إحداث فرق ولو في جزيرة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الثلاثاء ، ٣٠ أغسطس ٢٠٢٢ الساعة ٠١:٠١ مساءً

اليمني خرج من اليمن في العقود السابقة -كان طالب أو مهاجر- لانه يريد ان يعود لها ناجح ومختصر لحياته. فهو ظل ينظر للاغتراب او موطن الهجرة كأنها الحياة الدنيا، فهي حياة قصيرة ليجمع المال، والعلم، والخبرة كزاد للحياة الاخرى. فمن هو في المملكة او الخليج تجده يحترق ويتعب، ولو لقيته فيها تعرف قسوة الحياة والاغتراب. لكن ذلك كله كان في فكره مرحلة لكي يبني بيت له او يساعد اهله، وحتى العطر والثياب الجديدة لايلبسها الا عن اهله في اليمن. 

اليمن للمغترب كانت الحياة الابدية اي النهاية له. هنا لم تستفيد اليمن من قوة المغترب وامكانيته المالية في العقود السابقة او تحاول ان توجه لتبني مشاريع كبيرة لها، وللمغترب ككتتاب فيستفيد المغترب، ويجد انه بذلك يؤمن مرتب المعاش مع تقدم السن. المغترب خسر واليمن خسرت هنا فرص فالحكومة والمغترب كانوا يعيشون بثقافة اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب.

لم يتغير تفكير اليمني المغترب الا بعد عام ٢٠١٥ عندما وجد انه الحياة الابدية تحولت لجحيم قلق، وقتل واحتراب وفقر، ومعاناة، وصار اليوم يفكر ان لاعودة وبالذات الطبقة القادرة ماليا والمتعلمة، لان الحياة الاخرى تبخرت من امامه بسبب الصراعات والامراض الاخرى. حصل انعكاس اخر وخطير، وهو بدأ مرحلة الاستيطان والبحث عن وطن بديل فخسرت اليمن مليارات الدولارات، التي يكتنزها المغترب، والسبب كما قلت ان المغترب ادرك انه ليس هناك حياة اخرى في اليمن له، في وقت هناك اوطان تنفتح امامه امام ماله وعلمه ان وجد. فعل سبيل السرد هنا ان كل من اعرف بعد ٢٠١٥ تملك بيوت وعقارات في الخارج وهي بمئات الالف من الدولارات، لانه لم يعد ينتظر لوطن يعود اليه وصار اليمني اليوم عكس الاجانب اكثر تمسك بالوطن الجديد. فالهندي هنا يتعب ويشقي ويتقشف  ليعيش أمير في بلده عندما يعود لها، فتشاهده بشكل اخر عندما يصل. والصيني ايضا، والبولندي والافريقي والتركي والكردي. 

احدكم سوف يقول وماهو المغزى من ذلك؟ والاجابة عندما نجد مشكلة مثل انقطاع المغترب عن وطنه، فالمفروض نصحى ونعقل ونعالج الوضع بسرعة لانها مشكلة تترك اثر كارثي خلفها. ولفهم انعكاس ذلك لدينا ليس اقل من ٥ مليون مغترب الان في الجيل الثاني يمتلكون ليس اقل من ١٠٠ مليار دولار بحكم ان كل شخص يمتلك متوسط ٢٠ الف دولار ، وهذا متوسط قليل جدا، لو استقطبنا منها فقط ٢٠ في المائة في مشاريع اكتتاب، يستفيد المغترب عائد مالي اضافي له، لدخل اليمن ٢٠ مليار دولار متوسط بسيط. ولدينا نخب وبرفيسورات لو اشتغلوا مثل الهنود والصينيون لنقلت المعرفة والخبرات، وعملنا تأهيل للبلد كلها وحولنها لورشة عمل؟ ولو قلنا فقط مليون مغترب رجع للاجازة في بلده وانفق فيها لشركات الطيران اليمني والاجازة فقط ٣ الف دولار لدخل لليمن ٣ مليار دولار من هذا البند سنويا. ولو فقط قلنا سوف نبني مدينة تشبه "العلمين" في المخا او المهرة بمواصفات حديثة فنحن نقدر نجمع للمشروع ٥٠ مليار دولار بمعدل ٥٠ الف دولار من كل مغترب من المليون شخص مقابل كل شخص يتملك شقة او ارض او ٢٥ مليار فقط لو ساهم ٥٠٠ الف شخص. 

لكن عدم وجود دولة لن نقنع شخص واحد يعود اليها. بوجود ثقافة المليشيات والتسلط سوف لن نقنع اي شخص بعمل شيء، ومن هو قادر في اليمن سوف يهرب منها. اليوم اليمن تحتاج فريق لقيادته يشتغل بافكار مبدعة خارج الصندوق، لانخجل بهم، ويكونوا اصحاب مشروع، وقيم ليتخندق الكل معهم. قوة اليمن اليوم هي المغترب، وامكانياته، فلو ظلت الحرب والصراع خسرنا المغترب لصالح البلد الجديد، وبذلك نقضي على احتمالات التنمية خطوة خطوة، لان الكل يدور فتات، ولانستوعب ان للتنمية والاقتصاد نحتاج استقرار ورجال قرار يؤمنون انهم قادرين على احداث فرق ولو في جزيرة واحدة ولم اقل اليمن كلها، وعلى قولة السفير الصيني: قال للاسف انتم في اليمن مثل التي تتسول وهي تحمل طبقاً من ذهب.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي