عندما يجتمع العقل والنزاهة بمشروع واضح تكن النتائج مبهرة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاربعاء ، ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ١٠:١٠ صباحاً

 

اليوم نتحدث هنا في الغرب عن الثورة الصناعية الرابعة، لكن يوازي ذلك ثورة رابعة حقيقية في مجال الزراعة. فحلول الأتمتة لم تتوقف عند الصناعة والطب، وانما كانت اكثر نجاح في الزراعة، وبالذات لتوفير إمدادات غذائية امنة من الحقل إلى المنتج النهائي، من آلة العمل المتنقلة إلى مصنع الإنتاج الصناعي. غيرنا ينجح ليس لانهم بشر ونحن بقر، لكن استخدموا المعرفة المتاحة امامهم.

ولو كان عندي القرار لركزت على ٣ محاور في احداث ثورة زراعية بالامكانيات المتاحة اقتفي اثر الغرب. سوف اناقش هنا فقرة من المحور الاول فيها فقط وهي تأهيل البيئة اقلها في هذا الوضع لاحداث ثورة زراعية قادمة . هنا في هذا الوضع الكارثي اقلها لدفعت الكثير من الطلاب الى كليات الزراعة، بعد ان يتم تحديث مناهجها وادواتها وعمل تؤمة حقيقة مع معاهد زراعية في المانيا وهولندا وغيرها. هنا نستطيع نساهم بوجود كم السفارات اليمنية النائمة في الغرب فهذا اصلا جزء من عملها .

نحن نطمح ان تحدث كليات الزراعة اقلها -واقول اقلها- بهذا المحور عملها وعطائها، في مناهج مثلا تجد الحل المناسب لكل خطوة من سلسلة القيمة المؤتمتة والرقمنة ودخول الذكاء الاصطناعي بجانب مايقومون به. ذلك سهل بسبب توفر المستشعرات والمجسات لايجاد القيم والبيانات ذات الصلة التي تساعد في ضمان تشغيل العمليات الزراعية والحيوانية بكفاءة وأمان مطلق. فتحدد وترفع اليوم التقنيات الرقمية الزراعة الجودة وكثافة الانتاج بشكل متزايد وفي مساحات صغيرة وبوجود قلة في المياة.

فقبل اسابيع انطرح عليا في وزارة البيئة في المانيا كيف نتعامل مع الجفاف لحماية الاشجار بتقنية الذكاء الاصطناعي ودخول الانظمة الذكية في الزراعة والثروة الحيوانية ؟ وكان نقاش بيني وبينهم لساعة ونصف حول ذلك وسوف اسرد الامر عندما يتم اقرار الدعم او التعاون.

واعود للموضوع، ففي المانيا او هولندا يعلق المزارعون الصغار على وجه الخصوص أهمية كبيرة اليوم للانظمة الذكية من أجل إدارة مزارعهم بأكبر قدر ممكن من الكفاءة، فتؤدي الزراعة الدقيقة إلى زيادة استهداف البذر والتسميد والري في الحقول وتؤدي آلات الحصاد الى العمل بشكل مستقل ولم يعد ذلك حلما في المستقبل وتؤدي المشتشعرات والاتمتة على رفع الانتاج الحيواني وتوفير بيئة مناسبة لها.

اليوم مستقبل اليمن لحماية امنها الغذائي هو الزراعة، ولزيادة دخل الانتاج والصناعات الغذائية والتصدير ايضا الزراعة، ولاحداث تنمية ايضا، لكن الثروة الزراعية والحيوانية وتنميتها لم تعد الزراعة حق عام ١٩٠٠ وخشبة كما نقول. الزراعة صارت رقمي وموتمت ومنهجي، فالروبوتات التي تحلب الأبقار تتواجد، والطائرات بدون طيار تصور خريطة الحقول، وأجهزة الاستشعار تقيس المحتوى الغذائي للتربة وحاجات النباتات للماء والعلامات الحيوية للحيوانات. لذا لايمكن الحديث عن زراعة القمح من الحكومة اليمنية او احداث نهضة اصلاح زراعي اذا كانت كليات الزراعة تدرس مناهج قديمة، وغير مناسبة مثلا كون من يخرج منها لن يدرك اين الطريق وسوف يكن في يوم ما مسؤول ووزير يتحدث عن اصلاحات بخطط من ايام صلح دعان لانه لايعرف اين العالم، ولذا حلول مشاكلنا في الدولة يشبه حلول ومنهج اشخاص لم تتعلم.

اليوم الأمر يتعلق في المقام الأول بزيادة الكفاءة وزيادة كثافة الانتاج وتحسين قضايا مثل الاستدامة والإدارة الصديقة للبيئة كجزء من التأهيل، لأن التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي آخذة في الازدياد في كل العالم وليس اليمن فقط. هذا يعني أنه يجب إنتاج المزيد من الطعام في مساحة أقل وباستخدام أقل للموارد الطبيعية. ولذا نجد ان التحول الرقمي هو المفتاح لذلك.

فاذا كان الغرب ضاعف الانتاج الزراعي والحيواني في المساحات الصغيرة عشرات الاضعاف، فالسبب يعود في الواقع ان العديد من المزارعين لديهم تأهيل عالي وكذا من يتعلم في القطاعات الزراعية كالجامعات والمعاهد والكل من المسؤول والمهندس والمزارع منفتحون على استخدام الاساليب الحديثة. واعطيكم مثال ان أكثر من ثمانية من أصل عشرة مزارع في ألمانيا تستخدم بالفعل تقنيات وتطبيقات رقمية عالية وحديثة مثل الآلات الزراعية عالية التقنية، والتطبيقات الزراعية، وأجهزة الاستشعار، والروبوتات أو الطائرات بدون طيار. هنا فهمو كيف يتم استخدام الانظمة الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والبيانات الضخمة بنجاح.

ومختصر الموضوع في هذه النقطة في المحور الاول، على الحكومة دفع الكليات الزراعية في الجامعات المختلفة لتحديث المناهج، والنظر ان العالم يتغير وبسرعة. فمهندس زراعي بمناهج قديمة لن يكن عنده قدرة الا يستخدم ادوات ونصائح من عبق التاريخ، وليس من التغيير الرقمي كفرصة للمزارعين. فجمعيات المزارعين في الغرب تتحدث عن ديناميكية قوية من خلال الرقمنة. تتحدث ان الحصول على البيانات عبر تقنية الاستشعار، ومعالجة هذه البيانات بمساعدة الخوارزميات وأشكال مختلفة من الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن الكفاءة الدائمة، وهذا يجب ان يكن جزء من عملكم في الحكومة وفي الجامعات الكليات والابحاث. واعطيكم مثال, ماذا تحدث المناهج الجديدة في هولند، وماذا تحدث المناهج القديمة عندنا كمقارنة؟

فهولندا على ذكرها هنا اليوم في محور الزراعة والثروة الحيوانية تصدر النباتات والزهور بمبلغ ٩ مليار دولار سنويا، وتصدر من منتجات الألبان والبيض والعسل بقيمة ٥,٧ مليار دولار، وتصدر من اللحوم سنويا ب ٥,٦ مليار دولار، ومن الخضار ب ٥ مليار دولار سنويا، ومن الحليب والحبوب تصدر ب ٣ مليار دولار. هولندا مساحتها فقط مايقارب من ٤٢ الف كم مربع يعني بحجم محافظة الجوف او محافظة شبوة عندنا في اليمن، وعدد سكانها ١٧ مليون نسمة، وصل الدخل القومي لها الى ٩١٥ مليار دولار، اي اكبر من الدخل القومي اليمني قبل الحرب ب ٢٥ ضعف.

فالاراضي الزراعية في هولندا مابين ١٦ الى١٨ الف كم مربع، وهذه تساوي نفس الارضي الزراعية في اليمن تقريبا اي في حدود ٢ في المائة. والابقار في هولندا مليون و ٧٠٠ الف بقرة، وعندنا في ٣ محافظات ٨٧٠ الف بقرة مما يجعل الاسقاطات الاحصائية تقول معنا في ال ٤١ الف قرية في اليمن في حدود المليون و ٥٠٠ الف بقرة بمعدل ٣٠ بقرة في كل قرية كمتوسط. لكن بقر هولندا ينتجين مابين ٦٥٠ الى ٧٠٠ مليون كجم من الجبن سنويا بقيمة ايرادات ٣ مليار و١٣٠ مليون دولار، بمعنى اكثر من قيمة النفط اليمني قبل الحرب .

هذا مشهد مصغر، لماذا غيرنا افضل. مشهد حتى نعرف ان السبب فيما نحن فيه يمنيين هو العقلية، وليس في الامكانيات، وانه عندما يجتمع العقل والنزاهة تكن النتيجة نجاح بلا نظير، وإنتاج بلا حدود في اشياء بسيطة نستطيع لها، نحفظ بعدها اقلها كرامة مجتمع من السلف، والشحتة و الارتهان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي