معرفة معلبة

محمد مسعد العامري
الخميس ، ٠٩ مارس ٢٠٢٣ الساعة ٠٩:٢١ مساءً

المعرفة المعلبة، تمامًا  كالأغذية المعلبة لها صلاحية إنتهاء معينة، إلا أن الأولى فترة إنتهاءها سريعة جدًا، لا تدوم معك قبل أن تقوم من مقامك، هذه الكارثة التي أنتجتها مواقع التواصل الاجتماعي، والتي جعلت أفكار الرفعة، والتميز مرتبطة بمشاهدة بعض الفديوهات أو قراءة  بعض المنشورات التي لا رؤية لها، ولا توجه. 

أصبح الشخص المعاصر  يتنقل بين عدة مواضيع، ويجمع عشرات المعلومات في ثواني معدودة، هذا التداخل العفن ، والمزج الفجّ  لا يفيد صاحبه في شيء، ولن يقربه صوب نواحي العلوم، والمعارف القيمة قيد أنمله.  لماذا أصبح معظم الناس يعزفوا  عن الطرق الطويلة في تحصيل العلوم، أو أي أهداف ورؤى أخرى؟!  هذه الطرق الذي يجب بذل الغالي والنفيس فيها حتى يصل الإنسان إلى ما يصبو إليه ويطمح به. أما مجرد الأوهام من خلف شاشات التلفون، فإنها أضغاث أوهام لا تسمن ولا تغني صاحبها  من جوع.  أن يصبح الشخص متخصصًا في أي شيء لمجرد مشاهدته بعض مقاطع الفيديو _هذا إن كانت من أهل الإختصاص أصلًا_ فضلًا عن كونها من عدة مشارب لا تُعرَف مصادرها  فهذه طامة كبرى، وأحلام يقظة سرعان ما تزول بمجرد إغلاق الانترنت...!!   أيُ علمٍ هذا الذي يحصل عليه المرء في أيام معدودة،  وأي معرفة رخيصة تلك التي توهب نفسها لكل عابر سبيل ؟!

الأفكار القيمة، و المنجزات العظيمة لا تأتي في عشيةٍ وضحاها، ولا تُجنَى ثمارها لمن آثر الراحة، وأكثر من اللهو.  المعلومات والأفكار العابرة، حالها كحال  ( التنمية البشرية)  توهمك بأشياء عظيمة داخل قاعة التدريب، ثم سرعان ما تنجلي وتذهب أدراج الرياح بمجرد مغادرتك القاعة (فقاعة لا غير).

عقلية الذباب وتجميع فضلات العلم من المصادر غير المخصصة لها، لن تصنع من صاحبها إلا ذبابًا يكثر من إزعاج من حوله فقط.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي