العيد السعيد في اليمن غير السعيد؟!

د. علي العسلي
السبت ، ٢٢ ابريل ٢٠٢٣ الساعة ١١:١٤ مساءً

  إن العيد السعيد يطلّ على العالم الاسلامي في كل عام   باليُمن والخيرات والبركات، غير أنه أصبح  مفقوداً على كل اليمنين  في سنوات ما بعد انقلاب الحوثي، فهو في هذا العام أكثر تعاسة، كونه  عام حصاد ثمان سنوات حوثية عجاف، و حاصل لكذب وتضليل  روّج له من أن هذا العيد سيكون مختلف بعد التفاهمات التي اتفق بموجبها دفع جميع رواتب الموظفين المستحقة لسنوات خلت،  لم يتم تحقيق من تلك الاشاعات التي صدقها كثيرون شيء، ويبدو أنه لن يتحقق منها شيء في المستقبل القريب  المنظور؟!؛ بل حتى الزكوات والصدقات مُنع أدائها من قبل الحوثي وتحوّلت إلى مأتم كبير في العاصمة صنعاء، ولم تفتح الطرق الرئيسة، فتسببت الطرق البديلة لإزهاق الكثير من الأرواح، بفعل الحوادث المستمرة، و التي تكثر بالأعباد أو قُبِيْلها بقليل، والاغتيالات عادت تطل برأسها  من جديد في هذا العيد،  كل ذلك جعل  العيد وفرحته يتطاير كما تطايرت  الأرواح إلى بارئها بسبب استمرار الحوثي في القصف العشوائي  للأحياء المدنية، وبسبب الفقر، وبسبب حوادث الطرق، وبسبب الارهاب الحوثي ومن يعمل في صفّه أو يتخادم معه؛ لهذه الاسباب مجتمعة وغيرها  يعمُّ الحزن، ويتمدد ويتوسع ليشمل ربوع اليمن!؛  .. ويقال أن الاسكندر المقدوني هو أول من أطلق لقب "اليمن السعيد" على اليمن؛ فاليمن موصوف إذاً بالتاريخ بأنه أرض السعادة، أو العربية السعيدة بحسب المؤرخين،  كونه أرض الأحلام والآمال والطموحات والشعر والأدب والفن والحضارة والتراث والتاريخ المجيد.. للآسف لم يعد كذلك، بل أصبح أرض أحلام اليقظة والتعاسة وأرض الواقع البئيس المقزز؛ وأرض تبخر الآمال(نسجل هنا بارقة الأمل كما كتب عنها رئيس مجلس القيادة الرئاسي والمتمثلة بعودة بعض الأسرى والمخطوفين لعوائلهم، كما هناك بارفة أمل أخرى متمثلة بما اعلنته الأمم المتحدة عن توجه سفينة دعم لسواحل محافظة الحديدة خلال الساعات القادمة  لنقل مليون برميل من النفط الموجود على متن الناقلة "صافر" إلى سفينة بديلة للحيلولة دون حدوث تسرّب نفطي ولتفادي حدوث كارثة بيئة، وربما ايضاً عودة رئيس مجلس القيادة لعدن تعد بارقة امل لعودة الدولة والسلطة الشرعية لممارسة دورها وواجباتها من على الارض اليمنية، فقد عاد رئيس مجلس القيادة ونائبة الاخ عيدروس الزبيدي للعاصمة عدن قبيل عيد الفطر المبارك،  وقد أديا صلاة العيد مع جموع المواطنين وتبادلا التهاني معهم،  أقول بادرة الأمل، لأن المتطرفين والمغالين والمنفلتين كانوا  قد هددوا وتوعدوا  بعدم السماح له بالعودة و اعلنوا أن عودته غير مرغوبة قبل أن يحقق لهم احلامهم الانفصالية) واليأس الشديد  من قرب أية انفراجه أو حدوث استقرار وسلام وآمن، أو إمكانية لإنهاء الحروب في الداخل اليمني العسكرية منها  والاقتصادية والاجتماعية وحرية التنقل للأفراد والسلع؛ وأصبح الطموح مختزلاً بالبحث عن لقمة العيش والحصول على نصف راتب لأشهر مستحقة لسنوات ما بعد الانقلاب؛ ولم يعد التفكير والطموح للتغيير من  أجل مستقبل أفضل وأسلم، كما كان يريده شباب التغيير؛ والشعر والأدب لم يعد للزبيري والبردوني والمقالح والفضول والمحضار، بل أصبح من على شاكلة معاذ الجنيد؛ والفن بعد أن كان لابي بكر بن سالم وللآنسي وايوب طارش والمرشدي ومحمد سعد عبد الله وغيرهم من عمالقة الفن اليمني، أصبح يسود في اليمن الزامل ومحتكراً من قبل شخص حوثي وحيد "عيسى الليث" وبعض زبانيته؛  والحضارة اليمنية المشهورة يُراد إحلال حضارة فارس بديلاً عنها؛ والتراث يهربه الحوثي ويبيعه في المزاد العالمي؛ والتاريخ المجيد يُطمس بخزعبلات الاثنا عشرية المتميزة بالشعارات الزائفة ( الصرخة) والتلطيم..  ومع كل ما سبق في أن العيد السعيد لم يكن سعيدا في اليمن بل أقبل هذا العام أكثر حزناً، وعلى الرغم من هذا الابتلاء بوصول كثير من اليمنيين لهذا الخضوع المذلّ للحوثيين وتحملهم لهم دون القيام بثورة عارمة عليهم  .. نقول للجميع عيدكم سعيد، لأنه العيد شعيرة من شعائر الله، ونأمل من الله أن ينهي معاناة اليمنين وأشقائهم في السودان  وفي كل مكان توجد معاناة، و بشكل قريب وعاجل لا مؤجل..  تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وعساكم من عوادة..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي