ممول الثورة…المغيب عن تاريخها

عادل السبئي
الثلاثاء ، ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٣:٢٦ مساءً

 

بعد أن وصل اليأس مداه بفشل حركة 48 الدستورية ضد الإمام يحيى حميد الدين ، و اصابهم الاحباط ، وبعد ان ظنوا أنه لا أمل من القضاء على هذه السلالة الحاكمة في ظل انعدام المال ، والدعم اللازم لاستمرار الحركة ، وفي ظروفٍ صعبة كانت تمر بها اليمن كانت "برقية" منه تحمل بارقة أمل ونافذة ضوء مفادها (استمروا وسأدعمكم ) قالها الحاج الصوفي الزاهد التاجر في إثيوبيا محمد عبده ناشر العريقي رجل الظل في ثورة سبتمبر العظيمة وداعمها ، ولقد كان عنده وعده .  وعندما كانت الكلمة هي الأقوى ، وأن لا ثورة بدون وعي .. قرر إرسال أول آلة طباعة لإصدار الصحف والمنشورات الثورية الى عدن من اجل نشر الوعي ، والتحريض على الثورة ضد الامامة وتحفيز الأحرار على مواصلة نضالهم ، ثم تلاه دعم مالي من أجل تحرك الأحرار من والى عدن ، وتكاليف إقامتهم وتزويد الثوار بكل احتياجاتهم اللازمة .

سأله ذات يومٍ  احدهم متهكما بعد ان خسر كل امواله واصبح متجره فارغا في أديس أبابا :  ماذا قدمت لك الثورة يا عم عبده قال : يكفي أن أولادنا ذهبوا إلى المدارس ، واننا لبسنا الأحذية بعد أن كنا نمشي  حفاة .

في احدى جلسات الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي سأل ذات مرة الاستاذ النعمان :

من له الفضل في نجاح ثورة سبتمبر قال له لو كان الزبيري موجوداً لقلنا معاً أحمد عبده ناشر العريقي 

لقد كان بإمكانه ان يحصل على ما يريد من مناصب ، وجاه ويسترجع ما خسر من مال أضعاف مضاعفة !  لكنه رفض كل عروض قدمت له بعد نجاح الثورة . ففي ذات مرة قيل للرئيس المشير عبدالله السلال وكان في اجتماع : هناك واحد يدعى “العريقي” يريدً أن يدخل .. لم يتردد السلال من القيام من على كرسيه مستقبلاً الرجل البسيط المتواضع بمئزره الريفي وكوفيته البيضاء وسط ذهول معظم الحضور ممن لم يسبق لهم التعرف عليه ، وعرض عليه يومها الرئيس السلال أن يكون وزيراً فرفض ، ومندوب اليمن خارج البلاد فرفض ، وظن الرئيس السلال أن الرجل لم يقتنع، فعرض عليه رئاسة الوزراء ، فقال الرجل : 

يا سيادة الرئيس أنا أتيت من أجل تعطوني كشف بما تحتاجه حكومة الثورة، يا تعطيني الكشف أو سأخرج فقال السلال:  سلام الله عليك ..العشرات الذين تراهم عند الباب باحثين عن مناصب ، وأنت تأتي من الحبشة تسأل عمًا تحتاجه الثورة !  بعدها قام مكتب السلال بتزويد الحاج العريقي بما تحتاجه رئاسة الجمهورية وعاد العريقي إلى “أديس ابابا”، وبعد حوالى شهر ، استلمت صنعاء الثورة كل المطلوب.

السلام لروح المناضل الثوري السبتمبري العظيم الذي غيب عن المشهد الوطني والتاريخي لليمن ، فعاش ومات فقيرا عفيفاً شريفاً .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي