الأمم المتحدة، الهدنة، والحوثي!!

د. علي العسلي
الثلاثاء ، ٠٤ اكتوبر ٢٠٢٢ الساعة ١٢:١٠ صباحاً

.. الأمم المتحدة ومبعوثيها.. منذ أكثر من احدى عشر عاما يتوالون المبعوثين الأمميين الى اليمن، والظاهر انهم كما الدول الكبرى قد تأثروا بآراء مهندس الدبلوماسية الامريكية والذي شغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة ومستشار الأمن القومي الأمريكي في ظل حكومة الرؤساء (ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد)، في إدارة الازمات في مناطق الصراع وهو الإبقاء والمحافظة على استمرار الأوضاع القائمة كماهي، وقد نجحوا في الضغط على مسؤولي الدولة اليمنية باعتبارهم موظفو دولة ليخلوا رغما عنهم مساحة تكبر كلما تعين مبعوث جديد الى اليمن لصالح المتمرد المنقلب على الشرعية، بحيث ضخموه واصبح رقما في الحساب، أعني جماعة الحوثي الإرهابية غير الملتزمة بالقانون اليمني والدولي، بحيث تحولت تلك العصابة بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء بوجود المبعوث الأممي(جمال بن عمر) وربما بإشرافه إلى حاكمة بالقوة، وتحولوا من القلة بفعل السيطرة ووراثة إمكانية الدولة بالقوة ، وأصبحوا طرفاً يتعامل معهم كأمر واقع.. ولقد حاول المبعوث الاممي السيد "هانس جرودنبرغ" مؤخراً ان يجد طريقا لنجاحه ولمعانه، واستطاع بدعم من مجلس الأمن، ومن التحالف وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات بصفة خاصة، وكذلك من المبعوث الأمريكي وسلطنة عُمان، أن يتوصل لهدنة "هشة" دامت ستة أشهر، لم تؤسس لما كان يهف إليه من وقف الحرب، ثم التفاوض، ومن ثمّ التوصل لسلام دائم وشامل!؛ .. الهدنة.. اتفقت الأطراف برعاية أممية في شهر ابريل الماضي على هدنة لمدة شهرين ثم مددت لشهرين اخرين، ومددت كذلك بعد ذلك لشهرين إضافيين؛ انتهت الهدنة الممددة الثانية في 2 أكتوبر، واستولى الحوثي بموجبها على ما يقارب المليار دولار عائدات النفط المتدفق، وتمكن مسؤوليه من زيارة دول غربية واستقبل هو دبلوماسيين غربين، وحشد، وجند، واستعرض، وربما من الفوائد المتحققة للهدن انها أظهرت الحوثي بأنه فعلا هو المرتزق، وليس ما يطلقه على غيره، حيث ثبت أنه هو المرتبط بإيران فكراً مقابل إمداده بالسلاح الايراني، فكلكم يعلم أن مجسمات وصور خميني وخامنئي وقاسم سليمان تملأ الشوارع العامة والمكاتب الحكومية، بينما لم نجد ذلك في طرف الشرعية، وهو لا ينكر البتة، أنه يتبع ولاية الفقيه، وسلاحه رأيناه في السبعين وفي الحديدة اثناء العرض والاستعراض وهو ماركة إيرانية لا يستطيع انكارها أو التملص من التبعية لإيران، وصار هذا الأمر واضحاً عند المواطن اليمني، وايضاً ختمها الحوثي برفض الهدنة رغم انها تخدمه دون سواه، خدمة لطلب إيراني للتخفيف عليه من الازمة الداخلية التي يعيشها ذلك النظام، وهذا الشيء اصبح معروفا ولا شك فيه!؛ وعلى الرغم من أن المقترح الأممي الأخير لتمديد وتوسيع الهدنة هو صياغة حوثية، أو لنقول يلبي طلبات الحوثي، وعلى الرغم من موافقتهم عليها كما جاء بالأخبار، عندما كان المبعوث الأممي بالعاصمة صنعاء، إلا انهم بعد ذلك، نكثوا وهذا عهدهم وديدنهم باستمرار، لا لشيء؛ وانما محاولة لانقاذ وليّهم الفقيه ونظام الملالي هناك، نتيجة للازمة الحاصلة في الداخل الإيراني كنوع من رد الجميل على اشباع الحوثين بالسلاح وليس بالغذاء والمساعدات الغذائية للسكان اليمين، كما يعمل التحالف وفي المقدمة منه المملكة العربية السعودية!! .. الحوثي.. بعد ان ضخم الغرب وايران الحوثي، صدّق حاله، أنه صار القوة التي لا تقهر، إضافة إلى القراءة الخاطئة للأحداث والمتغيرات في المنطقة والعالم؛ كذلك مبادرات الحكومة الشرعية في الاستجابة الإيجابية لدعوات السلام!؛ فمن قرأته الخاطئة أن ازمة الطاقة قد جعلت فرنسا تطلب من الرئيس العليمي استعدادها لتصدير النفط في أقل من ثلاثة أشهر بشرط ضمان ان لا يكون هناك اعتداء من الحوثي.. هكذا يقول الحوثة، وهكذا هو فهمهم الغبي؛ من أنه لن يتم ذلك إلا إذا وافق الحوثي على تمديد الهدنة ستة أشهر؛ ولذلك بالقراءة الغلط، والاستنتاج الغبي تم الرفض للتمديد والتوسيع، وتم التهديد مباشرة للشركات العاملة في النفط، طبعاً صرحوا بإعطاء فرصة للشركات مما يدّل على انهم متسرعين ويريدون فقط من التصريح  الضغط والابتزاز؛ غير أنهم في واقع الأمر غير جاهزين لإحداث أي أذى بشكل مباشر عقب انتهاء الهدنة، ولم يكتفوا بالتهديد في الداخل اليمني، بل تعدوه؛ وهددوا كذلك الشركات في الامارات والسعودية، والسفن في البحار وكل تصريحاتهم المتشنجة تستوجب من المجتمع الدولي اعتبار الحوثي إرهاباً عابراً للقارات ووجب مكافحته!!؛ ومن القراءات الخاطئة أيضا الطمع والجشع فأرادوا بغباء أن تدفع الحكومة رواتب جيشهم الذي يحارب الشرعية فأرادوا إدخال وزارة الدفاع ووزارة الداخلية في الرواتب في المحدث من المقترح.. فلا يكتفوا بدفع رواتب الموظفين في الخدمة المدنية بحسب كشوفات، 2014، باعتبار ان ذلكم الموظفين لا ينتمون للحوثي، وإنما يريدون دفع رواتب الثمان سنوات لمن جندوهم ووظفوهم، وغبائهم هنا سيجعل المنتسبين اليهم يتململون وقد يتمردون ان لم يدفع لهم مستحقاتهم من الحوثي لا من عند الشرعية، وقد يتسبب ذلك بقلاقل امنية، حيث الفهم الخاطئ لهم أوصلهم إلى أن الهدن غرضها اثارة الامن والجيش والشعب عليهم!؛ ومن القراءة الخاطئة عند الحوثي أيضاً، هو اللاوطنية عندهم، فهم يريدون ألا يكون ممثلي الشرعية معهم في لجان  دفع الرواتب وإنما هم والأمم المتحدة فقط، فمن يريد التدويل، وينتهك السيادة الذي يفضل الاجنبي على ابن البلد أم لا؟!  لدي عتب اسجله هنا على أمريكا، فإدخال مصالح شعوب بحالها في الملف النووي لا يفيدكم بل يضركم!؛فلا تنتصروا  لإيران ووكلائها على حساب الدول والحكومات ، فأمريكا نشطة في الآونة الأخيرة بالضغط على الحكومة اليمنية والتحالف بضرورة الموافقة على الهدن التي تفرضها من اجل خدمة أحياء اتفاق ايران النووي، وليس هذا فحسب، بل وفي لبنان ارضوا حزب الله بترسيم الحدود البحرية لإخراج الطاقة من حقل "قانا"، وسمحوا لإيران بالتدخل في العراق لضرب المناطق الكردية المعارضة لإيران، وربما اصيب امريكيون من جراء ذلكم القصف المتواصل ، وهي ضابطة نفسها إلى حين!! إن الأمم المتحدة والهدن والحوثة قد فشلوا في تحقيق أي انجاز له معنى، بفعل صمود وبسالة المقاتلين في الثغور، بل ان الأمم المتحدة صار وجوباً عليها تحميل الحوثي المسؤولية للوضع المهلل القائم ومعاقبتهم، والهدن في نظري اتاحت للشرعية تقوية عودها وهيكلة جيوشها، واستفاد التحالف منها كذلك بأنه عرف العتاد لدى الحوثي ومخابئه ورصد تحركه وعليه الانقضاض عليه قبل ان يصله عدونا ونارا حارقة.. الحوثي أعاد الحرب من جديد وكل الدنيا تعلم ان الحوثين هم من اشعلوها هذه المرة ويهددون الجوار والبحار والشركات انهم ارهابيون بحق وحقيقة!؛ وعلى الشرعية ألا تكون مرنة وتبقى في حالة دفاع  هذه المرة بل، عليها أن تشعل الجبهات كلها هجوماً، طالما ان  الحوثي قد انهى الهدنة، وجنح للتلويح بالقوة!؛ اختم فأقول.. الحوثي لا يعمل لمصلحة الشعب وعلى الشعب ان يعي ذلك ؛ عليه أن يسأل نفسه لماذا الحوثي يرفض فتح المطارات والموانئ وتدفق النفط ودفع الرواتب؟؛ فلماذا يرفضها الحوثي؟ يرفضها بحجة انه مع الشعب، وانه يكافح من أجل نيل حقوق الشعب، وحقوه تأتي و الحوثي يرفضها؛ فأي غباء هذا الخطاب الحوثي؛ واي حمار سيسمعه!؛ وكما قال الدكتور المناضل/ ياسين سعيد نعمان، لا مكان للعامل الانساني عند الحوثي في قبول أو رفض الهدنة!! وكلنا ينشد السلام، والسلام يحتاج لقوة تحميه، وليس بالضرورة أن يستخدمها؛ وترى متى إيران ستوجه الحوثي بقبول الهدنة بعد أن اتصل الأمين العام بقادتها يحثهم على فعل ذلك !!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي