انتفاضة حركة 15 أكتوبر أسست لثورة لا تزال مستمرة!

د. علي العسلي
السبت ، ١٥ اكتوبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:٠٨ مساءً

ثورات الشعوب لا تقاس بالزمن، بل تقاس بما يتحقق من أهدافها! فبالأمس كان يفترض يحتفل مجلس القيادة الرئاسي بالذكرى التاسعة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة؛ لكن للأسف لم يحصل والمحاولة الخجولة اقتحمها مسلحي الانتقالي ومزقوا علم الوحدة ولافتات الحفل، ولم يسمحوا بالكلمات؛ رغم ان اهداف14 أكتوبر {1. التحرر من الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطني الناجز غير المشروط (تحقق في الثلاثين من نوفمبر 1967، وعليه لا يمكن القبول بأي استعمار جديد).2.. توحيد السلطنات والمشيخات في دولة واحدة (تحقق ذلك بتوحيد أكثر من 20 سلطنة ومشيخة وإمارة في جمهورية اليمن الديمقراطية، ويريد اليوم من يجزأ من جديد) 3... تحقيق الوحدة اليمنية (تحقق هذا الهدف في 22 مايو 1990، ويريد اليوم البعض من أبناء شعبنا في الجنوب فك الارتباط من جديد)}.. الأهداف الأكتوبرية والسبتمبرية لا تزال "حية متحركة" وتحتاج الى تنفيذ مالم يتحقق، وحماية وصون ما تحقق منها؛ وعدم السماح بالارتداد عن بعض أهدافها وفاءً لنضال الشهداء الميامين! أكتوبر هو شهر الملحمات البطولية والتضحيات، وهو شهر وقعت فيه باليمن مجازر واخفاء قسري للمناضلين المدنيين والعسكريين هزت الإنسانية جمعاء!؛ في ذكرى  شهداء كل أكتوبر الرحمة والرضوان عليهم جميعا ، في هذا الشهر تواريخ واحداث ومواقف اكتوبرية لا تنسى؛ ففي14اكتوبر  1963قامت ثورة أكتوبر في جنوب اليمن؛ وفي 10أكتوبر1973 أعدم المناضلين الناصرين الشهداء:" أحمد العبد سعد و علي الكسادي و الهمامي  وفضل مبارك  ورفاقهم في جنوب الوطن"؛ وفي 11 أكتوبر 1977 امتدت يد الغدر والخيانة والانقلاب في واقعة معيبة لا يزال الجميع يتحدث عن فصولها اثناء عزيمة غداء، فتغدى الجبناء في صنعاء بقتل "الشهيد الرئيس ابراهيم الحمدي وأخيه عبد الله ورفاقهما" وفي مثل هذا اليوم في 15 أكتوبر 1978  أعدم أيضا في صنعاء " الشهيد عيسى محمد سيف وسالم السقاف و عبدالسلام مقبل و الرازقي ورفاقهم"؛ ولا يزال هناك مخفيين قسراً لم يكشف النقاب عنهم لحد الساعة!! نعم تمر اليوم علينا الذكرى الـ 43لانتفاضة حركة الـــ 15 من أكتوبر الناصرية؛ والتي انطلقت كحركة شعبية عسكرية شاركت فيها مختلف القيادات الناصرية والقاعدية؛ وتعد الحركة أول فعل وطني منظم ومتكامل تقوده قوة ثورية سياسية مدنية في اليمن بقيادة الفارس عيسى محمد سيف امين عام التنظيم؛  نعم! لقد كانت حركة انتفاضة 15 أكتوبر نواة ثورة، للتغير السلمي؛ انطلقت للانعتاق من الظلم والاستبداد وتغيير الواقع المعاش وعودة لمسار أهداف ثورة 26 سبتمبر 1962 م الخالدة وتنفيذها، وحركة 13 يونيو التصحيحية 1974م ؛ و التي قادها أعظم الرجال الوطنيين أنه القائد الشهيد إبراهيم محمد الحمدي.. ولقد هدفت حركة 15أكتوبر إلى: " إعادة تصحيح مسار ثورة26 من سبتمبر الخالدة والعمل من أجل استكمال تحقيق الأهداف الستة الخالدة لثورة شعبنا التي قامت من أجلها وناضلت في سبيلها وقطعت شوطاً على طريقها حركة 13 يونيو 1974م التصحيحية ومواصلة النضال الثوري من أجل انجاز مهمات التحرر السياسي والتقدم الاجتماعي. احالة المتهمين باغتيال الشهيد إبراهيم وأخيه عبد الله الحمدي إلى المحاكمة، وكشف ظروف الاغتيال والقوى التي تقف وراءه وإعلان ذلك مباشرةً على الشعب اليمني. متابعة المسيرة التي قطعت باغتيال الشهيد الحمدي على الاصعدة التالية: الصعيد الاقتصادي والمالي والتجاري والاداري والحركة الثقافية والزراعية، وصعيد العلاقات الانسانية والبشرية، وتخليص هذه المسيرة أو الخطة من الثغرات التي ظهرت فيها أثناء مسيرة التطبيق. الدخول في اليمن الموحد مرحلة الاستقرار بغرض البدء في الثورة الاجتماعية الهادفة إلى القضاء على الاستغلال الطبقي والمادي والفكري. العمل على خلق دولة جمهورية عصرية مدنية، وبناء مجتمع ديمقراطي تعاوني تزول فيه الفروق الطبقية؛ ويرتفع فيها مستوى الجماهير اليمنية ثقافياً وسياسياً واجتماعياً. القيام بما يفرضه الالتزام القومي من دور على صعيد قضية العرب الأولى "فلسطين"، وعلى صعيد "دعم قوى الثورة والتحرر الشعبية العربية."؛ لكن هذا المولود لم يرى النور؛ فقد أفشلت الحركة، مما ترتب على ذلك تقديم وجبة دسمة من الناصريين المدنيين والعسكريين لكن المدنيين كانوا الأكثر للدلالة على مدنية الانتفاضة؛ فقد تم إعدام (21) من أهم وأبرز القيادة في التنظيم الناصري من المدنيين والعسكريين على دفعتين؛ عشرة عسكريين، وأحد عشر مدني (هم كل المكتب التنفيذي للتنظيم باستثناء أحد الاخوة)..  نعم! لقد جسد ابطال الحركة لحظة فارقة وغير مسبوقة في حياة الشعب اليمني؛ وكان هذا الفعل الثوري المبكر إيذانا بتأسيس وانطلاق ثورة 11 فبراير في العام 2011م والتي كانت أهدافها: " اسقاط النظام الفردي الاستبدادي. بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تكفل الحقوق والحريات العامة وتقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات واللامركزية القاعلة. تحقيق نهضة تعليمية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني وتستعيد مكانته الحضارية. بناء اقتصاد وطني قوي يكفل حياة كريمة للمواطنين. إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية حديثة وبما يضمن حيادتها. استقلالية السلطة القضائية بما يضمن تطبيق العدل والمساواة." ؛ تكرر الحدث ولكن بأسلوب علني وليس سري فخرجت فئات الشعب المدنية والقبلية والعسكرية والطلاب والشباب والنساء والشيوخ الى الشوارع وعبروا واعتصموا ودفعوا أثمان مضاعفة أيضا من نفس النظام العميق الذي لا يزال ربما لحد اللحظة؛ كون ان التغيرات والانتقال للسلطة لم يفصح بعد على نتائج تحقيق قتل الشهيد الحمدي واخوه والحكم عليهم، ولم يكشف كذلك، أين جثامين شهداء حركة 15 أكتوبر؟، ولم يتم الافصاح وإظهار المخفيين قسراً حتى هذه اللحظة؛ إضافة إلى استغلال الحوثي لثورة فبراير، فركب الموج ثم انقلب كلياً على أهدافها؛ ولا يزال يقتل ويحاصر ويلغم اليمن واليمنين،  ويريد ان يُعيد حكم ابائه واجداده؛ ما يعني أن الثورة لا تزال مستمرة حتى تصحيح المسار وتحقيق ما تبقى من اهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر، وتحقيق كل اهداف ثورة 11 فبراير! اختم بموقف مشهود للشهيد عيسى محمد سيف قائد الانتفاضة الناصرية عند محاكمته؛ جعلت الكثير من الناس تنخرط في التنظيم بعد تلك المحاكمة الغبية، فإلى موقفه: " أنا المسؤول عن هذا الحدث الثوري واتحمل المسؤولية كاملة واعرف بأن حكمكم المسبق قد اتخذ بإراقة دمائنا.. ولكننا نحمد الله أننا لم نرق قطرة دم واحدة في حركتنا الثورية الهادفة لإعادة الوجه المشرق لثورة سبتمبر المجيدة".. بكل شجاعة وايمان يتحمل المسؤولية بصفته قائد الحركة؛ ومحاولة منه في تجنيب اخوانه العقوبة؛ ولكن عند مجرم وقاتل جماعي لا يضع للدماء أية منزلة..  الرحمة والخلود للشهداء (أحمد العبد ورفاقه) والرحمة والخلود للشهداء (إبراهيم الحمدي وأخيه عبد الله ورفاقهما) الرحمة والخلود للشهداء (عيسى محمد سيف وكل الكوكبة القيادية من رفاقه) الرحمة والخلود لشهداء (ثورة11فبراير)  الرحمة والخلود لمن استشهدوا وهم يتصدون للحوث_ إيراني الامامي السلالي الرحمة لكل شهداء اليمن والأمة العربية، والشفاء للجرحى، واللعنة على القتلة المجرمين

الحجر الصحفي في زمن الحوثي