إذا كان لا " تـمـديد" فمــا هو "البديـل"!

د. علي العسلي
الأحد ، ٣١ يوليو ٢٠٢٢ الساعة ٠٧:١٤ مساءً

نأتي من الآخر.. أخر تصريح حوثي للقيادي (يوسف الفيشي)، والذي أكدّ أن لا تمديد للهدنة قبل انهاء الحصار بشكل كامل، براً وبحراً وجواً؛ وبديلهم جاهز ومعلوم ومعروف سترونه يوم الثاني من آب(أغسطس)؛ حياتهم ولغتهم وثقافتهم هي الحرب؛ وما الهدنة وتمديدها، وافقوا عليها شكلا لا مضمونا من أجل التزود لمجهودهم الحربي، فقد وفرت لهم ما يزيد عن (720) ألف طن متري من الوقود، أدخلت عبر (26) سفينة في المدة من 1ابريل ولغاية 21 يوليو؛ حيث يقدر العائدات من هذه السفن بما يزيد عن (90) مليار ريال.. هذا ويفرض الحوثيون بين الوقت والآخر "جرع" سعرية للمشتقّات النفطية، إذ فرضت مؤخّراً سعر 14 ألف ريال لدبّة البنزين (20 لتراً) و17.5 ألف ريال لدبّة الديزل.. وعمليا هم لم يتوقفوا عن الخروقات تقتل أبرياء مدنيين!

ولقد تابعتم وتابع العالم معكم استعراض الحوثين لتخريج دفع كثيرة مدربة؛ ولم يسلم منهم حتى الأطفال، إذ درّبوهم على القتال في مخيماتهم الصيفية؛ أي أن الحوثي اعتبر الهدنة استراحة محارب، ليعيد ترتيب صفوفه بعد انهاكها في جبهة مأرب، وليستفيد من الهدن في التحشيد وتحريك قطاته وقطعانه، بحرية دون خوف من نسور جو التحالف! وما انفجارات صنعاء الأخيرة في ورش الصواريخ البالستية إلا شاهد على نية العدوان عند الحوثي، لا الرغبة الصادقة في تجنيب اليمين من الهدنة مزيداً من إراقة الدماء! وفي المقابل...

المجلس الانتقالي الجنوبي يقول: أن الحديث عن تمديد الهدنة لا قيمة له في ظل استمرار مليشيات الحوثي بأعمالها العدائية ضد المدنيين العزل ورفضها فتح الممرات الإنسانية وفي ظل فشل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الضغط على تلك المليشيا لتنفيذ التزاماتها بموجب شروط أو بنود الهدنة.. كذلك مجلس القيادة الرئاسي ناقش مؤخرا في اجتماعه بعدن رسالة المبعوث الأممي إلى اليمن، السيد هانس غروندبرغ، بخصوص الهدنة والإطار المقترح لتمديدها، عقب انتهائها في الثاني من أغسطس/ آب المقبل. ناقشها ولم يصرح بفحوى الرسالة التي تلقاها من المبعوث أو على الأقل الموقف منها؛ مما يشير ربما إلى الامتعاض من طلب التمديد في ظل تنصل مليشيا الحوثي عن الوفاء بالتزاماتها واستمرار خروقاتها..

ولا تزال الضغوط مستمرة على مجلس القيادة الرئاسي من مختلف التكوينات والفعاليات المجتمعية بعدم القبول بأي هدنة جديدة، مالم يتم الوفاء ببنود الهدنة من قبل الحوثي، ولا سيما فتح الطرق الرئيسة (من وإلى تعز)؛ وفي نفس الوقت فإنه يتلقى ضغوطاً متزايدة من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن، ومبعوث الولايات المتحدة الامريكية والدول الكبرى على الرغم من إقرار المجتمع الدولي بعدم تنفيذ الحوثي لبنود الهدنة؛ إلى أنهم يطلبون من الحكومة الشرعية الموافقة على توسيع مدّتها مجدداً! ويبدوا أن الحكومة الشرعية تتعامل ايجاباً مع التمديد، إلا أن الحوثي لا شك سيفجر الحرب من جديد.. ترى كيف يمكن تفاديها أو ما هو البديل المحتمل؟! 

فمـــــــــــــــــــا هـــــــــو البديل؟

 البديل الأول هو ما هي قادمة عليه الحكومة الشرعية هو الموافقة على التمديد بفعل الضغوط الدولية، واحتمال ضعيف جدا أن يوافق الحوثي عليها ليستفيد من اختفاء الطلعات الجوية، لكنها على الأرض سيتمدد، والهدن وتمديداتها مع عدم احترام تنفيذها مضيعة للوقت وإفادة للحوثي وإنجاز ما للمبعوثين الأمريكي والاممي!

البديل الثاني المرغوب.. هو اتفاق الأطراف الدولية قبل اليمنية بإقامة سلام شامل؛ واجبار الأطراف اليمنية بالعودة إلى العملية والتسوية السياسية؛ وإن كانت الهدن تخدم تحقيق هذا الهدف وهناك ضمانات اممية ودولية على احترامها وتنفيذ بنودها، فلا بأس بالهدنة!؛ واهلاً وسهلاً بها، وبالقائمين والمنخرطين من أجلها! المرغوب والمؤمل هو إقامة سلام دائم وشامل في اليمن.. هذا ما يتمناه معظم اليمنين؛ بحيث يفضي إلى مشاركة سياسية واسعة وشاملة لكل مناطق اليمن؛ ليسهم الجميع بالمشاركة بالقرار وتحمل تبعاته، وينعمون بالثروة والسلطة جميعاً.. غير أن هذا البديل من تجربة السنين العجاف مع الحوثي، هو أمر في غاية الصعوبة بتحقيقه؛ والسبب أن القرار ليس بيد الحوثي، فالحوثي على شراكة به مع حزب الله اللبناني - الذي صرح بأنه معني باليمن وهو طرف فيه-، ومع إيران الدولة والمرجعية.. فلربما لو سويت ملفات المنطقة عندها فقط قد يجنح الحوثي لعقد سلام مع باقي الأطراف اليمنية..

وصدقوني أن صنع السلام مع مليشيات شيعية أمر مشكوك فيه.. واليكم الدليل!؛ ألا ترون الوضع في العراق؟ ومن قبله في لبنان؟ فأينما تواجدت مليشيات تدعي التشيع؛ وجد اللا دولة، واللا حكومة (طبيعي ترون فراغ حكومي ممتد لشهور وأحياناً لسنين)؛ بتواجدهم تعم الفوضى والسوق السوداء وتجارة الممنوعات والتهريب وما إلى ذلك!! البديل الثالث هو الحرب..  والحرب في ظل متغيرات عالمية تعيش وتقتات من حروب المنطقة فإن الخاسر الأكبر هم الشعب اليمني.. فهو يدفع مزيداً من الدماء واللا استقرار واللا دولة واللا تنمية!

 فمتى يعي بعض الوكلاء من أبناء جلدتنا؟ انصحهم الرجوع من التبعية لبعض دول الإقليم الى الانتماء للوطن وهويته اليمنية.. تعالوا لننتج معادلة سلام نفكك تعقيدات المشهد ونزيل ما علق بنسيجنا المجتمعي.. تعالوا نحلل المعطيات والمتغيرات بشكل واقعي دون الركون والاعتماد على قصص وأساطير وخزعبلات.. تعالوا نمنن كل المصطلحات والمفاهيم والمعتقدات.. تعالوا لنطوي صفحات الثأر والحقد والمعتقدات الباطلة المشوهة للتاريخ وللدين.. تعالوا واتركوا القتل والحقد والادعاء لنبني مجتمع مسلم خالي من الغلو ومتسامح مع الاخر؛ إن كان لديكم بقية عقل، وبقية منطق، وبقية من هويّة يمنية!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي