ما أحوجنا اليوم للاستقلال في الذكرى الـــ 55 للاستقلال؟؟!!

د. علي العسلي
الخميس ، ٠١ ديسمبر ٢٠٢٢ الساعة ١١:٤٩ صباحاً

الدفاع عن السيادة والاستقلال أقرته جميع الشرائع السماوية والدنيوية! ولذلك تأتي الثورات وتُسن التشريعات الدستورية والقانونية لخدمة هذا الهدف!؛ وهكذا يتشكل الكفاح المسلح ضد المستعمرين من قبل الشعوب وحركاته الوطنية، ومن قصص النجاح في ذلك كان الاحرار في جنوب اليمن يصنعون الاستقلال في إجلاء اخر جندي بريطاني في ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧.. إن تجارب الاستقلال في الوطن العربي ذو شجون؛ لكننا سنشير إلى أعظم تجربة يمكن ان يتأسى بها المكافحون في الوقت الراهن، فبالإضافة للتجربة اليمنية، هناك تجربة ملهمة هي  تجربة الجزائر، بلد المليون شهيد دفاعاً عن الجزائر الأرض والانسان!  والاستقلال يا سادة كلمة لها وقع عند كل حر وثائر.. والاستقلال يعني السيادة ويعني الإرادة ويعني القرار ويعني القدرة ويعني أمن المواطن الذي يحفظ كرامته ويحقق رغباته ويحفظ ماله ووقته وجهده وراتبه وخدماته ويحترم إنسانيته ويمنع الاستهتار به واذلاله ويمنع الانتظار له على تأشيرة لمعاملة من معاملاته لشهور! أليس تحقيق الحاجات الأساسية المأكل والملبس والسكن والصحة؟!؛ حق للجميع!؛ أليس بفقدانها، يفقد المرء حق المواطنة ويفقد الوطن الاستقلال الشامل! الاستقلال ليس حصراً على إخراج  المستعمر الأجنبي أو المتدخل في الشؤون الداخلية للوطن المستقل، وإنما كذلك المستعمر المحلي العميل أو الوكيل للأجنبي.. واقرأوا ما قال شاعرنا واديبنا الكبير الأستاذ عبد الله البردوني حين قال: " فظيع جهل ما يجري.. وأفظع منه أن تدري.. وهل تدرين يا صنعاء.. من المستعمر السري.. غزاة لا أشاهدهم.. وسيف الغزو في صدري"؛ وقال في نفس القصيدة التي عنوانها الغزو من الداخل: ".... وفي سروال أستاذ.. وتحت عمامة المقري.. وفي أقراص منع الحمل.. وفي أنبوبة الحبر.. وفي حرية الغثيان.. وفي عبثية العمر.. وفي عود احتلال الأمس.. في تشكيله العصر...غزاة اليوم كالطاعون.. يخفى وهو يستشري... يمانيون في المنفى.. ومنفيون في اليمن.. جنوبيون في صنعاء.. شماليون في عدن... ترقى العار من بيع.. إلى بيع بلا ثمن.. ومن مستعمر غاز.. إلى مستعمر وطني... أمير النفط نحن يداك.. نحن أحد أنيابك.. ونحن القادة العطشى.. إلى فضلات أكوابك.. ومسئولون في صنعاء.. وفراشون في بابك" 

وما أجمل ما عبرّ به العالم المفكر الشاعر الاديب الذي رحل عنا قبل بومين الاستاذ الدكتور/ عبد العزيز المقالح. نسأل من الله ان يدخله الجنة وأن يصبر جميع اليمنين على فراقه.. المقالح في أحد قصائده قال: " ‏أنا ليس لي وطنٌ أفاخر باسمهِ..‏ وأقول حين أراه :فليحيا الوطن.. وطني هو الكلماتُ والذكرى.. ‏وبعضٌ من مرارات الشجنْ.. ‏باعوه للمستثمرين وللصوص.. ‏وللحروبِ ومشت على أشلائهِ.. ‏زمرُ المناصب والمذاهب والفتن" .. إذاً.. اين الاستقلال نحن لا نملك دولة ولا موارد مستغلة لدفع رواتب للموظفين، ولتوفير الخدمات للمواطنين، والأحداث تنمية مستدامة، ولإعادة الاعمار، وللقيام بالاستثمارات الضرورية ؟ أين الاستقلال ونحن لا نملك موازنات تشغيلية _ولم أقل موازنات استثمارية كما هو المفروض_؟؛ وأين الاستقلال وموانئنا وبحارنا ومؤسساتنا السيادية مستعمرة أو مهددة ولا نستطيع تشغيلها؟!   في الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال الذي حدث واقعاً حقيقياً.. علينا أن نصارح أنفسنا ونعترف بمشكلاتنا؛ ونقول كلنا منهزمون كلنا مستعمرون؟!؛ فالاستقلال لا يتزامن مع الفقر والعوز والاستجداء!؛ علينا جميعا أن نتخلى على المفردات والخطابات، وأن نتحلى بالثورة على النفس وأنانبتها، وعلى المناطقية، وعلى الحزبية، علينا أن نثور على واقعنا الرديء ونستلهم الصبر من ثوارنا الابطال الذين كانوا نجوما وأسود، فأثمرت نضالاتهم في الجنوب الجلاء؛ علينا تجديد العهد والوعد، واتباع العزم والحسم، لإنهاء الانقلاب وعدم مهادنة الحوثين وكلاء أحد أوجه المستعمرين الجدد في اليمن؛ أعني ايران الفارسية..  .. عيد الاستقلال هو يوم وطني للعظة والعبرة، ومن الضروري اسقاطه على واقعنا البائس؛ ليس للإحباط وانما لشحذ الهمم لنحقق الاستقلال في النفوس قبل القرار، وكذلك على الأرض من كل من يحاول ارجاع عجلة التاريخ الى الوراء!؛ الثلاثون من نوفمبر هو نُقطة تحول في مفهوم الهويةِ الوطنية الجامعة لليمنيين، وهو معيار للحكم على الواقع المعاش والتمسك بالسيادة والاستقلال من عدمه؛ وهو كذلك في كل الأحوال وفي كل الظروف وعلى مرّ العصور!  أعرفتم كيف هو الاستقلال..؟؛ وكم  نحن بحاجة ماسة لتحقيقه اليوم؟؛ قطعاً بالاسترشاد بتاريخ متراكم من نضالات شعبنا اليمني الذي ناضل وصمد وصبر حتى نال الاستقلال بخروج  أخر جندي لأكبر مستعمرة في العالم؛ بريطانيا التي كانت لا تغيب عنها الشمس!  تحية للثلاثين من نوفمبر.. والتهنئة للقيادة والشعب؛ والمطلوب الاستلهام لتحقيق الاستقلال الناجز من إيران وادواتها على اليمن، ومن اية اطماع أخرى!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي