جرائم لا تنتهي باليمن وحان الوقت لإيقافها (2)

د. علي العسلي
الخميس ، ١٠ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:٣٤ مساءً

لقد كان بعض اليمنيين قد تنفسوا الصعداء في الستة الأشهر الأخيرة، بسبب الهُدن الممنوحة من الدول العظمى عبر المبعوث الأمريكي والاممي، والوسطاء العمانيون لتنفيس الشعب اليمني، فاستفاد الحوثي منها بشكل أكبر، حيث رتب صفوفه، وحرك آلياته ومعداته، واستعراض في الساحات العامة بقواته لإرهاب الشرعية والتحالف، ولا ننكر كذلك أنه حصل بعض الاستفادات منها كذلك للبقية!؛ ويكفي أن نستشهد بأن عدد القتلى كان هو الأقل بهذه المدّة، عما كان عليه قبل شهر فبراير202٢ الماضي، وبطبيعة الحال فإن الهُدن، أصلاً؛ قد نقصتها آليات الرقابة، وضمانات التنفيذ؛ فكانت هشة ومنتهكة ومخترقة من قبل الحوثي ومن دون حسيب أو رقيب، حيث استمر الحوثي في القصف للأحياء المدنية، تعز ومأرب مدينتان شاهدتان على ذلك بشكل أكثر وضوحاً، وشهدائهما وأُسَرهم ينشدون العدل والإنصاف، بالحد الأدنى الذي هو وصف الحوثين بأنهم منظمة إرهابية، ويستحقون هذا الوصف على جرائمهم التي لا تُعدّ ولا تُحصى؟! كان مطلوباً فقط توصيف المجرم بانه مجرم!؛ حتى هذه لم تلقى أصوات اليمنين أذاناً صاغية، واكتفى العالم بالإدانة اللفظية وعلى استحياء!؛ وهم بهذا قد أصبحوا مشتركين بجرائم الحوثي، لأنهم لم يعاقبوه! وأظنكم ترون انه بعد انتهاء الهدنة والاعتداءات المتكررة لا تزال الشرعية تضبط نفسها!؛ ومنتظرة قوائم جديدة من طلبات التنازلات!؛ يفرضها الحوثي، ويوصلها المبعوثان والعمانيون لتصل إلى الشرعية للتنفيذ؛ لا للتفاهم والتفاوض بشأنها وتعديلها!؛  أرأيتم مؤخرا كيف كثف الحوثيون القصف بالصواريخ وعلى مخازن أسلحة في مأرب؟!؛ من اجل إحداث أضراراً كبيرة في الأرواح والاقتصاد والبني التحتية، وأي إجرام هذا؟!؛ الذي يجعل الحوثي او مشغلي الصواريخ (الإيرانيين واللبنانيين) على استهداف مخيمات النازحين، الذين اصلاً نزحوا من بطش الحوثي لمحافظة مأرب التي تستقبل جميع اليمنيين!؛ قصدهم تعمد الأذى والضرر أكبر، وأن تسيل الدماء بشكل أغزر، فيعتقدون أن خير وسيلة لابتزاز الشرعية والتحالف والعالم هو إسالة الدماء اليمنية الزكية كالأنهار!؛ وتراهم كثفوا ارسال طائراتهم المفخخة للتحذير أو لإحداث الأذى في البنى التحتية في الموانئ والسفن النفطية، فاستهدفوا موانئ حضرموت وشبوة ولا يزالون؛ وحتى المدفعية والقناصين لم تتوقف على المسالمين في تعز؟!! وكانوا قد زرعوا الخلايا الإرهابية  في مناطق الشرعية؛ للتجسس، وللاختطافات والاغتيالات؛ أبعد هذا إجرام؟!؛  ومن إجرام الحوثي كذلك تغيير مناهج التعليم وتجريف معتقدات وقناعات الناس، وتمزيق النسيج المجتمعي، وتزوير التاريخ وتشويهه، وسرقة المتاحف والآثار، لبيعها! وهناك محاولة جادة لطمس كل ما يشير إلى ثورة 26 سبتمبر، وكذلك جادون بالإضرار بالعادات والتقاليد اليمنية الأصيلة، ومصممين على غسل أدمغة النشء في المدارس وحتى في الروضات بشعارات جوفاء كاذبة وحمقاء، ولله در الصنعاني الأصيل الذي ظهر في فيديو مؤخرا في الجامع الكبير بصنعاء وهو يتحداهم ويصف شعارهم بالمزيف، وأتى بالشعار الصح؛ فلله دره حين قال: " اللعنة على اليهود المحليين، اللعنة على الأمريكيين المحليين والموت لليمنيين"، هذه هي الصرخة  الحقيقية الذي ينبغي أن ترتفع من كل يمني ضد الحوثي!؛ لأن تاريخه إجرامي اسود، فهم من  حين ما سيطروا على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، وهم يمارسون الاجرام ضد الطفولة، فيقومون بتجنيد الأطفال وهو اجرام ما بعده إجرام!؛ ويدفعون بهم الى الجبهات للموت، وهذا تدمير ممنهج لأهم مورد من موارد اليمن(المورد البشري) الثروة المستقبلية؛ حتى الألغام يزرعونها ويصنعون الموت بها لليمنين؛ فيكافئون بدعم أممي تحت مبرر نزعها؛ وإذا هم يستخدمون الدعم من أجل زراعتها!؛ ولقد ذكرت التقارير الحقوقية مؤخراً أن الأمم المتحدة قد اسهمت في صناعة الموت في اليمن، إذ هرّبت خبراء ألغام (إيرانيين ولبنانين) إلى مناطق سيطرة الحوثين، عبر طائرات الأمم المتحدة (فضيحة الأمم المتحدة) هذه، لا ينبغي أن تمرر دون أن تصوّب، ويتعهد المعنيين بعدم التكرار!! أما مدونة السلوك الوظيفي فهي جريمة كبرى، مدونة عنصرية، مدونة غرضها " تشيّع" اليمنين قهرياً، مدونة  لتثبيت الدكتاتورية واستحواذ على السلطة، وتعميم العبودية "الرق".. الحوثيون سلالية مقيتة.. مدونتهم تحاول إرساء مداميك  الملكية والحكم المستبد...مدونتهم عبودية جماعية، لا يصح السكوت عنها وعن مصدريها..!؛  من ناحيتي أرى المدونة فرصة إضافية وعامل قوي من عوامل الرفض والانتفاضة والثورة على كل حوثي ومن والآه؛ لا يتخلف عن الثورة إلا مسحور أو مهادن أو مستكين، وحاش على اليمنين الأحرار أن يكونوا من هذا النوع!!؛  لم يكتفوا بجريمة عدم دفع الرواتب ومصادرتها؛ بل ابتكروا وسائل خسيسة، الغرض منها هو إن لم يلتزم الموظفين بالولاء لهم، وقبول عقود الإذعان، والعمل بالسخرة!؛ ومما جاء في الإطار المرجعي للمدونة لها وفي بند المرتكزات الاساسية" عهد الإمام (علي بن أبي طالب) لمالك الاشتر"، وصدقوني أن المشرفين الحوثين يطبقون العكس تماماً مما جاء في العهد المشار إليه؛ وكذلك من المرجعيات "خطابات ومحاضرات عبد الملك الحوثي"؛ هناك وجوب امتناع الموظف في  التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص الوظيفة وفسادها، وبما يخالف التوجه الحوثي العام، مما يدل على عدم التجويد المدعى، وعدم الشفافية المزعومة!   المهم أن أصحاب المدونة ومن ورائهم بحاجة ماسة للانتفاضة عليهم قبل أن يقع الفأس بالراس كما يقال، ويفصل الموظفين ويتم أحلاهم بالسلالة أَو ممن يوالونهم، على كل موظف بحسب المدونة ان يعلن عدواته (للعطوان)، وأن يوالي الحوثة، وإذا لم يقوم بذلك فسيصبح الموظف  بالشارع من دون عمل أو دخل! كل ما ورد في المدونة  مخالف لقانون الخدمة المدنية والوظيفة العامة وغير مقبول من جهة ليست ذي صفة شرعية او اختصاص!؛ هذه جرائم ينبغي التوقف عن ممارستها وايقافها فوراً؛ فيا امم متحدة و يا مفاوضين من جانب الشرعية!؛أقول لكم كيف؟! المطلوب إذاً؛ يا شرعية و يا تحالف و يا وسطاء و يا مبعوثين.. ليس تلقي إملاءات الحوثي.. بل إيقاف الحوثي عن جرائمه المرتكبة والمستمرة، وكل انتهاكاته، قبل أي شيء؛ فنحن مع وقف اطلاق النار وليس الهدن التي توصف بــــ "استراحة مقاتل"؛ ولكن على قاعدة مهمة أولاً؛ تتمثل بإلغاء كل إجراء أُحدِث من قبل الحوثي منذ سبتمبر 2014 ولغاية الآن!؛ والتعهد بعدم أحداث اي تغيير لا في الدولة و لا في المؤسسات و لا في المناهج، ولا في القوانين النافذة، ولا في تغيير عادت وتقاليد الشعب اليمني و لا بغسل أدمغة الأطفال و...ولا...؛ هذا هو المدخل الضروري والكاف، لوقف القتال وتمديد وتوسيع الهدنة والتوصل لحل سياسي؛ بدون فعل ذلك؛  أنصح الشرعية أن لا تقبل بأي اتفاق جديد، لا يُراعي ما أوردته، وعليها أن تلغي من جانبها كل التزام سابق، و تتعهد لشعبها بتحرير صنعاء وباقي المحافظات، وأن تبدأ على الفور بذلك الآن، وليس غداً!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي