المشروع التركي والمشروع العربي!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ١٠ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:٣٣ مساءً

دول أفريقيا وجنوب شرق  آسيا ودول السوفيت السابقة والأتراك وأوروبا الشرقية وغيرهم كان حالهم ليس أفضل من حال وامكانيات العرب من حيث المال والفرصة لاسيما لو نظرنا إلى مصر والعراق وقتها والسودان و لبنان وسوريا والخليج.  أيضا مصادر النفط والاستقطاب الغربي كان يجب أن يكونوا طفرة لتغيير العرب واكتساب المعرفة وتوطينها. 

العراقي كان يذهب إلى تركيا في حقبة السبعينات والى بداية التسيعنيات  و كأنه أمير  في فنادق تركيا واليوم تجده غلبان هو من ينظف في الفنادق أو يمارس أعمال بسيطة او سائق تاكسي. في المانيا كانت ميونيخ تعج بكبار التجار العرب والذين امتلكوا خطوط طيران تجاري وشركات وقتها،  وكان العربي العادي طالب أو عامل أو مقيم  حاله المادي  أفضل من الهندي والفتنامي والأوروبي من أوربا الشرقية والروسي والصيني بعشرات المرات في الغرب إلى منتصف ١٩٩١ . اوروبا كانت تعج بعشرات الالف الطلاب من العرب والباحثين. لم يكن هناك لجوء من المنطقة فمن لم يجد هدفه في جنوب اليمن بحكم انها كانت افقر دولة في المنطقة هرب الى شمال اليمن او مصر او العراق او سوريا او الجزائر بمعنى ليس هناك ضرورة للجوء في اوروبا من اي نظام عربي. في شمال اليمن كانت هناك عمالة هندية وكان هناك عمالة كورية وايضا هولندية ومن اثيوبيا الى عام ١٩٨٩ تقريبا، وكان فيها مستوى التعليم المدرسي رائع فلا اذكر منا في من تم ابتعاثهم انهم فشلوا بسبب صعوبة المناهج في الاغتراب.

 الأتراك كونوا أيضا حالهم بسيط مجرد عمال في كل العالم ولم يذهب أحد ليعمل عندهم  مقارنة بالعراق وماله والخليج . اليوم اليمن والعراق وسوريا والعرب بشكل عام حالهم محزن فصور من هنا وهناك تطلع امامي، فالسودان يغرق في الامطار بسبب سوء البنية التحتية ويعاني من الفقر والجوع وانهيار اقتصاده وحتى التعليم،  والعراق غارق في أمراض الطائفية والفساد وحتى ظهرت بوادر تخلف تعليمي وهي كانت لاتقل عن الدول الاسكندنافية في التعليم المدرسي، واليمن في صراع عبثي اقتصاديا وتنمويا وحتى تعليميا وليبيا حالهم محزن وقد كانت تمتلك بيحرات نفط وثروة،  وكعرب نقفز من حفرة إلى حفرة أعمق دون رؤية مثل التطبيع مع إسرائيل، التخندق مع أمريكا ضد الصين او روسيا، اومحاربة الاسلام، والتمرد على كل شيء امامنا وغير ذلك دون ثمن، وحتى منا من يكفر بدينه ومعتقده من اجل اقامة في الغرب.  

 تركيا امة احترمها فهي شفافة اليوم، والسبب وجود قيادة واضحة تمتلك رؤية ومشروع. بلد امتلكت بنية تحتية ومؤسسات دولة صارت تشبه أوروبا الغربية وجمعت الحضارة والتراث والحداثة وفوق ذلك الشرق واغرب وتتحرك إلى الأمام خطوة خطوة. معهم قائد ذكي لايخسر الفرص ومؤسسات دولة تعمل كعقارب الساعة، واكثر شيء يبهرني وجود رؤية حديثة بغلاف حضاري جميل ومهم أن يظل كذلك فلا هم نزعوا أنفسهم من تاريخهم بشكل مضحك مثلنا العرب، ولا تنكروا لدينهم برغم أنهم قوميات مختلفة. 

الإعلام ساعد في بناء فكرة امة تركية برغم الصراع مع الاكراد بداية التسيعنيات. اعيش مع أتراك و أكراد منها، وادخل بيوتهم هنا، والكل متصالح، ومكيف على حال تركيا المستقرة، ما عدا بعض العرب. على ثقة أن تركيا امة تجيد الحركة وتجيد فهم المشهد، وسوف يكون له مكان مناسب ومهم بين الأمم. وحتى احلامهم واعلامهم متجانس ومتوافق مع انفتاحهم. 

جامعات تتوسع تستفيد من أزمات المنطقة وتخلق فرص ومسار دولي لها، تستقطب البشر وتجنس وتنفتح وتتفاعل مع محيطها، وحتى مسلسلاتهم تحاول رفع الهمم وتصحيح روح الأمة وترابط أبنائها وتخلق فيهم قيم و فضيلة، ونحن كل شيء عكس. نعيش كعرب دون رؤية ولا هدف مرة نشرق ومرة نغرب، ومرة نعيش فكر محصور، ونريد العالم الإسلامي ينظرون لنا، اي حتى الدين نهدمه اليوم بممارستنا المنفرة والطائشة، وكان يجب ان نرتقي به ويجعلنا محور عالمنا الاسلامي بالقيم والفضيلة والانفتاح. حتى جامعة الدول العربية وأمانة الخليج العربي لم تستطيع أن تستمر بشكل فاعل، ولو في محاور تعليمي بسيط كحراك مجتمعي. 

اخيرا المملكة العربية كانت تستطيع أن تسحب كل العرب لمشروع جامع تنموي بانفتاحها فقد تركت ملايين الكفاءات والحرف والصناعة من سوريا وبالذات حلب ترحل إلى تركيا والغرب، وكان يمكنها بناء مدن لهم في المملكة وعمل نهضة. لا ادري اين المشكلة أن يكون سكان المملكة حتى ١٠٠ مليون نسمة من العرب الكفاءات، وعندها ارض وقدرة ودولة ومال ونظام مستقر. أقلها كانت تبني المشروع العربي بارضها لوحدها  فهي قارة وتنطلق كالثقب الأسود بسحب الكل لدوران حولها. كانت عليها تكامل اليمن معها كخزان بشري قريب لها من حيث التركيبة والتاريخ والنسيج . 

تركيا اليوم تجنس وتنفتح والعرب يرسلون إليها من معه مال وحتى من الخليج. الغرب أيضا يريد جيل عمل شباب واطفال ونحن ننفر الكل وندفعهم للرحيل.  الثروة اليوم هم البشر فقط واقول فقط، لذا يجب ان نترك ثقافة امراء الحرب الان ونتجه لمصالحة مع ذاتنا نتعافى بعدها وننطلق مع البشر للتعليم والتنمية والانفتاح ولما ينفعنا ويبقى لنا كرامتنا كمجتمع.

واخير صديق في الفيس بوك دكتور رائع وناجح من باب العلم نزل قبل يومين منشور يقول انا وصاحبي كنا معا في ماليزيا هو قرر يذهب استراليا وانا الخليج واليوم هو اخذ الجنسية وصاحبنا لازال في الخليج يبحث عن تمديد العقد والاقامة كما فهمت من سرده.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي