في ذكرى 14اكتوبر .. هل ينجح الاستعماريون الجدد فيما فشلت به بريطانيا؟

موسى المقطري
الثلاثاء ، ١١ اكتوبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٩:٤٦ مساءً

تعود ذكرى انطلاق ثورة 14اكتوبر 1963م المباركة والتي كانت نتيجتها النهائية رحيل المستعمر البريطاني بعد اربع سنوات من النضال اليمني المشترك العابر للحدود غير المعترف ببوصلة الاتجاهات ولابحدود الجغرافيا ، والمستلهم قناعاته من تاريخ ممتد من التضحيات كان فيه كل من يعيش ويعتاش في هذه الارض المباركة مسؤلاً عن الدفاع عنها ، بعيداً عن اسمه او قبيلته او أي من المحددات الاخرى .

وللانصاف وحين الحديث عن ثورة 14اكتوبر لا ينبغي القول ان النضال ضد الاستعمار البريطاني كان وليد هذا التاريخ ، إذ سبق ذلك انتفاضات شعبية في أماكن وأزمنة مختلفة ، لكنها لم تأخذ بُعد الكفاح المنظم إلا بعد مؤتمر دار السعادة الذي عُقد في صنعاء ، وكانت نتيجته توحيد قوى الكفاح المسلح المختلفة لتكوين جبهة موحدة ضد الاستعمار البريطاني ، وانطلق النضال المنظم ، والذي افضى الى رحيل المستعمر  في 30نوفمبر 1967م .

وعودة لفترة الاحتلال البريطاني الذي استمر 129عاماً فمنذ وصول المحتلين إلى عدن في 1839م عملت بريطانيا على تصوير نفسها أنها صديقة لليمنيين ، وعملت على تنفيذ مخططها في الاحتلال والسيطرة تحت عناوين ومبررات وسواتر مختلفة ، وانتهجت اسلوب الصداقة المزيفة فاختارت من اليمنيين موظفين لدى حكومة الاحتلال ، وأدرجت بعضهم في مدارسها، وعززت فكرة السلطنات المتفرقة التي بلغ عددها 21 إمارة وسلطنة ومشيخة ودعمت بقائها، وخصصت رواتب وميزانيات للمشائخ والسلاطين .

ولمزيد من تثبيت احتلالها أوهمت مشائخ السلطنات في العام 1954م بانشاء دولة باسمهم في محاولة لاستباق رياح التحرر ، تحت مسمى "اتحاد إمارات الجنوب العربي" ، وهو كيان سياسي أرادت بريطانيا أن تستمر في سيطرتها على الجنوب من خلاله ، وتم إعلانه عام 1959م وكان لهذا الكيان دستور صاغه المحتل ، وقامت بتأسيس جيش موحد من ابناء هذه السلطنات والقبائل يأتمر بأمرها، وذهبت باتجاه ترسيم الحدود مع الامام يحي لفصل اليمنيين بعضهم عن بعض ، وإيهام من تحت احتلالها أنهم دولة مستقلة بينما طوال قرون سابقة ظلت الممالك اليمنية إما متوحدة أو متداخلة دون فواصل ولاحدود ، كما عمدت شراء ذمم كثير من ضعفاء النفوس من أبناء البلد بالمال والوظائف والامتيازات ليبرروا لها استعمارها ، وليحسّنوا وجهها القبيح ويقدموها كمنقذ وصديق .

في جانب أخر مارست القمع في حق معارضي وجودها وفتحت لهم المعتقلات وقصفت بالطيران مناطق قبلية أعلنت رفضها للحكم البريطاني ، وأخمدت بالحديد والنار انتفاضات متعددة قامت ضدها ونوّعت في أساليب قمع المتظاهرين وإذلالهم ، فماذا كانت  النتيجة ؟

كانت النتيجة الطبيعية ان اليمنيين رفضوا الاستجابة لكل أساليب الترغيب والترهيب ، واستمروا في محاولات التحرر حتى تتوجت جهودهم بطرد المحتل صاغراً مُخلّفاً مقبرة لجنوده ، وقلة من الحثالة الذين عملوا معه ولاجله ، وكبرياء مملكة مرّغ اليمنيون أنفها في التراب بعد أن خُيّل لها أن وجودها في مأمن من ضربات التواقون للتحرر .

اليوم في الذكرى التاسعة والخمسين لذكرى ثورة اكتوبر المباركة يمكننا أن نرى كيف تطل مشاريع استعمارية تغلف نفسها باسماء وصفات تبدو صديقة ونافعة ومفيدة تماماً كما فعل الاستعماريون القدامى ، وبنفس السذاجة يعتقدون أنهم في مأمن فيدفعون ويقمعون ، ولم يعوا الدرس الذي لقنه اليمنيون لسابقيهم الذين انتهجوا نفس الطريق ترغيباً وترهيباً ، لكن كل شئ ذهب ادراج الرياح وطُرد الاستعمار وتحرر اليمنيون ، وسيكررون نضالهم كلما دعت الحاجة .

دمتم سالمين ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي