طريق النصر

تيسير السامعي
الاثنين ، ١٣ مارس ٢٠٢٣ الساعة ١٢:٢٣ مساءً

بعد ثماني سنوات حرب، من سيقول -من اليمنيين- "انتصارنا وصمدنا"، ولا يزال يتكلم بلغة الحرب، يعتبر كاذبا ليس فيه إحساس ولا ضمير ولا إنسانية. الواقع والعقل والشواهد تقول إن اليمنيين هزموا؛ كلُّ شيء في بلادهم تدمَّر، الألم والحسرة والحزن في كل بيت، الجوع والمرض والجهل في كل قرية، التعليم تدمَّر، صحة انهارت، أمراض وأوبئة عادت؛ الأكثر من ذلك هو أن النسيخ الاجتماعي تمزَّق، والعصبيات المناطقية والطائفية ظهرت، والبلاد على وشك التمزُّق. يجب أن نعترف بالواقع، المجتمع يعيش مأساة حقيقية، ويعتمد فى قوْتِه الضروري على ما تقدِّمه المنظمات الإنسانية، فالاعتراف بالواقع لا يعني الاستسلام أو الخضوع؛ إنه أول طريق النصر.   من يقول انتصارنا؛ نسأله على من انتصرت؟ هل انتصرت على ابن بلادك؟!! أنت هزمت نفسك؛ لأنك دمَّرت بلادك، بينما من تزعم أنك انتصرت عليهم لم يصابوا بأي أذى؛ فهم فى بلدانهم آمنين مطمئنين، يعيشون في رغد من العيش. من يقول: "صمدنا"، نسأله: أين الصمود؟ أنت الآن لا تستطيع حتى توفير الحد الأدنى من الخدمات، ولا تستطيع أن تدفع راتب موظف، وتستجدي من تزعم أنه عدوك ليدفعه، إنك تخدع نفسك وتخدع البسطاء والمغفلين الذين لازالوا يصدقونك. هذه الحرب ما كان ينبغي لها أن تكون، ولا أن تطول كل هذه المدة، لو كنا -نحن اليمنيين- بكل انتماءاتنا فكَّرنا ببلادنا ومصالحها قبل الانجرار وراء نزوات ومصالح الغير. إنها ليست حربنا؛ نحن وقودها فقط، إنها حرب غيرنا، نحن فقط ضحاياها.  أيُّها اليمني لا تصدق الشعارات، لا تنخدع بالخطب الرنانة، ولا بالكلمات المنمقة، لا تصدِّق من يحدثونك عن السيادة والاستقلال؛ فهم عملاء يسعون وراء نزواتهم وأفكارهم الضآلة، ويعملون لأجندات خارجية، ولا تصدِّق من يحدثونك عن استعادة الدولة فهم ليسوا رجال دولة حتى يستعيدوها، ثق بنفسك فقط، وآمن بقدراتك وإمكانياتك، وعليك أن تُوقن أن كل قوى الأرض لو اجتمعت لا يمكن أن تفرض عليك إرادتها إلا إذا أنت خضعت واستسلمت؛ فمهما بلغ ضعفك فأنت قوي؛ لأنك صاحب الحق. تمسَّك بجمهوريّتك وأهداف ثورتك التي كتبها آباؤك وأجدادك بدمائهم في 26 سبتمبر 1962. تمسك بوحدتك وهويتك، فأنت سيّد الأرض، وإياك أن تخضع لمن يريد استعبادك باسم الدين، فأجدادك آمنوا واتّبعوا رسول الإسلام، الذي جاء بالعدل والمساواة والحرية، ولم يتّبعوا أشخاصا يزعمون كذبا وافتراء أن الله اصطفاهم.  تذكر أن الأيام دول، وأن الضعف والهوان لن يطولا، وأن الشعوب العظيمة تضعف لكنها لا تموت، وتخرج قوية شامخة من بين الرّماد والركام.   اعلم أن الحال، التي وصلت إليها، ليس بسبب قوة الأعداء وإمكانياتهم، إنما بسبب العملاء والحمقى والمغفلين من أبناء بلدك، الذين ينخدعون بالشعارات الكاذبة، والذين يقدمون مصالحهم الخاصة والحزبية والطائفية على مصلحة بلادهم العليا. إن طريق النصر سهل متى ما آمنّا بأنفسنا، وتمسكنا بثوابتنا، ورفضنا الأجندات الخارجية، وجعلنا مصلحة بلادنا مقدّمة على كل المصالح.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي