العبث بمستقبل اليمن وفوهة البركان القادم!

عبدالواسع الفاتكي
الخميس ، ١٥ ديسمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٩:٥٣ مساءً

يمر اليمن بمرحلة حرجة غاية في التعقيد  ، أبرز سماتها أنها حولته لمسرح لصراع الإرادات الإقليمية ، وأدخلته في ارتداد وطني ،  وانهيار سياسي شامل ،  وتدهور في جميع نواحي الحياة ،  أضحت حالة اللادولة تسيطر على المشهد اليمني ، من خلالها ، وبشكل صارخ تنتهك حقوق الإنسان اليمني ، وتسترخص دماؤه بالقتل خارج القانون ، ومن خلالها فتح الباب على مصراعيه لممارسة الارتزاق السياسي ، والفوضى المسلحة ،  ونهب المال العام ؛ ليتحول اليمن لبلد هش ،  مثخن بالقلاقل والاضطرابات الأمنية والسياسية .

فترة عصيبة تعصف بجذور ومقومات الهوية اليمنية ، وتجرف أسس الانتماء الوطني ، بين إزاحة وتجميد واحتواء وصولا للتفكيك الشامل لها ، ما فتح الباب على مصراعيه ، للدخول في مرحلة تعاظم فيها دور الوكلاء الإقليميين ، كنتيجة حتمية للفشل الذريع للسلطة الشرعية والقوى السياسية الداعمة لها  ، التي افتقرت لبوصلة القراءة الاستراتيجية الصحيحة ، لما يحاك لليمن ، واتصفت تصرفاتها ، بالتخبط وغياب العقيدة السياسية الوطنية ، ووحدة الهدف والمصير ، ما أوجد انفصاما وتناقضا واضحا ، بين ما تعلنه وما تمارسه .

أخشى ما يخشاه اليمنيون ، هو أن ينتهي التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن ، بالتأسيس لنظام سياسي ذي أبعاد طائفية وجهوية  ، يفتت ما تبقى من البنى الاجتماعية للشعب اليمني ، خصوصا بعد هذا النهر من الدماء ، الذي أضحى منصة متقدمة ؛ لخلق واقع جديد  ، من خلاله يجري إعادة رسم خريطة اليمن السياسية ، يكون فيها اليمنيون مشاريعا للعنف والاحتراب  ، ناهيك عن تشظي الديموغرافية اليمنية ، إلى هويات فرعية متقاتلة ، تارة ترتدي العرق والمذهب ، وتارة أخرى ترتدي الجهة والمنطقة .

واقع اليمنيين مثقل بمشكلات مزمنة ، فمن أزمة إلى أخرى ،  ومن صراع بين السلطة والمعارضة لفوضى عارمة ، سرعان ما فتحت الأبواب ؛ لدورات جديدة من العنف ، ولتطرف ايدلوجي طائفي وعصبوي مناطقي ، بوسائل دموية غاية في التطرف .

مما لا شك فيه أن انقلاب المليشيات الحوثية مثل حصان طروادة الذي ولجت من خلاله التدخلات الخارجية في الشأن اليمني ، عزز من تحكمها بالمسرح السياسي والعسكري اليمني نخب متصارعة ، أطلقت العنان للتدخلات الخارجية بلا أي ضوابط ، وجعلت الشأن اليمني ، عرضة للتجاذبات الإقليمية والدولية ، التي ألقت بظلالها على فرقاء الصراع في الداخل اليمني ، ودفعت نحو مزيد من التخندق والتأزيم .

إن العبث بمستقبل اليمن ، وتدجين اليمن ببذور العنف وإبقاء جذوة نار الصراع مشتعلة كفيل باستمرار الحرائق ، وإعادة تدوير  الاحتراب والقلاقل ، التي ستتجاوز أوارها اليمن ؛ لتقدح شرارات الاضطرابات واللاستقرار في الجزيرة والخليج العربي ، وبالتالي فإن صمام أمان اليمن وجيرانه ، وحماية السلم والأمن الإقليمي والدولي ، في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي والمحيط الهندي ، يمر من مساعدة اليمن في بتر يد إيران في اليمن ؛ بإسقاط انقلاب المليشيات الحوثية ، ومساندة اليمنيين في بناء مؤسسات الدولة ؛ لتثبيت الأمن والاستقرار والشروع في إزالة آثار الانقلاب ، بغير ذلك فإن اليمن ستتحول لفوهة بركان ، حممه ستتطاير ؛ لتحرق المنطقة برمتها.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي