوا الشعب بها، أو لوذوا بالصمت؛ لا اتخاذ قرارات تراجعية واعتبارها إنجاز عظيم، وبان قرار التراجع هو بمثابة إنقاذ من (الحفرة العميقة)!

ويا مجلس القيادة الرئاسي، لا نحتاج ليوم ولا بعد شهر ولا بعد سنة كي نرى ونلمس تحقق المصلحة للناس على الواقع.

 

 إذ نحن الآن نرى وبوضوح أن الاتفاق الأخير الذي أُعلن، قد استفاد منه الحوثي بصفة رئيسية، وبالذات قرار التراجع، حيث سوّقه انه انتصار وناتج من قوته وتهديده.

فالحوثي قد كسب نقاط لصالحه، فهو يحاول وباستماته فرض شروطه في الخطوط الجوية اليمنية في تسيير رحلات أكثر ولوجهات أخرى، وفي اعتماد الجوازات الصادرة من قبله، وفي الاستفادة من عائدات رسوم التذاكر، وفي محاصصة النفط المصدر، وفي تحريك عناصره ذهاباً وإياباً بحرية، – وربما- أيضا في استيراد الخبراء والاسلحة.

وإذا ما أردنا الإنصاف للاتفاق الأخير المعلن، وقرار التراجع؛ فهناك - ربما-، فائدتين هامتين:

الفائدة لأولى: - هبة الجماهير وإظهار دعمها ومؤازرتها لمسؤولي السلطة الشرعية، والذين يتخذون قرارات دولة، بحسب القوانين النافذة، فإنهم لا يترددون في الانتصار للدولة وهيبتها وهيبة السلطة الشرعية ذاتها.. وهذا ما ظهر جليا بذلكم الحراك المبارك المؤيد والداعم لقرارات محافظ البنك المركزي من مختلف الفئات، وفي مختلف المناطق!

والفائدة الثانية: - أن لاتفاق الأخير وتسريب الاتفاق على محاصصة عائدات النفط مع الحوثي كشرط لاستئناف التصدير.. هذا قد حرّك إخواننا في حضرموت حراكاً توازنياً فاعلاً؛ وتحركهم هذا اعتبره انا فرصة تستطيع القيادة الشرعية منه، الخلاص من الضغوط الممارسة عليها بمزيد من التنازلات، إذا ما ارادت.. فمثل هكذا حراك يضمن ويصون الحقوق ويحقق العدالة في توزيع السلطة والثروة، ويُحرم الحوثي من فرض شروطه، وتحقيق مأربه وغاياته؛

وبالنسبة للحفرة العميقة.. اسمحوا لي بالقول.. نحن يا فخامة الرئيس. في الحقيقة فعلاً واقعين في حفر متعددة وكثيرة؛ وتأملنا بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، أن يردم تلك الحفر؛

إذ من المفروض - وكان من المؤمل- أن مجلس القيادة الرئاسي، قد أتى لإدارة مرحلة انتقالية؛ لإخراجنا من تلك الحفر؛ لا أن يبدون الخشبية من وقوع الناس في حفرة عميقة وكبيرة، فيما لو لم يتم التراجع عن قرارات صائبة، اتخذت من قبل البنك المركزي!

كونوا على ثقة بأن قراراكم تراجعي.. وتأكدوا أن التراجع بالتاريخ لا يمكن أن يكون لصالح الناس ومصلحة الأوطان والجيران، إلا إذا كان القرار الذي اتخذ من أصله خطأ.

ويا عجباً.. لتوصيفكم قرار التراجع بأنه على حق، ومن أنه قرار تاريخي مسؤول؟!؛

وبما أنكم قد اتخذتم قرار التراجع.. فلماذا إذاً تنزعجون ممن ينتقده؟ لدرجة وصفهم بالغافلين!

ومن الواضح أن قرار التراجع لم يكن على المجلس اتخاذه سهلاً؛ لكن أعضاء المجلس يكابرون، ولا يقولون الأسباب الحقيقية الموجبة لاتخاذ القرار.. ومع ذلك يسوّقون بأنه على صح، وبأن الناس ستلمس أثاره.. ما هذا يا مجلس القيادة الرئاسي؟؛ وما هذا يا رشادهم؟! لماذا لا تُرشدهم وترشّد قراراتهم؟!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي