عدن والحجرية

تيسير السامعي
الجمعة ، ١٢ مايو ٢٠٢٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً

 

اخترت عنوان "عدن والحجرية" بعدما ما رأينا وسمعنا عن دعوات المناطقية والعنصرية التي رفعت وترفع في العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية عدن.

فتعالوا، إذا، نناقش الموضوع بشكل عقلاني ومنطقي؛ بعيدا عن العنتريات والكلام العاطفي.

الدكتور رشاد العليمي من منطقة الحجرية، واللواء عيدوس الزبيدى من منطقة الضالع: أيهما أقرب إلى عدن؟

المسافة بين الحجرية وعدن أقرب من المسافة بين عدن والضالع؛ هذا من حيث الجغرافيا، أما من من حيث التاريخ: افتحوا تاريخ عدن، وأقرأوا بتمعّن بعيدا عن التعصب والعواطف، ستجدون أن تاريخ عدن معالمها التاريخية مرتبط بالحجرية. -جبل شمسان، جبل عدني، حمل اسم المقاول شمسان عون الأديمي، من منطقة أديم بالحجرية تعز!!

- الشيخ عثمان: إحدى مديريات عدن المعروفة، حملت اسم الشيخ عثمان المسني، وهو من عائلة الطيار، التي نسبت إليه "تربة الطيار" في ذبحان بالقرب من منطقة بني مَسن بالحجرية تعز..!!

- بئر أحمد: منطقة في عدن تنسب إلى أحمد الشريف وهو أيضا من الحجرية تعز، منطقة الجبزية، كان قائد معركة بئر أحمد ضد الإنجليز عام 1840م!!

- الشيخ الدويل: أحد رجال الحجرية - تعز، وأول من سكن ذلك المكان، الذي صار يعرف باسمه..!!

- عبود في خور مكسر: محمد الشرعبي؛ من شرعب السلام بتعز، واسمه الحركي عبود، وهو أول شهيد في عام ١٩٦٧، يوم جلاء المستعمر من عدن..!!أيضا مدرسة عبود تسمّى باسمه إلى الآن في الشيخ عثمان.

- أمين ناشر: أول دكتور في عدن، سمي معهد "أمين ناشر" في خور مكسر باسمه، من الحجرية - تعز.

- الدكتور عبدالله الخامري: مؤسس المجلس اليمني للسلم والتضامن، وممثل الجنوب في لجان الوحدة؛ من منطقة الأخمور في الحجرية - تعز!!

- شارع سلطان ناجي في الشابات - خور مكسر: أحد المؤرخين العرب القلائل، يعد كتابه "التاريخ العسكري اليمني" المرجع الأوحد للعسكرية في اليمن، من منطقة القبيطة بالحجرية، انتقل والده إلى عدن في ثلاثينات القرن الماضي!!

- المناضل والتربوي القدير عبد الحفيظ ردمان المعمري: قايد فيلق صلاح الدين في ثوره 14 أكتوبر، مؤلف كتاب التاريخ في مدارس عدن عقب خروج المستعمر، وعلم من أعلام التربية، من منطقة بني عمر في الحجرية - تعز.

وللعلم هناك في كل حارات عدن وحافاتها بصمات وحضور لأبناء الحجرية..

فمثلا: حافة القريشة، ودُبع، والمقاطرة، والأخمور في الشيخ عثمان، ومخبازة الراسني في القاهرة، ومخبازة البهنساء (بلوك 37) في المنصورة، وحافة المعمري في كريتر، ومخبازة المعمري في صيرة، ومقهى سيلان المعمري..

فعندما كانت عدن تبهر الجميع، في ذلك الوقت، كان أبناء الحجرية هم معالمها ومعلميها ومثقفيها وأطباءها، وأبرز رجالاتها في كافة المجالات..

هذا من ناحية التاريخ والجغرافيا، أما من ناحية السياسية: فهناك من يقول إن عدن كانت عاصمة لدولة مستقلة لم تكن الحجرية جزءا منها. هذا صحيح، لا أحد ينكر ذلك، عدن كانت عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، لكن من الذى بنى هذه الدولة؟

أليسوا هم أبناء الحجرية الذين كانوا أساس هذه الدولة؛ بدءا من المناضل عبد الفتاح إسماعيل -مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني (الحزب الحاكم للدولة)- مرورا بعشرات الوزراء والقادة والسياسيين الذين أداروا موسسات الدولة.

وأيضا، النشيد الوطني للدولة، الذي كان يعبِّر عن هُويتها، من كلمات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول) من تربة ذبحان في الحجرية، ومن تلحين وغناء الفنان الكبير أيوب طارش عبسي، من الأعبوس - تعز..!!

بعد هذا الاستعراض السريع مَن الأقرب إلى عدن: ابن الضالع أم ابن الحجرية؟!!

فالحدود السياسية، التي كانت نتاجا للواقع الاستعماري، لن تُغيّر الواقع والتاريخ ولا الجغرافيا..

اليوم، عندما يأتي بعض العنصريين ويهددون بطرد ابن الحجرية من عدن؛ على أي حُجة يستندون؟!

ليس لهم سند ولا حُجة سوى المشاريع الصغيرة، التي ليس لها تاريخ ولا هوية، لا يمكن طرد إنسان من بلاده؛ فكل المصادر التاريخية تقول إن الحجرية هي أرياف عدن. 

وندعوا رئيس مجلس القيادة الرئاسية (ابن الحجرية) إلى أن يكون أكثر شجاعة وثباتا؛ فعدن ليس ملكا للمناطقين القادمين من الجبال، الذين يريدون فرض واقع بقوّة السلاح.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي