من وحي خطاب ليلة العيد؟!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٣ الساعة ١٠:٠٩ مساءً

إن خطاب ليلة عيد الفطر السعيد من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي ،  كان  ما فيه هو لبّ الكلام، وهو ما قلّ ودلّ.. تناول فيه أهم القضايا والمستجدات، وأجاب ربما على عديد التساؤلات، كان حديث غير مضلل، خالي من التسويفات.. وكما يقال؛ فلُبّ كل شيء هو خالصه ومنتقاه، وقد انتقى الأهم، وأعطاه ما يستحق من الكلام!!   هنأ الشعب والابطال المرابطين في مختلف الميادين، وهذا يدّل على أن  العزيمة والإرادة متوفرّة للحسم العسكري من أجل إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة!  وخطاب هذا العام قد تميّز بمصادفة نادرة الحدوث،   إذ تزامن بالتوقيت،  العيد السعيد مع  تواريخ لمحطات مهمة من تاريخ الشعب اليمني، ففي هذا التاريخ منذ ثمان سنوات انتصرت عدن على ميليشيا الحوثي، وإن لم يُعد انتصارها مؤشراً وحافزاً قوياً لاستكمال تحرير ما تبقى، فما عساه أن يكون  إذاً الحافز؟!؛ انتصار عدن حافز قوي لتحرير  العاصمة صنعاء من دنس ورجس الحوثيراني؛ كذلك فإن في هذا العيد تزامن  فيه ايضاً، الذكرى الأولى لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي، حيث كانت القوى الوطنية قد عظمت قوتها بتوحدها واصطفافها عندما توافقت على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بموجب إعلان نقل السلطة بطريقة سلسة وهادئة؛ ولكن الأمر لا يزال بحاجة إلى أن يشاهد المواطن اليمني التجانس في تعامل وتصرفات وممارسة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي،  وفي هذا الصدد ينبغي اصدار قواعد عمل مجلس القيادة الرئاسي،  الضوابط والإجراءات  التي تنظم مهام رئيس واعضاء المجلس، كي تنتهي التجاوزات والشطحات والادعاءات المشاهدة على الواقع حالياً!   الرئيس "العليمي" في خطابه ليلة العيد عبر الارياني وزير  إعلامه وضح كم أن الرئيس  يحبّ العاصمة الموقتة عدن وتاريخها، فحيّا أبناء عدن مفتخرا ومعتزا بهم وبأدوارهم وتاريخهم، فهم بدعم التحالف بقيادة المملكة قد استطاعوا هزيمة الحوثي شرّ هزيمة، وتوجو النصر عليه منذ ثمان سنوات مضت.. فعدن كما قال هي معلمة النضال والصمود  لليمنيين عبر التاريخ، وستظل عصية عن الانكسار، ولن تقبل ابداً أن تحكمها ميليشيات ومن أي لون أو اتجاه أو منطقة، عدن مَدَنِيّة، وتريد حكم جمهوري مدني ديمقراطي، وهي كانت ولا تزال  رأس حربة التحرير والحرية، وفتحت الطريق لكافة المحافظات بأن تتحرر، ولقد تحرر عدد منها، ولا تزال البقية تناضل من أجل نيل التحرير.. عدن وكل الجيش الوطني والمقاومة يستحقون رفع القبعة لهم احتراماً وإجلالاً  ، فكلهم محل فخر والجميع مَدِين لهم بتوقيف تمدد الحوثيراني وتقهقره، وبالتالي فإن هزيمة المشروع الإمامي الإيراني ممكنة جداً، بل شيء مؤكد بفعل التضحيات للجيش والمقاومة وابناء عدن الباسلة، وكل اليمنين الشرفاء الاحرار ، عدن هي من أبقت راية التحرير متقدّة، وحملت راية  الحرية والجمهورية  خفاقة، وإلى الأبد بإذن الله!؛  ونتيجة لمشاهدة بعض الممارسات غير الطبيعية من بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وقلق انصار الشرعية من أن يفشل مجلس القيادة الرئاسي في إدارة المرحلة الانتقالية بموجب إعلان نقل السلطة.. أجاب الأخ الرئيس "العليمي" بوضوح تام وعلى مسؤوليته؛ من أن  المجلس غير منقسم ومنسجم تمام الانسجام مع ذاته والاهداف التي أعلنت، بعكس ما يروجه الحوثي ومن لفّ لفه، حيث الحوثة لا يزالون يراهنون ويتمنّون أن يروا انقسام المجلس حقيقة واقعة، وهو رهان بكل التأكيد خاسر إن استشعر اعضاء المجلس جميعهم ذلك ، وحافظوا على عدم الخروج عن روح اعلان نقل السلطة، وأبروا بالقسم الذي أقسموه بالتمسك  بالسير باليمن على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني، والنضال الجدّي للوصول إلى تحقيق  تطلعات الشعب اليمني  في استعادة السلام، والاستقرار، والتنمية!؛ ويجزم الاخ الدكتور العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي بقوة ومتانة وصلابة مجلس القيادة الرئاسي،  بما يمثله من تحالف واسع وعريض، من قوى ومكونات فاعلة على الأرض، بل ويؤكد من أن  المجلس قادر  على إدارة الأزمات والمتغيرات والتحديات، طالما استمر التفاف الارادة الشعبية حوله، ومن تكن الارادة الشعبية تؤيده وتكون معه،  فحتما في نهاية المطاف سينتصر على   أصحاب المشاريع الصغيرة، على المنقلبين على إجماع الأمة، على السلاليين، على المستبدين (المستعبدين لعامة الشعب) والذين يحاولون  فرض تجهيلهم على الشعب، وتقسيمهم له على أساس أسياد ورعيّة، قناديل وزنابيل بالقوة والتجويع .. سلالة مقيتة تريد أن تحكم بالقوة وتدّعي زوراً أن الله قد أوجب لها ألحكم بُداً عن باقي الشعب،  وبموجبه فإن عصابة الحوثي قد اغتصبت السلطة بالعاصمة صنعاء وبعض المحافظات، وتريد من الشعب  أن يعطي لها ولا يأخذ، تريده أن  يدفع الخمس والزكاة والصدقات إليهم، وإلا ضايقوه أو قتلوه أو سجنوه وعذبوه، وحاصروه ومنعوا وصول المساعدات إليه، ومنعوا تشغيل منشأته الحيوية بصواريخ ومسيرات إيران،  وجعلوا الشعب يبلغ الحاجة الماسة،  كي يُسلّم بما يقولون بعد أن يلجأ للشحاتة، وينتظر  وصول المساعدات؛ وهذه يتقطعوا لها وهي في طريقها إليه ويبيعونها عليه بأضعاف في أسواقهم السوداء الاحتكارية!؛  "العليمي" يأمل أن يقود مجلسه "البلاد" ويصل باليمن إلى مكانته المستحقة.. إن كل ما جاء بالخطاب لو تحقق لكفى اليمنين،  وخفف عنهم بعضاً من معاناتهم المستمرّة!  .. ولم ينسى الرئيس العليمي في خطابه، حديث الساعة عند اليمنين،  تلك المجزرة المروعة التي أحدثها الحوثي وتسبب بوقوعها  في العاصمة  صنعاء،  والتي حوّلت الفرحة العيدية إلى حزن شديد في أوساط اليمنين، فقدّم الرئيس خالص التعازي، وأصدق المواساة لعائلات ضحايا الباحثين عن مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، جراء مصادرة الحوثي لرواتب وأرزاق العباد، مما جعلهم يبحثون عن مساعدات وصدقات انسانية، ووجه سيادته الحكومة في هذا السياق بتقديم يد العون للمصابين وأسر ضحايا هذه الواقعة المروعة..  لبّ الكلام ما قاله فافهموه ياحوثة، والقول الفصل وليس الهزل يا أيها الحوثي العنصري المستبد، هو أن إرادة الشعب ستنتصر على مدّعيّ الأحقية الالهية بالحكم وعلى من يحاول فرض التشيّع على الشعب اليمني بالقوة، وليعلم الحوثي أن الشعب قد يصبر، لكن في نهاية المطاف هو من ينتصر على السلاليين المستبدين المحاولين استعباد الشعوب..  ومن وحي خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي  الأخيرهو، ضرورة التسلح  بالوعي، حيث دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي كافة أطياف الشعب إلى الالتحام بجبهة الوعي "حتى لا يبقى السلام رهينة للأهواء والمصالح، والخطابات الشعبوية والانتصارات الخادعة".. إذ لابد من مواجهة خطابات الشعوذة والكذب والتجهيل والتضليل والاشاعات، بخطاب الوعي والثقافة والوحدة ورص الصفوف وتجاوز الانقسامات وكشف وتعرية المدّعين بالأحقية بالحكم  بعيداً عن  أبجدية العملية الديمقراطية، والممارسة الديمقراطية ايضاً.. فمواجهة التضليل والأكاذيب، تقتضي الشفافية والوضوح وقول الحقيقة والصدق مع النفس ومع  الشعب! وخلاصة القول أن مليشيات الحوثي اختارت اشعال هذه الحرب، وهي اليوم تصرُّ على استمرارها، دون الاكتراث بمعاناة الشعب وآماله في السلام والأمن والاستقرار، والحرية"، وبالتالي لابد من الاستعداد لموجهة هذا الاختيار الحوثي المدمّر، ولا عتب على الشرعية بعد أن  قدمت كل التنازلات الضرورية لتخفيف المعاناة عن الشعب، وعبدّت الطريق أمام جهود الوسطاء، والتزمت بما يخصها  في التفاهمات والاتفاقات، ففتحت الموانئ، ومطار صنعاء، وأعلنت الدولة أنها على استعداد لدفع المرتبات في عموم البلاد وفقا لاتفاقية ستوكهولم، هذه النية والاستعداد كان قد فسّرها الحوثي بأنها ستكون عملاً دعائياً للحكومة الشرعية كما قال الرئيس العليمي، فقاموا بقصف الموانئ حتى يمنعوا تصدير النفط في استهداف واضح للموظف شمالاً وجنوباً، غير أن هذه الافعال الاجرامية الإرهابية  الحوثية لا تعفي الحكومة الشرعية من الوفاء بتعهداتها والتزاماتها في دفع رواتب كل الموظفين بحسب اخر كشف لشهر اثنا عشر من عام 2014 ..  وختم الرئيس العليمي  حديثه بمخاطبة الكتّاب والمدونين والموثقين لسنوات عجاف الحوثي، حيث ناشدهم عدم إغفال حقيقة أن مليشيات الحوثي هي من أقامت  الحرب وانقلبت على التوافق الوطني، ودمّرت ونهبت المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، وجعلت من بلدنا مثالا لأسوأ ازمة إنسانية في العالم.. بكل تأكيد هذا هو ما حصل، وعلينا جميعا الالتفاف والتوحد ورص الصفوف لإعادة اليمن إلى المسار الصحيح الذي يتطلع إليه عموم الشعب اليمني.. وكل عام وأنتم بخير..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي